للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلِزَوْجَةٍ) غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ (غَسْلُ زَوْجِهَا) وَلَوْ نَكَحَتْ غَيْرَهُ بِخِلَافِ الْأَمَةِ لَا تُغَسِّلُ سَيِّدَهَا لِانْتِقَالِهَا عَنْهُ، وَالزَّوْجِيَّةُ لَا تَنْقَطِعُ حُقُوقُهَا بِالْمَوْتِ بِدَلِيلِ التَّوَارُثِ وَقَدْ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ لَوْ مِتَّ قَبْلِي لَغَسَّلْتُك وَكَفَّنْتُك» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غَسَّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا نِسَاؤُهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (بِلَا مَسٍّ) مِنْهَا لَهُ وَلَا مِنْ الزَّوْجِ أَوْ السَّيِّدِ لَهَا كَأَنْ كَانَ الْغُسْلُ مِنْ كُلٍّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَزَوْجَتِهِ وَالسَّيِّدِ وَأَمَتِهِ حِلُّ الْبِضْعِ قَبْلَ الْمَوْتِ لِأَحَدِهِمَا إلَّا فِي أَمَتِهِ الْمُكَاتَبَةِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَرْتَفِعُ بِالْمَوْتِ كَمَا فِي ق ل (قَوْلُهُ: وَلِزَوْجَةٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ أَنَّهَا لَا حَقَّ لَهَا فِي وِلَايَةِ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْجَوَازِ ع ش عَلَى م ر فَبَطَلَ تَقْيِيدُ الشَّوْبَرِيِّ الزَّوْجَةَ بِالْحُرَّةِ قَالَ: لِبُعْدِ مَنْصِبِ الْأَمَةِ عَنْ الْوِلَايَاتِ. (قَوْلُهُ: غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ) أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَا تُغَسِّلُ زَوْجَهَا؛ لِحُرْمَةِ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ كَالزَّوْجَةِ فِي النَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا، وَأَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ بِالرَّجْعِيَّةِ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ شُبْهَةٍ فَلَا تُغَسِّلُ زَوْجَهَا وَلَا عَكْسُهُ كَمَا لَا يُغَسِّلُ أَمَتَهُ الْمُعْتَدَّةَ وَفَارَقَتْ الْمُكَاتَبَةَ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي جَوَازِ النَّظَرِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ بِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا تَعَلَّقَ بِأَجْنَبِيٍّ بِخِلَافِهِ فِي الْمُكَاتَبَةُ فَانْدَفَعَ رَدُّ الزَّرْكَشِيّ لَهُ بِقِيَاسِهَا عَلَيْهَا شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَحَتْ غَيْرَهُ) بِأَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا عَقِبَ مَوْتِ الزَّوْجِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فَلَهَا أَنْ تُغَسِّلَ زَوْجَهَا لِبَقَاءِ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ ز ي وَلِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لَهَا فَلَا يَسْقُطُ كَالْإِرْثِ (قَوْلُهُ: لِانْتِقَالِهَا عَنْهُ) أَيْ: إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ إلَى الْحُرِّيَّةِ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ عَنْهُ لِلْحُرِّيَّةِ ح ل. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ التَّوَارُثِ) أَيْ: فِي الْجُمْلَةِ لِتَدْخُلَ الذِّمِّيَّةُ فَإِنَّهَا تُغَسِّلُ زَوْجَهَا الْمُسْلِمَ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ م ر فِي شَرْحِهِ وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يُغَسِّلُ مُسْلِمًا أَنَّ الذِّمِّيَّةَ لَا تُغَسِّلُ زَوْجَهَا الْمُسْلِمَ اهـ أَيْ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا بِحَيْثُ تُقَدَّمُ بِهِ عَلَى غَيْرِهَا أَيْ: فَغَيْرُهَا أَوْلَى مِنْهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ أَوْلَوِيَّةِ غَيْرِهَا عَدَمُ الْجَوَازِ لَهَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَصَحَّ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَا ضَرَّكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي لَغَسَّلْتُك وَكَفَّنْتُك وَصَلَّيْت عَلَيْك وَدَفَنْتُك» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَتِمَّةُ الْخَبَرِ إذًا كُنْت تُصْبِحُ عَرُوسًا أَيْ: قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ إذَا مِتَّ تَزَوَّجْتَ غَيْرِي وَهَذَا دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَلَهُ غُسْلَ حَلِيلَتِهِ وَمَا بَعْدَهُ لِقَوْلِهِ وَلَهَا إلَخْ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَوْ مِتَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يُغَسِّلُ عَائِشَةَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمُوتُ قَبْلَهُ لِأَنَّ لَوْ حَرْفُ امْتِنَاعٍ لِامْتِنَاعٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَتْ عَائِشَةُ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مُطْلَقِ الْجَوَازِ وَإِلَّا فَهِيَ لَوْ أَدْرَكَتْ غُسْلَهُ لَمْ تُمَكَّنْ مِنْهُ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مُؤَخَّرَةٌ عَنْ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ كَمَا يَأْتِي إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهَا بِقَوْلِهَا إلَّا نِسَاؤُهُ بَعْدَ اسْتِئْذَانِ رِجَالِ الْعَصَبَةِ أَوْ أَنَّهَا قَالَتْ هَذَا بِحَسَبِ اجْتِهَادِهَا، وَانْظُرْ هَلْ يَرِدُ أَنَّ هَذَا قَوْلُ صَحَابِيٍّ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ اشْتَهَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فَهُوَ حِينَئِذٍ يُسْتَدَلُّ بِهِ لِكَوْنِهِ صَارَ إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا ع ش مَعَ زِيَادَةٍ لِشَيْخِنَا. (قَوْلُهُ: لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي إلَخْ) أَيْ: لَوْ ظَهَرَ لَهَا قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ وَقْتَ غُسْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا غَسَّلَهُ إلَّا نِسَاؤُهُ لِمَصْلَحَتِهِنَّ بِالْقِيَامِ بِهَذَا الْغَرَضِ الْعَظِيمِ؛ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْصَى بِأَنْ تُغَسِّلَهُ زَوْجَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فَفَعَلَتْ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ ح ل. وَقَوْلُهُ: مَا اسْتَدْبَرْت أَيْ: مِنْ مَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ مَوْتِهِ تَرَى مَنْعَ الْغُسْلِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهَا جَوَازُهُ فَقَالَتْ: لَوْ اسْتَقْبَلْت مَوْتَهُ بَعْدَمَا ظَهَرَ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت مِنْ مَوْتِهِ أَيْ: لَوْ حَصَلَ الْمَوْتُ الْمُسْتَدْبَرُ أَيْ: الَّذِي وَقَعَ فِي الْمَاضِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَيْ: بَعْدَمَا ظَهَرَ لَهَا مِنْ أَنَّ لِلْمَرْأَةِ غُسْلَ زَوْجِهَا مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ شَوْبَرِيٌّ بِإِيضَاحٍ وَزِيَادَةٍ قَرَّرَهُ ح ف، وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ لَوْ اسْتَقْبَلْت إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ قَلْبًا وَالْأَصْلَ لَوْ اسْتَدْبَرْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَقْبَلْت أَيْ: مَا ظَهَرَ لِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ عِلْمِي جَوَازَ غُسْلِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا أَيْ: لَوْ حَصَلَ لِي هَذَا الْعِلْمُ فِي الْمُسْتَدْبَرِ أَيْ: الْمَاضِي وَهُوَ وَقْتُ مَوْتِ النَّبِيِّ فَمَا وَاقِعَةٌ عَلَى الْعِلْمِ وَمِنْ أَمْرِي بَيَانٌ لِمَا وَإِضَافَتُهُ لِلْعَهْدِ اهـ وَهُوَ عِلْمُهَا الْمَذْكُورُ وَعَلَى كَلَامِ الشَّوْبَرِيِّ تَكُونُ مَا وَاقِعَةً عَلَى مَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا قَلْبَ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: بِلَا مَسٍّ) أَيْ: نَدْبًا فِي الشِّقَّيْنِ حَتَّى فِي الْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ جَوَازُ النَّظَرِ لِلْحَلِيلَةِ وَالْحَلِيلِ بَعْدَ الْمَوْتِ حَتَّى لِعَوْرَتِهِ وَكَذَا يَجُوزُ الْمَسُّ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالنَّدْبُ يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ لِئَلَّا يُنْتَقَضَ وُضُوءُهُ أَيْ: وَالْمَطْلُوبُ مِنْ الْغَاسِلِ أَنْ يَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ شَيْخُنَا. وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: بِلَا مَسٍّ أَيْ: نَدْبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَهُ فِي الْإِيعَابِ وَقَدْ وَافَقَ م ر عَلَى جَوَازِ كُلٍّ مِنْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>