للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذْ لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِذَلِكَ وَعُورِضَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ مُحَرَّمَةٌ، وَلَا يَتِمُّ تَرْكُ الْمُحَرَّمِ إلَّا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَتْ عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلِي كَالْأَصْلِ (وَيُصَلِّي عَلَى الْجَمِيعِ وَهُوَ أَفْضَلُ أَوْ عَلَى وَاحِدٍ فَوَاحِدٍ بِقَصْدِ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْكَيْفِيَّتَيْنِ وَيُغْتَفَرُ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ (وَيَقُولُ) فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِ مِنْهُمْ) فِي الْكَيْفِيَّةِ الْأُولَى (أَوْ) يَقُولُ فِيهِ اللَّهُمَّ (اغْفِرْ لَهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا) فِي الثَّانِيَةِ وَالدُّعَاءُ الْمَذْكُورُ فِي الْأُولَى مِنْ زِيَادَتِي، وَقَوْلِي وَلَوْ اخْتَلَطَ إلَى الْآخِرِ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ.

(وَتُسَنُّ) أَيْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ (بِمَسْجِدٍ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِيهِ عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ وَأَخِيهِ سَهْلٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِدُونِ تَسْمِيَةِ الْأَخِ (وَبِثَلَاثَةِ صُفُوفٍ فَأَكْثَرَ) لِخَبَرِ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ إلَّا غُفِرَ لَهُ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (وَ) يُسَنُّ (تَكْرِيرُهَا) أَيْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بَعْدَ الدَّفْنِ» وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدَّفْنَ إنَّمَا كَانَ بَعْدَ صَلَاةٍ، وَتَقَعُ الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ فَرْضًا كَالْأُولَى سَوَاءٌ أَكَانَتْ قَبْلَ الدَّفْنِ أَمْ بَعْدَهُ فَيُنْوَى بِهَا الْفَرْضُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَذِكْرُ السَّنِّ فِي الْأُولَى وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي (لَا إعَادَتُهَا) فَلَا تُسَنُّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يُجَهَّزَانِ هُنَا مِنْهُ وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِتَجْهِيزِ الْمُسْلِمِ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: إذْ لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ) وَهُوَ تَجْهِيزُ الْمُسْلِمِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ إلَّا بِذَلِكَ أَيْ: بِتَجْهِيزِ كُلٍّ أَيْ: وَمَا يَتِمُّ بِهِ الْوَاجِبُ فَهُوَ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ: وَعُورِضَ) أَيْ: هَذَا الِاسْتِدْلَال وَالْمُعَارَضَةُ إقَامَةُ دَلِيلٍ يُنْتِجُ نَقِيضَ مَا أَنْتَجَهُ دَلِيلُ الْمُسْتَدِلِّ وَقَوْلُهُ: بِأَنَّ الصَّلَاةَ إلَخْ أَيْ: وَبِأَنَّ غُسْلَ الْفَرِيقِ الْآخَرِ أَيْ: الشَّهِيدِ مُحَرَّمٌ وَلَا يَتِمُّ تَرْكُ الْمُحَرَّمِ إلَّا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مَحَلَّ تَحْرِيمِ الْغُسْلِ إذَا تَحَقَّقْنَا الشَّهَادَةَ وَوَجْهُ إيرَادِ الصَّلَاةِ دُونَهُ لِأَنَّهَا وَارِدَةٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمِثَالَيْنِ بِخِلَافِ هَذَا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ) أَيْ: الْكَافِرِ وَالشَّهِيدِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ) وَهُوَ الصَّلَاةُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَغَيْرِ الشَّهِيدِ، وَأَيْضًا دَرْءُ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ (قَوْلُهُ: وَيُغْتَفَرُ التَّرَدُّدُ) أَيْ: فِي الْكَيْفِيَّةِ الثَّانِيَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَعْلِيقِ النِّيَّةِ لِأَنَّ قَصْدَ مَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ مِنْهُمَا تَعْلِيقٌ لَهَا فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَيُغْتَفَرُ تَعْلِيقُ النِّيَّةِ اط ف وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّرَدُّدِ التَّعْلِيقُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ التَّرَدُّدُ (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) إنْ قُلْت لَا ضَرُورَةَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ تُفْعَلَ الْكَيْفِيَّةُ الْأُولَى وَلَا تَرَدُّدَ مَعَهَا قُلْت يُمْكِنُ أَنَّ ذَاكَ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا شَقَّ فِعْلُهَا بِأَنْ كَانُوا جَمْعًا وَجَهَّزُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُصَلِّيَ عَلَى الْجَمِيعِ خِيفَ تَغَيُّرُ الْمُتَقَدِّمِ فِي التَّجْهِيزِ فَيَجِبُ أَنْ تُفْعَلَ الْكَيْفِيَّةُ الثَّانِيَةُ فَعَلَى هَذَا يُغْتَفَرُ التَّرَدُّدُ لِلضَّرُورَةِ حَجّ بِإِيضَاحٍ، وَكَذَا تَتَعَيَّنُ الْكَيْفِيَّةُ الْأُولَى إذَا تَمَّ غُسْلُ الْجَمِيعِ وَكَانَ الْإِفْرَادُ يُؤَدِّي إلَى تَغَيُّرِ الْمُتَأَخِّرِ كَمَا فِي حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَقُولُ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ) وَهُوَ قَوْلُهُ: كَمُسْلِمٍ بِكَافِرٍ وَأَمَّا فِي الْمِثَالِ الثَّانِي فَيَدْعُو لِلْجَمِيعِ فِي الْأُولَى وَيَدْعُو لَهُ بِعَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ فِي الثَّانِيَةِ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ الدُّعَاءِ لِلشَّهِيدِ فَيَكُونُ تَأْكِيدًا فِي حَقِّهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فِي الْكَيْفِيَّةِ الْأُولَى) وَهُوَ مَا لَوْ صَلَّى عَلَى الْجَمِيعِ وَقَوْلُهُ: أَوْ يَقُولُ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِيهِ عَلَى سُهَيْلٍ إلَخْ) لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُمَا كَانَا فِي الْمَسْجِدِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمَا كَانَا فِيهِ وَدَعْوَى أَنَّهُمَا كَانَا خَارِجَهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ م ر اط ف. (قَوْلُهُ: بَيْضَاءَ) لَقَبُ أُمِّهِمَا وَاسْمُهَا هِنْدُ وَقِيلَ دَعْدُ وَلُقِّبَتْ بِهَذَا اللَّقَبِ لِسَلَامَتِهَا مِنْ الدَّنَسِ (قَوْلُهُ: وَبِثَلَاثَةِ صُفُوفٍ) أَيْ: حَيْثُ كَانَ الْمُصَلُّونَ سِتَّةً فَأَكْثَرَ كَمَا فِي حَجّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالثَّلَاثَةُ بِمَنْزِلَةِ الصَّفِّ الْوَاحِدِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ الْأَوَّلُ أَفْضَلَ مُحَافَظَةً عَلَى مَقْصُودِ الشَّارِعِ شَرْحُ الرَّوْضِ قَالَ حَجّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا فِي حَقِّ مَنْ جَاءَ وَقَدْ اصْطَفَّ الثَّلَاثَةُ، فَالْأَفْضَلُ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنْ يَتَحَرَّى الْأَوَّلَ أَنَّا إنَّمَا سَوَّيْنَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ لِئَلَّا يَتْرُكُوهَا بِتَقَدُّمِهِمْ كُلِّهِمْ لِلْأَوَّلِ وَهَذَا مُنْتَفٍ هُنَا وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ مِمَّا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ مِمَّا بَعْدَهُ وَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ إلَّا سِتَّةٌ بِالْإِمَامِ وَقَفَ وَاحِدٌ مَعَهُ وَاثْنَانِ صَفًّا وَاثْنَانِ صَفًّا اهـ بِالْحَرْفِ بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْحَاضِرُونَ ثَلَاثَةً فَقَطْ بِالْإِمَامِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقِفَ وَاحِدٌ خَلْفَ الْإِمَامِ وَالْآخَرُ وَرَاءَ مَنْ هُوَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقِفَ اثْنَانِ خَلْفَ الْإِمَامِ فَيَكُونُ الْإِمَامُ صَفًّا وَالِاثْنَانِ صَفًّا لِأَنَّ أَقَلَّ الصَّفِّ اثْنَانِ وَسَقَطَ الصَّفُّ الثَّالِثُ لِتَعَذُّرِهِ حَجّ ع ش م ر.

وَقَالَ ح ل وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الِاصْطِفَافِ وُجُودُ اثْنَيْنِ فِي كُلِّ صَفٍّ فَاصْطِفَافُ الرَّابِعِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ وَإِنْ لَمْ تَتِمَّ الصُّفُوفُ بَلْ كَانَ فِي كُلِّ صَفٍّ اثْنَانِ مَعَ السَّعَةِ وَلَوْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ ثَلَاثَةٌ هَلْ يَصْطَفُّ مَعَهُ وَاحِدٌ وَيَقِفُ كُلُّ وَاحِدٍ خَلْفَ الْآخَرِ حَرِّرْ (قَوْلُهُ: وَتَكْرِيرُهَا) أَيْ: بِأَنْ تَفْعَلَهَا طَائِفَةٌ بَعْدَ طَائِفَةٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لَا إعَادَتُهَا إلَخْ أَوْ وَاحِدٌ بَعْدَ أَنْ صَلَّى غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدَّفْنَ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّهُ يَجِبُ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّفْنِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَتَقَعُ الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ فَرْضًا) وَيُثَابُ عَلَيْهَا ثَوَابَ الْفَرْضِ وَإِنْ سَقَطَ الْحَرَجُ بِالْأَوَّلَيْنِ لِبَقَاءِ الْخِطَابِ بِهَا نَدْبًا وَقَدْ يَكُونُ ابْتِدَاءُ الشَّيْءِ سُنَّةً وَإِذَا وَقَعَ وَاجِبًا كَحَجِّ فِرْقَةٍ تَأَخَّرَتْ عَمَّنْ وَقَعَ بِإِحْرَامِهِمْ الْإِحْيَاءُ الْآتِي اهـ تُحْفَةٌ شَوْبَرِيٌّ فَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّهُ سَقَطَ الْحَرَجُ بِالْأَوَّلَيْنِ فَكَيْفَ تَكُونُ الثَّانِيَةُ فَرْضًا؟ (قَوْلُهُ: لَا إعَادَتُهَا فَلَا تُسَنُّ)

<<  <  ج: ص:  >  >>