فِي حَرْثٍ أَوْ نَحْوِهِ لِاقْتِنَائِهَا لِلِاسْتِعْمَالِ لَا لِلنَّمَاءِ كَثِيَابِ الْبَدَنِ وَمَتَاعِ الدَّارِ
(وَتُؤْخَذُ زَكَاةُ سَائِمَةٍ عِنْدَ وُرُودِهَا مَاءً) لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى الضَّبْطِ حِينَئِذٍ فَلَا يُكَلِّفُهُمْ السَّاعِي رَدَّهَا إلَى الْبَلَدِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتْبَعَ الْمُرَاعِي (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَرِدْ الْمَاءَ بِأَنْ اكْتَفَتْ بِالْكَلَأِ فِي وَقْتِ الرَّبِيعِ (فَ) عِنْدَ (بُيُوتِ أَهْلِهَا) وَأَفْنِيَتِهِمْ وَذَلِكَ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «تُؤْخَذُ صَدَقَاتُ أَهْلِ الْبَادِيَةِ عَلَى مِيَاهِهِمْ وَأَفْنِيَتِهِمْ» وَهُوَ مُنَزَّلٌ عَلَى مَا قُلْنَا (وَيُصَدَّقُ مُخْرِجُهَا فِي عَدَدِهَا، إنْ كَانَ ثِقَةً، وَإِلَّا فَتُعَدُّ. وَالْأَسْهَلُ) عَدُّهَا (عِنْد مَضِيقٍ) تَمُرُّ بِهِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَبِيَدِ كُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالسَّاعِي أَوْ نَائِبِهِمَا قَضِيبٌ يُشِيرَانِ بِهِ إلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ أَوْ يُصِيبَانِ بِهِ ظَهْرَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْعَدُ عَنْ الْغَلَطِ فَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْعَدَدِ وَكَانَ الْوَاجِبُ يَخْتَلِفُ بِهِ أَعَادَا الْعَدَدَ وَتَعْبِيرِيّ بِالْمُخْرِجِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَالِكِ، وَقَوْلِي وَالْأَسْهَلُ مِنْ زِيَادَتِي
(وَلَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ) مَثَلًا (مِنْ أَهْلِ زَكَاةٍ فِي نِصَابٍ أَوْ فِي أَقَلَّ) مِنْهُ (وَلِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ) وَلَوْ فِي غَيْرِ مَاشِيَةٍ مِنْ نَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ (زَكَّيَا كَوَاحِدٍ) لِقَوْلِهِ فِي خَبَرِ أَنَسٍ «وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ» نُهِيَ الْمَالِكُ عَنْ التَّفْرِيقِ وَعَنْ الْجَمْعِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ) كَنَضْحٍ وَحَمْلِ مَاءٍ لِلشُّرْبِ ز ي. (قَوْلُهُ: لِلِاسْتِعْمَالِ) بِأَنْ يَسْتَعْمِلَهَا الْقَدْرَ الَّذِي لَوْ عَلَفَهَا فِيهِ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ كَمَا نَقَلَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ
(قَوْلُهُ: عِنْدَ وُرُودِهَا مَاءً) هَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ عَدَدَهَا قِ ل. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعِنْدَ بُيُوتِ أَهْلِهَا) وَيُكَلَّفُونَ رَدَّهَا إلَيْهَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَمُقْتَضَاهُ تَجْوِيزُ تَكْلِيفِهِمْ الرَّدَّ إلَى الْأَفْنِيَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْأَوْجَهُ فِي الَّتِي لَا تَرِدُ مَاءً وَلَا مُسْتَقَرَّ لِأَهْلِهَا لِدَوَامِ انْتِجَاعِهِمْ تَكْلِيفُ السَّاعِي النُّجْعَةَ، لِأَنَّ كُلْفَتَهُ أَهْوَنُ مِنْ كُلْفَةِ تَكْلِيفِهِمْ رَدَّهَا إلَى مَحَلٍّ آخَرَ وَلَوْ كَانَتْ مُتَوَحِّشَةً يَعْسُرُ أَخْذُهَا وَإِمْسَاكُهَا فَعَلَى رَبِّ الْمَاءِ تَسْلِيمُ السِّنِّ الْوَاجِبِ لِلسَّاعِي وَلَوْ تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَى عِقَالٍ لَزِمَهُ أَيْضًا وَهُوَ مَحْمَلُ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا لَقَاتَلْتهمْ لِأَنَّهُ هُنَا مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ اهـ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ السَّاعِي بِمَا يَتَعَلَّقُ بِمَالِ الزَّكَاةِ وَيَبْرَأُ الْمَالِكُ بِتَسْلِيمِهَا لِلسَّاعِي عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى السَّاعِي أَيْضًا إذَا تَلِفَتْ فِي يَدِهِ بِلَا تَقْصِيرٍ كَمَا فِي ع ش عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: وَأَفْنِيَتِهِمْ عَطْفُ مُرَادِفٍ. (قَوْلُهُ: وَيُصَدَّقُ مُخْرِجُهَا) أَيْ مِنْ مَالِكٍ أَوْ وَكِيلٍ أَوْ وَلِيِّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَتُعَدُّ) أَيْ وُجُوبًا كَمَا فِي شَرْحِ م ر
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ) أَيْ شَرِكَةَ شُيُوعٍ، لِأَنَّ شَرِكَةَ الْجِوَارِ سَتَأْتِي فِي كَلَامِهِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الِاسْتِدْلَال عَلَى هَذِهِ إنَّمَا هُوَ بِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ وَمَنْطُوقُهُ يَدُلُّ لِمَا يَأْتِي مِنْ شَرِكَةِ الْجِوَارِ فَكَانَ عَلَيْهِ تَأْخِيرُهُ عَنْ الْقِسْمَيْنِ لِيَشْهَدَ لَهُمَا بِمَنْطُوقِهِ وَمَفْهُومِهِ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي بَابِ مَنْ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْمَالِ أَنَّهُ قَالَ وَعَدَمُ ثُبُوتِ الْخُلْطَةِ فِي السَّادِسَةِ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ مَعَ أَهْلِ الْخُمْسِ إذْ لَا زَكَاةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ اهـ، وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ شَرْطَ ثُبُوتِ الْخُلْطَةِ أَنَّ الشَّرِيكَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا فَحِينَئِذٍ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَلَمْ يُخْرِجْ عَنْهَا ثُمَّ حَالَ عَلَيْهَا حَوْلٌ آخَرُ أَوْ أَكْثَرُ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا زَكَاةُ عَامٍ وَاحِدٍ لِنَقْصِهَا عَنْ النِّصَابِ فِي الْعَامِ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ وَلَا يُقَالُ هِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْمَالِكِ وَالْفُقَرَاءِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ هَذِهِ الْخُلْطَةَ لَا أَثَرَ لَهَا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فِي الدُّخُولِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الْخُلْطَةِ وَهِيَ نَوْعَانِ: خُلْطَةُ شَرِكَةٍ وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِخُلْطَةِ الْأَعْيَانِ وَالشُّيُوعِ، وَخُلْطَةُ جِوَارٍ وَتُسَمَّى خُلْطَةَ أَوْصَافٍ، وَقَدْ شَرَعَ فِي الْأَوَّلِ فَقَالَ: وَلَوْ اشْتَرَكَ إلَخْ ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ الشَّرِكَةُ قَدْ تُفِيدُ تَخْفِيفًا كَالِاشْتِرَاكِ فِي ثَمَانِينَ عَلَى السَّوَاءِ أَوْ تَثْقِيلًا كَالِاشْتِرَاكِ فِي أَرْبَعِينَ أَوْ تَخْفِيفًا عَلَى أَحَدِهِمَا وَتَثْقِيلًا عَلَى الْآخَرِ كَأَنْ مَلَكَا سِتِّينَ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَاهَا وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهَا وَقَدْ لَا تُفِيدُ شَيْئًا كَمِائَتَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ.
وَقَوْلُهُ: وَهَذِهِ الشَّرِكَةُ إلَخْ أَيْ الشَّرِكَةُ فِي الْمَاشِيَةِ وَاحْتُرِزَ عَنْ الشَّرِكَةِ فِي غَيْرِهَا فَإِنَّهَا لَا تُفِيدُ تَخْفِيفًا أَصْلًا إذْ لَا وَقَصَ فِي غَيْرِ الْمَاشِيَةِ بَلْ تَارَةً تُفِيدُ الثَّقِيلَ وَتَارَةً لَا تُفِيدُ تَثْقِيلًا وَلَا تَخْفِيفًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبِرْمَاوِيُّ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ) أَيْ وَلَوْ بِضَمِّهِ لِلْمُشْتَرَكِ فِيهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي غَيْرِ مَاشِيَةٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الِاشْتِرَاكُ فِي غَيْرِ مَاشِيَةٍ. (قَوْلُهُ: زَكَّيَا كَوَاحِدٍ) أَيْ كَزَكَاةِ مَالٍ وَاحِدٍ أَوْ كَزَكَاةِ شَخْصٍ وَاحِدٍ ح ف قَالَ حَجّ: وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ زَكَّيَا كَوَاحِدٍ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِالْإِخْرَاجِ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ لَهُ ذَلِكَ وَالِانْفِرَادُ بِالنِّيَّةِ عَنْهُ عَلَى الْمَقُولِ الْمُعْتَمَدِ فَيَرْجِعُ بِبَدَلِ مَا أَخْرَجَهُ عَنْهُ لِإِذْنِ الشَّارِعِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْخُلْطَةَ تَجْعَلُ الْمَالَيْنِ مَالًا وَاحِدًا فَسَلَّطَهُ الشَّارِعُ عَلَى الدَّفْعِ الْمُبْرِئِ الْمُوجِبِ لِلرُّجُوعِ وَبِهَذَا فَارَقَتْ نَظَائِرَهَا وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ مَحَلَّ الرُّجُوعِ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ الْآخَرُ إنْ أَدَّى مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَالْخَبَرِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الْأُسْتَاذِ رَجَّحَ ذَلِكَ اط ف.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ فَهُوَ نَهْيُ تَنْزِيهٍ لِلْمَالِكِ وَالسَّاعِي بِرْمَاوِيٌّ فَهُوَ خَبَرٌ مَعْنَاهُ النَّهْيُ (قَوْلُهُ: خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ) أَيْ خَشْيَةَ وُجُوبِهَا أَوْ كَثْرَتِهَا أَوْ خَشْيَةَ سُقُوطِهَا أَوْ قِلَّتِهَا أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ بِرْمَاوِيٌّ وَعَلَى هَذَا فَيَخْتَلِفُ تَقْدِيرُ الْمُضَافِ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ كَمَا