للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سَمَّيْتُهُ بِمَنْهَجِ الطُّلَّابِ، وَقَدْ سَأَلَنِي بَعْضُ الْأَعِزَّةِ عَلَيَّ مِنْ الْفُضَلَاءِ الْمُتَرَدِّدِينَ إلَيَّ أَنْ أَشْرَحَهُ شَرْحًا

يَحِلُّ أَلْفَاظَهُ وَيُجَلِّ حُفَّاظَهُ وَيُبَيِّنُ مُرَادَهُ

وَيُتَمِّمُ مُفَادَهُ؛ فَأَجَبْته إلَى ذَلِكَ بِعَوْنِ الْقَادِرِ الْمَالِكِ وَسَمَّيْته بِفَتْحِ الْوَهَّابِ بِشَرْحِ مَنْهَجِ الطُّلَّابِ.

وَاَللَّهَ أَسْأَلُ أَنْ يَنْفَعَ بِهِ وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَيْ أُؤَلِّفُ

وَالِاسْمُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

التَّجْرِيدِ لَعَلَّ مُرَادَهُ بِهِ التَّجْرِيدُ الْبَيَانِيُّ وَهُوَ أَنْ يُنْتَزَعَ مِنْ شَيْءٍ شَيْءٌ مُمَاثِلٌ لَهُ فِي صِفَتِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ} [فصلت: ٢٨] فَقَدْ انْتَزَعَ مِنْ الْمُخْتَصَرِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْمِنْهَاجِ كِتَابًا وَجَعَلَهُ مَظْرُوفًا فِيهِ لَكِنَّ التَّجْرِيدَ لَا يَظْهَرُ إلَّا إذَا كَانَ الْكِتَابُ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى الْمَأْخُوذِ مِنْ الْمِنْهَاجِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ سَمَّيْته بِمَنْهَجِ الطُّلَّابِ) فَقَدْ اخْتَصَرَ الِاسْمَ وَالْمُسَمَّى (قَوْلُهُ وَقَدْ سَأَلَنِي) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ أَوْ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ عَلَيَّ) بَيْنَ عَلَيَّ وَإِلَيَّ الْجِنَاسُ الْمُضَارِعُ وَهُوَ اخْتِلَافُ الْكَلِمَتَيْنِ بِحَرْفَيْنِ مُتَقَارِبَيْ الْمَخْرَجِ، وَبَيْنَ مُرَادٍ وَمُفَادٍ الْجِنَاسُ اللَّاحِقُ وَهُوَ اخْتِلَافُهُمَا بِحَرْفَيْنِ مُتَبَاعِدَيْ الْمَخْرَجِ وَبَيْنَ يَحِلُّ وَيَجِلُّ الْجِنَاسُ الْمُصَحَّفُ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ أَنْ أَشْرَحَهُ شَرْحًا) الشَّرْحُ الْأَوَّلُ: بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَهُوَ التَّأْلِيفُ وَالثَّانِي: بِالْمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ وَهُوَ الْأَلْفَاظُ الْمَخْصُوصَةُ الَّتِي هِيَ الشَّرْحُ اصْطِلَاحًا.

(قَوْلُهُ يَحِلُّ أَلْفَاظَهُ) أَيْ: تَرَاكِيبَهُ بِبَيَانِ فَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَالضَّمَائِرِ وَقَدْ شَبَّهَ فَكَّ التَّرَاكِيبِ بِحَلِّ الشَّيْءِ الْمَعْقُودِ ثُمَّ أَطْلَقَ الْحَلَّ عَلَى الْفَكِّ وَاشْتَقَّ مِنْهُ الْفِعْلَ فَصَارَتْ الِاسْتِعَارَةُ فِي الْمَصْدَرِ أَصْلِيَّةً وَفِي الْفِعْلِ تَبَعِيَّةً، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ اسْتِعَارَةً مَكْنِيَّةً أَوْ مَجَازًا مُرْسَلًا لِأَنَّ التَّبْيِينَ لَازِمٌ لِلْحَلِّ شَوْبَرِيٌّ قَالَ ح ل: وَفِيهِ أَنَّ هَذَا مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ لِأَنَّ الْمَنْهَجَ اسْمٌ لِلْأَلْفَاظِ عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ. لَا يُقَالُ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَيْ: أَلْفَاظًا هِيَ هُوَ. لِأَنَّا نَقُولُ: قَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ: الْإِضَافَةُ الْبَيَانِيَّةُ لَا تَأْتِي فِي الْإِضَافَةِ لِلضَّمِيرِ وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ مِنْ إضَافَةِ كُلٍّ مِنْ الْجُزْئِيَّاتِ إلَى كُلِّهِ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَحِلُّ كُلَّ تَرْكِيبٍ مِنْ تَرَاكِيبِ جُمْلَةِ الْأَلْفَاظِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِمْ أَرْكَانُ الصَّلَاةِ أَرْكَانُ الْبَيْعِ اهـ وَقَوْلُهُ مِنْ إضَافَةِ كُلٍّ مِنْ الْجُزْئِيَّاتِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: مِنْ إضَافَةِ كُلٍّ مِنْ الْأَجْزَاءِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ إلَى كُلِّهِ وَلَمْ يَقُلْ إلَى كُلَّيْهِ اهـ (قَوْلُهُ وَيُجِلُّ حُفَّاظَهُ) أَيْ: يُصَيِّرُهُمْ أَجِلَّاءً أَيْ: عُظَمَاءَ وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ وَيُتَمِّمُ مُفَادَهُ لِأَنَّهُ مُتَرَتِّبٌ عَلَى جَمِيعِ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ قَدَّمَهُ لِأَجْلِ السَّجْعِ. (قَوْلُهُ وَيُبَيِّنُ مُرَادَهُ) أَيْ: الْمُسْتَفَادَ مِنْ تَرَاكِيبِهِ، وَلَمَّا كَانَ النَّظَرُ إلَى الْمُفْرَدَاتِ سَابِقًا عَلَى النَّظَرِ لِلْمُرَكَّبَاتِ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ يَحِلُّ أَلْفَاظَهُ وَإِلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ وَيُبَيِّنُ مُرَادَهُ وَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ. شَوْبَرِيٌّ

(قَوْلُهُ وَيُتَمِّمُ مُفَادَهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ أَفَادَ مَزِيدُ الثُّلَاثِيِّ يَعْنِي الَّذِي اُسْتُفِيدَ مِنْهُ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ أَيْ: فَائِدَتِهِ وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ فَتْحَ الْمِيمِ أَيْضًا وَلَا يَخْفَى حُسْنُ ذِكْرِ التَّبْيِينِ فِي جَانِبِ الْمُرَادِ، وَالتَّتْمِيمِ فِي جَانِبِ الْمُفَادِ لِاحْتِيَاجِ الْمُرَادِ إلَى الْكَشْفِ وَالْإِيضَاحِ لِخَفَائِهِ وَالْمُفَادِ إلَى تَكْمِيلِ وَتَتْمِيمِ النَّقْصِ بِذِكْرِ نَحْوِ قَيْدٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْأَوْصَافَ مِنْ كَلَامِ السَّائِلِ وَالتَّمَامُ ضِدُّ النَّقْصِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ فَأَجَبْته) أَيْ: بَادَرْت إلَى إجَابَتِهِ لِذَلِكَ أَخْذًا مِنْ الْفَاءِ أَيْ: بِالْوَعْدِ وَالْعَزْمِ عَلَيْهِ أَوْ بِالشُّرُوعِ فِيهِ (قَوْلُهُ بِعَوْنِ) أَيْ: مُسْتَعِينًا عَلَى إنْجَازِ مَا وَعَدْته بِعَوْنِ الْقَادِرِ الْمَالِكِ. (قَوْلُهُ بِشَرْحِ) مُتَعَلِّقٌ بِفَتْحِ ع ش وَهَذَا التَّعَلُّقُ قَبْلَ جَعْلِهِ عَلَمًا، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ جُزْءٌ مِنْ الْعَلَمِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِشَيْءٍ وَهَذَا الْعَلَمُ مُرَكَّبٌ مِنْ سِتِّ كَلِمَاتٍ

(قَوْلُهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) مَعْطُوفٌ عَلَى هُوَ حَسْبِي بِنَاءً عَلَى جَوَازِ عَطْفِ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْخَبَرِ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ امْتِنَاعُهُ فَعَلَيْهِ يُقَدَّرُ فِي الْمَعْطُوفِ مُبْتَدَأٌ بِقَرِينَةِ ذِكْرِهِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَيُجْعَلُ خَبَرًا عَنْهُ بِالتَّأْوِيلِ الْمَشْهُورِ فِي وُقُوعِ الْإِنْشَاءِ خَبَرًا أَيْ: وَهُوَ مَقُولٌ فِيهِ نِعْمَ الْوَكِيلُ وَحِينَئِذٍ فَهِيَ جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ خَبَرِيَّةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى مِثْلِهَا أَوْ جُمْلَةٌ نِعْمَ الْوَكِيلُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى حَسْبِي وَهُوَ مُفْرَدٌ غَيْرُ مُضَمَّنٍ مَعْنَى الْفِعْلِ فَلَمْ يَكُنْ فِي قُوَّةِ الْجُمْلَةِ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْمُحَقِّقِينَ جَوَّزَ عَطْفَ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْخَبَرِ فِي الْجُمَلِ الَّتِي لَهَا مَحَلٌّ مِنْ الْإِعْرَابِ لِوُقُوعِهَا مَوْقِعَ الْمُفْرَدِ وَخَرَجَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ {وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: ١٧٣] بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاوَ مِنْ الْحِكَايَةِ لَا مِنْ الْمَحْكِيِّ. شَوْبَرِيٌّ بِاخْتِصَارٍ وَقَدْ يُقَالُ: " مَا " هُنَا لَا مَحَلَّ لَهَا مِنْ الْإِعْرَابِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ جُمْلَةَ وَهُوَ حَسْبِي حَالِيَّةٌ، وَحَسْبِي بِمَعْنَى كَافِي أَيْ: يَكْفِينِي وَالْوَكِيلُ بِمَعْنَى الْمُوَكَّلِ إلَيْهِ أُمُورُ خَلْقِهِ

(قَوْلُهُ أَيْ: أُؤَلِّفُ) بَيَانٌ لِمَا هُوَ الْأَوْلَى فِي مُتَعَلِّقِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ مِنْ كَوْنِهِ فِعْلًا مُؤَخَّرًا خَاصًّا وَفِي تَقْدِيرِ الْمُتَعَلِّقِ تَنْبِيهٌ

عَلَى أَنَّ الْبَاءَ غَيْرُ زَائِدَةٍ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>