للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَتَأَخَّرَ آخَرَانِ) يَحْمِلَانِ كَذَلِكَ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمَلَ جِنَازَةَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ» (وَلَا يَحْمِلُهَا) وَلَوْ أُنْثَى (إلَّا رِجَالٌ) لِضَعْفِ النِّسَاءِ عَنْ حَمْلِهَا غَالِبًا وَقَدْ يَنْكَشِفُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ لَوْ حَمَلْنَ فَيُكْرَهُ لَهُنَّ حَمْلُهَا وَفِي مَعْنَاهُنَّ الْخَنَاثَى فِيمَا يَظْهَرُ.

(وَحَرُمَ حَمْلُهَا بِهَيْئَةٍ مُزْرِيَةٍ) كَحَمْلِهَا فِي غِرَارَةٍ أَوْ قُفَّةٍ (أَوْ) هَيْئَةٍ (يُخَافُ مِنْهَا سُقُوطُهَا) بَلْ تُحْمَلُ عَلَى سَرِيرٍ أَوْ لَوْحٍ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ قَبْلَ حُصُولِ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْأَيْدِي وَالرِّقَابِ

(وَالْمَشْيُ وَبِأَمَامِهَا وَقُرْبِهَا) بِحَيْثُ لَوْ الْتَفَتَ لَرَآهَا (أَفْضَلُ) مِنْ الرُّكُوبِ مُطْلَقًا، وَمِنْ الْمَشْيِ بِغَيْرِ أَمَامِهَا وَبِبَعْدِهَا رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ «رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ» وَرَوَى الْحَاكِمُ خَبَرَ: «الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَالْمَاشِي عَنْ يَمِينِهَا وَشِمَالِهَا قَرِيبًا مِنْهَا، وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ» ، وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَفِي الْمَجْمُوعِ يُكْرَهُ الرُّكُوبُ فِي الذَّهَابِ مَعَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَالْوَاوُ فِي وَبِأَمَامِهَا وَقُرْبِهَا مِنْ زِيَادَتِي.

(وَسُنَّ إسْرَاعٌ بِهَا) لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ: «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ»

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْيَمِينِ وَالْآخَرُ جِهَةَ الشِّمَالِ فَيَحْصُلُ ضَرَرٌ لِلْمَيِّتِ.

(قَوْلُهُ: رَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمَلَ جِنَازَةَ إلَخْ) الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاشَرَ حَمْلَهَا وَلَا مَانِعَ مِنْهُ وَيَجُوزُ أَنَّهُ أَمَرَ بِحَمْلِهَا فَنُسِبَ إلَيْهِ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف الثَّانِيَ، وَقَالَ: لَمْ يَثْبُتْ مُبَاشَرَتُهُ لِحَمْلِهَا بِحَدِيثٍ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ) الَّذِي اهْتَزَّ عَرْشُ اللَّهِ لِمَوْتِهِ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ:

وَمَا اهْتَزَّ عَرْشُ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ هَالِكِ ... سَمِعْنَا بِهِ إلَّا لِسَعْدٍ أَبِي عَمْرِو

وَفِي الْحَدِيثِ «أَنَّهُ شَيَّعَ جِنَازَتَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَنْجُ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ» كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْمِلُهَا إلَّا رِجَالٌ) أَيْ: نَدْبًا كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ لَهُنَّ حَمْلُهَا ح ل (قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ لَهُنَّ حَمْلُهَا) فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُنَّ تَعَيَّنَ حَمْلُهُنَّ م ر.

(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ حَمْلُهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِلذِّمِّيِّ وَجَزَمَ بِهِ سم (فَائِدَةٌ) .

سُئِلَ أَبُو عَلِيٍّ النَّجَّارُ عَنْ وُقُوفِ الْجِنَازَةِ وَرُجُوعِهَا فَقَالَ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَتَى كَثُرَتْ الْمَلَائِكَةُ بَيْنَ يَدَيْهَا رَجَعَتْ أَوْ وَقَفَتْ وَمَتَى كَثُرَتْ خَلْفَهَا أَسْرَعَتْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلَوْمِ النَّفْسِ لِلْجَسَدِ وَلَوْمِ الْجَسَدِ لِلنَّفْسِ يَخْتَلِفُ حَالُهَا تَارَةً تَتَقَدَّمُ وَتَارَةً تَتَأَخَّرُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَقَاؤُهَا فِي حَالِ رُجُوعِهَا لِيُتِمَّ أَجَلَ بَقَائِهَا فِي الدُّنْيَا. وَسُئِلَ عَنْ خِفَّةِ الْجِنَازَةِ وَثِقَلِهَا فَقَالَ: إنْ خَفَّتْ فَصَاحِبُهَا شَهِيدٌ لِأَنَّ الشَّهِيدَ حَيٌّ وَالْحَيَّ أَخَفُّ مِنْ الْمَيِّتِ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} [آل عمران: ١٦٩] الْآيَةَ ع ش عَلَى م ر. وَفِيهِ أَنَّ الْآيَةَ فِي شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ وَالْجَوَابَ عَامٌّ اهـ اط ف.

(قَوْلُهُ: وَبِأَمَامِهَا) وَلَوْ لِلرَّاكِبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ شَافِعٌ وَحَقُّ الشَّافِعِ التَّقَدُّمُ وَأَمَّا خَبَرُ «امْشُوا خَلْفَ الْجِنَازَةِ» فَضَعِيفٌ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَوْ الْتَفَتَ لَرَآهَا) أَيْ: رُؤْيَةً كَامِلَةً قَالَ: حَجّ وَضَابِطُهُ أَنْ لَا يَبْعُدَ عَنْهَا بُعْدًا يَقْطَعُ عُرْفًا نِسْبَتَهُ إلَيْهَا. وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ الرُّكُوبُ أَمَامَهَا مَعَ الْقُرْبِ وَالْمَشْيِ أَمَامَهَا مَعَ الْبُعْدِ هَلْ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ الرُّكُوبِ. (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ الرُّكُوبِ) بَلْ يُكْرَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَضَعْفٍ وَهَلْ مُجَرَّدُ الْمَنْصِبِ هُنَا عُذْرٌ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ أَوْ يُفَرَّقُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْفَرْقُ أَوْجَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ يَعُدُّونَ الْمَشْيَ هُنَا حَتَّى مِنْ ذَوِي الْمَنَاصِبِ تَوَاضُعًا وَامْتِثَالًا لِلسُّنَّةِ فَلَا تَنْخَرِمُ بِهِ مُرُوءَتُهُمْ بَلْ تَزِيدُ وَلَا كَذَلِكَ الْمَشْيُ لِرَدِّ الْمَبِيعِ حَجّ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: خَلْفَهَا وَأَمَامَهَا وَلَوْ مَشَى خَلْفَهَا حَصَلَ فَضِيلَةُ أَصْلِ الْمُتَابَعَةِ دُونَ كَمَالِهَا (قَوْلُهُ: وَرَوَى الْحَاكِمُ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى الْمَفْهُومِ الَّذِي أَفْهَمَهُ الْمَتْنُ مِنْ الرُّكُوبِ مُطْلَقًا وَمِنْ الْمَشْيِ بِغَيْرِ أَمَامِهَا بَيَّنَ بِهِ أَنَّ الرَّاكِبَ يَسِيرُ خَلْفَهَا اط ف. (قَوْلُهُ: وَالْمَاشِي عَنْ يَمِينِهَا وَشِمَالِهَا إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ فَإِنَّ الْمُدَّعَى كَوْنُ الْمَشْيِ أَمَامَهَا وَقُرْبَهَا وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى الْمَشْيِ عَنْ يَمِينِهَا وَشِمَالِهَا فَلَا مُطَابَقَةَ بَيْنَ الدَّلِيلِ وَالْمُدَّعَى إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْأَمَامِ مَا لَيْسَ بِخَلْفٍ فَيَشْمَلُ يَمِينَهَا وَشِمَالَهَا عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ إنَّمَا هُوَ الِاسْتِدْلَال عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْقُرْبِ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ دَلَّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْمَشْيِ وَكَوْنِهِ أَمَامَهَا، وَأَجَابَ شَيْخُنَا ح ف بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ دَلَّ عَلَى الْمَفْضُولِ وَهُوَ كَوْنُهُ عَنْ يَمِينِهَا أَوْ شِمَالِهَا كَمَا دَلَّ الْأَوَّلُ عَلَى الْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ: وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ) ذَكَرَهُ لِكَوْنِهِ مِنْ تَمَامِ الْحَدِيثِ وَإِلَّا فَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِمَا نَحْنُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَجْمُوعِ يُكْرَهُ الرُّكُوبُ فِي الذَّهَابِ إلَخْ) أَيْ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى أُنَاسًا رَاكِبِينَ فِي جِنَازَةٍ فَقَالَ: أَفَلَا تَسْتَحْيُونَ أَنَّ مَلَائِكَةَ اللَّهِ عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَأَنْتُمْ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ» شَرْحُ م ر، وَكَلَامُ الْمَتْنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ خِلَافُ الْأَفْضَلِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَالْوَاوُ فِي وَبِأَمَامِهَا إلَخْ) أَيْ: لِإِفَادَتِهَا أَنَّ كُلًّا سُنَّةٌ، وَالْحَاصِلُ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَشْيَ وَلَوْ خَلْفَهَا أَوْ بَعِيدًا أَفْضَلُ مِنْ الرُّكُوبِ وَلَوْ أَمَامَهَا أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، وَأَنَّهُ أَمَامَهَا أَفْضَلُ مِنْهُ خَلْفَهَا وَأَنَّهُ بِالْقُرْبِ مِنْهَا أَفْضَلُ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ وُقُوعِ التَّعَارُضِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ فَتَأَمَّلْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: عَنْ رِقَابِكُمْ) مَعْنَاهُ أَنَّهَا بَعِيدَةٌ عَنْ الرَّحْمَةِ فَلَا مَصْلَحَةَ لَكُمْ فِي مُصَاحَبَتِهَا وَمِنْهُ يُؤْخَذُ تَرْكُ صُحْبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>