للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» أَيْ ذَكِّرُوا مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِمَا يَصِيرُ إلَيْهِ، وَرَوَى الْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» (بِلَا إلْحَاحٍ) عَلَيْهِ لِئَلَّا يَضْجَرَ، وَلَا يُقَالُ لَهُ: قُلْ بَلْ يَتَشَهَّدُ عِنْدَهُ وَلْيَكُنْ غَيْرَ مُتَّهَمٍ كَحَاسِدٍ وَعَدُوٍّ وَوَارِثٍ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ غَيْرُهُمْ لَقَّنَهُ مَنْ حَضَرَ مِنْهُمْ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ حَضَرَ الْجَمِيعُ لَقَّنَ الْوَارِثُ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ وَرَثَةٌ لَقَّنَهُ أَشْفَقَهُمْ عَلَيْهِ وَإِذَا قَالَهَا مَرَّةً لَا تُعَادُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بَعْدَهَا.

(ثُمَّ يُوَجَّهُ) إلَى الْقِبْلَةِ بِاضْطِجَاعٍ (لِجَنْبٍ أَيْمَنَ) فَإِنْ تَعَذَّرَ (فَ) لِجَنْبٍ (أَيْسَرَ) كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي التَّوَجُّهِ مِنْ اسْتِلْقَائِهِ وَذِكْرُ الْأَيْسَرِ مِنْ زِيَادَتِي (فَ) إنْ تَعَذَّرَ وُجِّهَ بِ (اسْتِلْقَاءٍ) بِأَنْ يُلْقَى عَلَى قَفَاهُ وَوَجْهِهِ وَأَخْمَصَاهُ لِلْقِبْلَةِ بِأَنْ يُرْفَعَ رَأْسُهُ قَلِيلًا وَالْأَخْمَصَانِ هُنَا هُمَا أَسْفَلُ الرِّجْلَيْنِ وَحَقِيقَتُهُمَا الْمُنْخَفِضُ مِنْ أَسْفَلِهِمَا وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ التَّلْقِينِ، وَالتَّوْجِيهِ مِنْ زِيَادَتِي وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ التَّاجُ ابْنُ الْفِرْكَاحِ إنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ فُعِلَا مَعًا وَإِلَّا بُدِئَ بِالتَّلْقِينِ (وَ) أَنْ (يَقْرَأَ عِنْدَهُ) سُورَةَ (يس) لِخَبَرِ: «اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ يس» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ، وَالْحِكْمَةُ فِي قِرَاءَتِهَا أَنَّ أَحْوَالَ الْقِيَامَةِ وَالْبَعْثِ مَذْكُورَةٌ فِيهَا فَإِذَا قُرِئَتْ عِنْدَهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَفَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَعَدَمِ نَدْبِ تَلْقِينِهِ بَعْدَ الدَّفْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا

لِلْمَصْلَحَةِ

وَهُوَ دُخُولُ الْجَنَّةِ مَعَ السَّابِقِينَ وَثَمَّ لِئَلَّا يُفْتَنَ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ وَهَذَا لَا يُفْتَنُ. (قَوْلُهُ: أَيْ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) وَلَا تُسَنُّ زِيَادَةُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ كَانَ كَافِرًا وَجَبَ تَلْقِينُهُ لَفْظَ الشَّهَادَتَيْنِ وَأَمْرُهُ بِهِ حَيْثُ رُجِيَ إسْلَامُهُ وَإِلَّا نُدِبَ ذَلِكَ ح ل وَقَوْلُهُ: وَلَا تُسَنُّ زِيَادَةُ مُحَمَّدٌ إلَخْ أَيْ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ أَنْ لَا يَأْتِيَ بَعْدَهَا بِكَلَامٍ أَصْلًا وَلَوْ قُرْآنًا وَذِكْرًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف لَكِنْ قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَلَا يَضُرُّ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ لِأَنَّهَا مِنْ تَمَامِهَا وَإِنْ كَانَتْ لَا تُسَنُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا قَالَهُ م ر، وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ وَشَرْحِ م ر: وَنَقَلَ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُلَقَّنُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَيْضًا قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ أَيْ: فَلَا تُسَنُّ زِيَادَةُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَقَوْلُ الطَّبَرِيِّ كَجَمْعٍ: إنَّ زِيَادَتَهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَوْتُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ هَذَا مُسْلِمٌ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ بَابِ إلَخْ) الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ وَقَوْلُهُ: بِمَا يَصِيرُ إلَخْ أَيْ: فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ) بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْأَوَّلُ أَفْصَحُ أَيْ: وَلَوْ النَّفْسِيَّ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ اسْتَحْضَرَ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْخَادِمِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْإِيعَابِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ. (قَوْلُهُ: دَخَلَ الْجَنَّةَ) أَيْ: مَعَ الْفَائِزِينَ وَإِلَّا فَكُلُّ مُسْلِمٍ وَلَوْ فَاسِقًا يَدْخُلُهَا وَلَوْ بَعْدَ عَذَابٍ وَإِنْ طَالَ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَضْجَرَ) الضَّجَرُ الْقَلَقُ مِنْ الْغَمِّ وَبَابُهُ طَرِبَ اهـ مُخْتَارٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَالُ) أَيْ: يُكْرَهُ ذَلِكَ ع ش (قَوْلُهُ: بَلْ يَتَشَهَّدُ عِنْدَهُ) أَيْ: يُقَالُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَلَا يُقَالُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَّا إنْ كَانَ كَافِرًا وَرُجِيَ إسْلَامُهُ ح ف. (قَوْلُهُ: وَلْيَكُنْ) أَيْ: الْمُلَقِّنُ أَيْ: يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَوَارِثٍ) لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ فَقِيرًا لَا شَيْءَ لَهُ فَالْوَجْهُ أَنَّ الْوَارِثَ كَغَيْرِهِ فِي أَنَّهُ يُلَقِّنُهُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ غَيْرُهُمْ) أَيْ: غَيْرُ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ وَقَوْلُهُ: لَقَّنَهُ مَنْ حَضَرَ مِنْهُمْ أَيْ: وَإِنْ اتَّهَمَهُ الْمَيِّتُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: أَشْفَقُهُمْ) إنْ وُجِدَ وَإِلَّا تُرِكَ ق ل (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بَعْدَهَا) وَلَوْ بِذِكْرٍ وَنَحْوِهِ كَمُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، أَوْ بِكَلَامٍ نَفْسِيٍّ دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ أَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَلِيٌّ اهـ خَادِمٌ شَوْبَرِيٌّ ح ل وَح ف (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُوَجَّهُ بِاضْطِجَاعٍ) أَيْ: نَدْبًا (قَوْلُهُ: لِجَنْبٍ) اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ) أَيْ: تَعَسَّرَ لِضِيقِ مَكَان أَوْ نَحْوِهِ كَعِلَّةٍ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَأَخْمَصَاهُ لِلْقِبْلَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا وَضَمِّهَا وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْإِيعَابِ أَنَّهُ بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ أَيْضًا ع ش.

(قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ فُعِلَا) أَيْ: التَّلْقِينُ وَالتَّوْجِيهُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُقْرَأَ عِنْدَهُ يس) أَيْ: بِتَمَامِهَا. رَوَى الْحَارِثُ بْنُ أُسَامَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَرَأَهَا وَهُوَ خَائِفٌ أَمِنَ أَوْ جَائِعٌ شَبِعَ أَوْ عَطْشَانُ سُقِيَ أَوْ عَارٍ كُسِيَ أَوْ مَرِيضٌ شُفِيَ» دَمِيرِيٌّ وَصَحَّ فِي حَدِيثٍ غَرِيبٍ «مَا مِنْ مَرِيضٍ يُقْرَأُ عَلَيْهِ يس إلَّا مَاتَ رَيَّانَ وَأُدْخِلَ قَبْرَهُ رَيَّانَ» ع ش عَلَى م ر وَيُنْدَبُ قِرَاءَةُ الرَّعْدِ عِنْدَهُ لِأَنَّهَا تُسَهِّلُ طُلُوعَ الرُّوحِ وَالْمُرَادُ أَنْ يَقْرَأَهَا بِتَمَامِهَا إنْ اتَّفَقَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَمَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنْهَا وَلَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهُمَا فَهَلْ يُقَدِّمُ يس لِصِحَّةِ حَدِيثِهَا أَوْ الرَّعْدَ فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِمُرَاعَاةِ حَالِ الْمُحْتَضَرِ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ شُعُورٌ وَتَذَكُّرٌ لِلْقَبْرِ وَالْبَعْثِ قَرَأَ سُورَةَ يس وَإِلَّا قَرَأَ سُورَةَ الرَّعْدِ ع ش عَلَى م ر، وَيُجَرَّعُ الْمَاءَ نَدْبًا بَلْ وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ إنْ ظَهَرَتْ أَمَارَةٌ تَدُلُّ عَلَى احْتِيَاجِهِ لَهُ كَأَنْ يَهَشَّ إذَا فُعِلَ بِهِ وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِيهِ بِمَاءٍ وَيَقُولُ لَهُ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا حَتَّى أَسْقِيَك فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ مَاتَ عَلَى غَيْرِ إيمَانٍ. اهـ. حَجّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ) أَيْ: لِأَنَّ عَلَى تُشْعِرُ بِإِصْغَائِهِ وَسَمَاعِهِ وَالْمَيِّتُ لَا يَسْمَعُ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْمَيِّتِ فِي الْخَبَرِ حَقِيقَتَهُ لَقَالَ: عِنْدَهُ بَدَلَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ هَذَا مُرَادُهُ، وَفِيهِ أَنَّ الْمَيِّتَ يَسْمَعُ كَالْحَيِّ فَيَحْسُنُ أَنْ يُقْرَأَ عَلَيْهِ فَالْأَوْلَى إبْقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ اهـ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ ح ل؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ خِلَافًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>