بَيْنَ بَعْضِ مَقْعَدِهِ وَمَقَرِّهِ تَجَافٍ كَمَا نَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ وَإِنْ اخْتَارَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَلَا تَمْكِينَ لِمَنْ نَامَ عَلَى قَفَاهُ مُلْصِقًا مَقْعَدَهُ بِمَقَرِّهِ.
(وَ) ثَالِثُهَا: (تَلَاقِي بَشَرَتَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى) وَلَوْ خَصِيًّا وَعِنِّينًا وَمَمْسُوحًا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَيِّتًا لَكِنْ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ؛ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [المائدة: ٦] أَيْ لَمَسْتُمْ كَمَا قُرِئَ بِهِ لَا جَامَعْتُمْ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ. وَاللَّمْسُ الْجَسُّ بِالْيَدِ وَبِغَيْرِهَا أَوْ الْجَسُّ بِالْيَدِ وَأُلْحِقَ غَيْرُهَا بِهَا وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْمَعْنَى فِي النَّقْضِ بِهِ أَنَّهُ مَظِنَّةُ التَّلَذُّذِ الْمُثِيرِ لِلشَّهْوَةِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ اللَّامِسُ وَالْمَلْمُوسُ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّعْبِيرُ بِالتَّلَاقِي لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي لَذَّةِ اللَّمْسِ كَالْمُشْتَرِكِينَ فِي لَذَّةِ الْجِمَاعِ سَوَاءٌ كَانَ التَّلَاقِي عَمْدًا أَمْ سَهْوًا بِشَهْوَةٍ أَوْ دُونِهَا بِعُضْوٍ سَلِيمٍ أَوْ أَشَلَّ أَصْلِيٍّ أَوْ زَائِدٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ غَيْرِهَا بِخِلَافِ النَّقْضِ بِمَسِّ الْفَرْجِ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْمَسَّ إنَّمَا يُثِيرُ الشَّهْوَةَ بِبَطْنِ الْكَفِّ، وَاللَّمْسُ يُثِيرُهَا بِهِ وَبِغَيْرِهِ وَالْبَشَرَةُ: ظَاهِرُ الْجِلْدِ وَفِي مَعْنَاهُ اللَّحْمُ كَلَحْمِ الْأَسْنَانِ، وَخَرَجَ بِهَا الْحَائِلُ وَلَوْ رَقِيقًا وَالشَّعْرُ وَالسِّنُّ وَالظُّفْرُ إذْ لَا يُلْتَذُّ بِلَمْسِهَا وَبِذَكَرٍ وَأُنْثَى الذَّكَرَانِ وَالْأُنْثَيَانِ وَالْخُنْثَيَانِ،
ــ
[حاشية البجيرمي]
شَخْصٌ لَا يَنْظُرُ إلَيْهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي ع ش وَيُحْتَمَلُ إذَا نَدَرَ خُرُوجُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْدُرْ ذَلِكَ بِأَنْ كَثُرَ خُرُوجُهُ فَيَضُرُّ نَوْمُهُ غَيْرَ مُمَكَّنٍ قَبْلَهُ إنْ تُصَوِّرَ لَهُ تَمْكِينٌ. اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ تَجَافٍ) أَيْ: تَبَاعُدٌ وَلَعَلَّ مُرَادَ الْأَوَّلِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا تَمْكِينَ لَهُ بِالتَّجَافِي مَا لَا يَمْنَعُ خُرُوجَ شَيْءٍ لَوْ خَرَجَ بِلَا إحْسَاسٍ عَادَةً م ر ز ي، وَمُرَادُ الثَّانِي مَا يَمْنَعُ خُرُوجَ شَيْءٍ بِلَا إحْسَاسٍ وَحِينَئِذٍ فَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ. (قَوْلُهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ) مُعْتَمَدٌ وَانْظُرْ لَوْ سَدَّ التَّجَافِي بِشَيْءٍ، وَنَامَ هَلْ يَنْقُضُ أَوْ لَا؟ مَالَ شَيْخُنَا ز ي لِلثَّانِي شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا تَمْكِينَ لِمَنْ نَامَ عَلَى قَفَاهُ) أَيْ: فَيَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ، وَإِنْ أَخْبَرَ مَعْصُومٌ بِعَدَمِ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ مِمَّا أُقِيمَتْ فِيهِ الْمَظِنَّةُ مَقَامَ الْيَقِينِ. ح ل
(قَوْلُهُ بَشَرَتَيْ ذَكَرٍ) أَيْ: وَلَوْ مِنْ الْجِنِّ إذَا تَحَقَّقَتْ الْأُنُوثَةُ أَوْ الذُّكُورَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الرَّجُلِ حَتَّى لَوْ تُصُوِّرَتْ عَلَى صُورَةِ كَلْبٍ مَثَلًا نَقَضَ لَمْسُهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِلَمْسِهَا لَهُ أَوْ بِنَحْوِ خُرُوجِ رِيحٍ مِنْهُ فِي حَالِ نَوْمِهِ مُتَمَكِّنًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ وَلَا يُقَالُ: الْأَصْلُ بَقَاءُ الطَّهَارَةِ فَلَا يَرْتَفِعُ بِالظَّنِّ، إذْ خَبَرُ الْعَدْلِ إنَّمَا يُفِيدُهُ فَقَطْ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا ظَنٌّ أَقَامَهُ الشَّارِعُ مَقَامَ الْعِلْمِ فِي تَنْجِيسِ الْمِيَاهِ وَغَيْرِهَا كَمَا يَأْتِي. اهـ شَرْحُ الْعُبَابِ لحج وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ فَلَا نَقْضَ بِإِخْبَارِ الْعَدْلِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ ع ش لِأَنَّ خَبَرَ الْعَدْلِ يُفِيدُ الظَّنَّ وَلَا يَرْتَفِعُ يَقِينُ طُهْرٍ أَوْ حَدَثٍ بِظَنٍّ ضِدِّهِ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ مَا إذَا أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِخُرُوجِ رِيحٍ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْ: حَالَةِ نَوْمِهِ مُتَمَكِّنًا فَإِنَّهُ يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ لِأَنَّ خَبَرَهُ يُفِيدُ الْيَقِينَ، وَلَوْ تَوَلَّدَ شَخْصٌ بَيْنَ آدَمِيٍّ وَبَهِيمَةٍ لَمْ يَنْقُضْ لَمْسُهُ عَلَى مَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ. اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ لَا جَامَعْتُمْ) رَدٌّ عَلَى الْحَنَفِيِّ الْمُفَسِّرِ لَهُ بِذَلِكَ قَالَ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ: وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ الْمُلَامَسَةَ حَقِيقَةٌ فِي تَمَاسِّ الْبَدَنَيْنِ بِشَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالْيَدِ، وَعَلَى هَذَا فَالْجِمَاعُ مِنْ أَفْرَادِ مُسَمَّى الْحَقِيقَةِ، فَيَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ حَقِيقَةً شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ الْمُثِيرُ لِلشَّهْوَةِ) أَيْ: الَّتِي لَا تَلِيقُ بِالْمُتَطَهِّرِ س ل فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ غَايَةَ الْإِثَارَةِ خُرُوجُ الْمَنِيِّ وَهُوَ غَيْرُ نَاقِضٍ، وَأَيْضًا الْإِثَارَةُ قَدْ تُوجَدُ فِي النَّظَرِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ. (قَوْلُهُ عَمْدًا أَمْ سَهْوًا) فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ رَدٌّ عَلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ الْمُفَصِّلِ. (قَوْلُهُ إنَّمَا يُثِيرُ الشَّهْوَةَ بِبَطْنِ الْكَفِّ) أَيْ: شَأْنُهُ ذَلِكَ ح ل لِأَنَّ اللَّمْسَ يُخَالِفُ الْمَسَّ فِي سِتِّ صُوَرٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ اللَّمْسَ لَا يَكُونُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَالْمَسَّ قَدْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا وَقَدْ يَكُونُ مِنْ الشَّخْصِ نَفْسِهِ إذَا مَسَّ فَرْجَهُ. الثَّانِيَةُ: أَنَّ اللَّمْسَ شَرْطُهُ اخْتِلَافُ النَّوْعِ فَلَا يَكُونُ إلَّا بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَأَمَّا الْمَسُّ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ اخْتِلَافُ النَّوْعِ فَيَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّ اللَّمْسَ يَكُونُ بِأَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ الْبَشَرَةِ، وَالْمَسَّ يَخْتَصُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ. الرَّابِعَةُ: انْتِقَاضُ وُضُوءِ اللَّامِسِ وَالْمَلْمُوسِ وَفِي الْمَسِّ انْتِقَاضُ وُضُوءِ الْمَاسِّ فَقَطْ. وَالْخَامِسَةُ: لَمْسُ الْمُحَرَّمِ لَا يَنْقُضُ وَمَسُّ فَرْجِهِ نَاقِضٌ. السَّادِسَةُ: لَمْسُ الْعُضْوِ الْمُبَانِ مِنْ الْمَرْأَةِ لَا يَنْقُضُ أَيْ: إذَا كَانَ غَيْرَ الْفَرْجِ، وَمَسُّ الذَّكَرِ الْمُبَانِ نَاقِضٌ. اهـ إطْفِيحِيٌّ (قَوْلُهُ ظَاهِرُ الْجِلْدِ) تَقَدَّمَ عَنْ الْأَنْوَارِ أَنَّ الْبَشَرَةَ هُنَا مَا عَدَا السِّنَّ وَالشَّعْرَ وَالظُّفْرَ أَيْ: مِنْ الظَّاهِرِ، وَلَوْ نَزَعَ جِلْدَهُ وَحْشِيٌّ فَوَاضِحٌ عَدَمُ النَّقْضِ بِهِ ح ل.
(قَوْلُهُ كَلَحْمِ الْأَسْنَانِ) وَاللِّسَانِ وَالْعَيْنِ خِلَافًا لحج شَوْبَرِيٌّ وَالْعَظْمُ الَّذِي وَضَحَ بِالْكَشْطِ يَنْقُضُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. ز ي (قَوْلُهُ الْحَائِلُ) مِنْ الْحَائِلِ مَا تَجَمَّدَ مِنْ غُبَارٍ يُمْكِنُ فَصْلُهُ مِنْ غَيْرِ خَشْيَةِ مُبِيحِ تَيَمُّمٍ لِوُجُوبِ إزَالَتِهِ لَا مِنْ نَحْوِ عَرَقٍ حَتَّى صَارَ كَالْجُزْءِ مِنْ الْجِلْدِ. س ل (قَوْلُهُ وَالظُّفْرُ) بِضَمِّ الظَّاءِ مَعَ سُكُونِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا مَعَ إسْكَانِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا وَأُظْفُورٌ كَعُصْفُورٍ وَيُجْمَعُ عَلَى أَظَافِيرَ وَأَظْفَارٍ. (فَائِدَةٌ)
الْأَظَافِرُ حُلَّةٌ مِنْ نُورٍ كَانَتْ تَحْتَ حُلَلِ آدَمَ الْحَرِيرُ فِي الْجَنَّةِ فَلَمَّا أَكَلَ مِنْ الشَّجَرَةِ تَطَايَرَ عَنْهُ لِبَاسُ الْجَنَّةِ، وَبَقِيَتْ حُلَّةُ النُّورِ فَانْقَضَتْ مِنْ وَسَطِهَا، وَتَقَلَّصَتْ وَانْعَقَدَتْ عَلَى رُءُوسِ الْأَصَابِعِ وَصَارَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute