ثُمَّ يَضَعَ فِيهِ الْمَخْلُوطَ فَإِلَى أَيِّهِمَا كَانَ ارْتِفَاعُهُ أَقْرَبَ فَالْأَكْثَرُ مِنْهُ قَالَ فِي الْبَسِيطِ: وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِسَبْكِ قَدْرٍ يَسِيرٍ إذَا تَسَاوَتْ أَجْزَاؤُهُ
(وَيُزَكَّى) مِمَّا ذُكِرَ (مُحَرَّمٌ) كَآنِيَةٍ (وَمَكْرُوهٌ) كَضَبَّةِ فِضَّةٍ صَغِيرَةٍ لِزِينَةٍ حُلِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَذِكْرُ الْمَكْرُوهِ مِنْ زِيَادَتِي (لَا حُلِيٌّ مُبَاحٌ) لِامْرَأَةٍ بِقَيْدَيْنِ زِدْتُهُمَا بِقَوْلِي (عَلِمَهُ) الْمَالِكُ (وَلَمْ يَنْوِ كَنْزَهُ) فَلَا يُزَكَّى، لِأَنَّ زَكَاةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ تُنَاطُ بِالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا لَا بِجَوْهَرِهِمَا إذْ لَا غَرَضَ فِي ذَاتِهِمَا وَلِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ كَعَوَامِلِ الْمَاشِيَةِ (وَلَوْ انْكَسَرَ إنْ قَصَدَ إصْلَاحَهُ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (وَأَمْكَنَ بِلَا صَوْغٍ) لَهُ بِأَنْ أَمْكَنَ بِإِلْحَامٍ لِبَقَاءِ صُورَتِهِ وَقَصَدَ إصْلَاحَهُ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إصْلَاحَهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
دِرْهَمٍ ذَهَبًا وَقَوْلُهُ: ثُمَّ أَلْفًا فِضَّةً أَيْ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِالضَّرُورَةِ الْمَاءُ يَرْتَفِعُ بِالْفِضَّةِ أَكْثَرَ، لِأَنَّهَا أَكْبَرُ جُرْمًا م ر وَقَوْلُهُ: ثُمَّ يَضَعَ فِيهِ الْمَخْلُوطَ وَالْفَرْضُ أَنَّ وَزْنَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَبِالضَّرُورَةِ يَزِيدُ ارْتِفَاعُ الْمَاءِ بِهِ عَلَى عَلَامَةِ الذَّهَبِ وَيَنْقُصُ عَنْ عَلَامَةِ الْفِضَّةِ وَيَكُونُ لِأَحَدِهِمَا أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الْآخَرِ فَإِذَا ارْتَفَعَ الْمَاءُ بِالذَّهَبِ خَمْسَةَ قَرَارِيطَ وَارْتَفَعَ بِالْفِضَّةِ ثَمَانِيَةَ قَرَارِيطَ فَإِذَا ارْتَفَعَ بِالْمَخْلُوطِ سِتَّةً كَانَ الْأَكْثَرُ مِنْهُ الذَّهَبَ وَإِنْ كَانَ ارْتِفَاعُهُ سَبْعَةً كَانَ الْأَكْثَرُ مِنْهُ الْفِضَّةَ فَتَأَمَّلْ. فَالْفِضَّةُ الْمُوَازِنَةُ لِلذَّهَبِ يَكُونُ حَجْمُهَا مِقْدَارَ حَجْمِهِ مَرَّةً وَنِصْفًا لَكِنْ فِي كَلَامِ ابْنِ الْهَائِمِ أَنَّ جَوْهَرَ الذَّهَبِ كَجَوْهَرِ الْفِضَّةِ وَثَلَاثَةِ أَسْبَاعِهِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْمِثْقَالُ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةَ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَالدِّرْهَمُ سَبْعَةُ أَعْشَارِ الْمِثْقَالِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّشِيدِيُّ عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: فَإِلَى أَيِّهِمَا إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَأَسْهَلُ مِنْ هَذَا وَأَضْبَطُ أَنْ يُوضَعَ فِي الْمَاءِ سِتُّمِائَةٍ ذَهَبًا وَأَرْبَعُمِائَةٍ فِضَّةً وَيُعَلِّمَ ارْتِفَاعَهُ ثُمَّ يَعْكِسَ وَيُعَلِّمَ عَلَيْهِ أَيْضًا ثُمَّ يُوضَعَ الْمُشْتَبَهُ وَيُلْحَقَ بِاَلَّذِي وَصَلَ إلَيْهِ ز ي وَلَوْ تَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ مَعَ الِاحْتِيَاطِ وَلَا يُؤَخَّرُ لِوُجُوبِ الْإِخْرَاجِ عَنْ الْفَوْرِ وَيُغْتَفَرُ التَّأْخِيرُ لِوُجُودِ آلَةِ السَّبْكِ إذَا لَمْ تَتَعَذَّرْ وَمُؤْنَةُ السَّبْكِ وَنَحْوِهِ عَلَى الْمَالِكِ ق ل (قَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ ذَلِكَ) أَيْ التَّمْيِيزُ بِالنَّارِ بِسَبْكِ قَدْرٍ يَسِيرٍ أَيْ مِنْ الْآنِيَةِ الْمَخْلُوطَةِ بِأَنْ يَكْسِرَ جُزْءًا مِنْهَا وَيُمَيِّزَهُ بِالنَّارِ وَقَوْلُهُ: إذَا تَسَاوَتْ أَجْزَاؤُهُ أَيْ مِنْ حَيْثُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ فِيهَا لَا مِنْ حَيْثُ الثِّخَنُ وَالرِّقَّةُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهُ فِي التَّمْيِيزِ ثَلَاثَ طُرُقٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: وَيُزَكَّى مُحَرَّمٌ كَآنِيَةٍ إلَخْ) أَيْ وَلَا نَظَرَ إلَى ارْتِفَاعِ قِيمَتِهَا بِالصَّنْعَةِ بَلْ الْمُعْتَبَرُ الْوَزْنُ فَلَوْ كَانَ وَزْنُ الْإِنَاءِ مِائَتَيْنِ وَقِيمَتُهُ ثَلَاثَمِائَةٍ زَكَّى الْمِائَتَيْنِ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ مُحَرَّمَةٌ تَجِبُ إزَالَتُهَا بِالْكَسْرِ فَلَمْ تُعْتَبَرْ وَمِثْلُ الْإِنَاءِ الْحُلِيُّ الْمُحَرَّمُ لِذَاتِهِ كَخَلْخَالٍ اُتُّخِذَ لِلُبْسِ رَجُلٍ فَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْوَزْنِ لَا بِالْقِيمَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُحَرَّمًا لِعَارِضٍ بِأَنْ صُبِغَ لِامْرَأَةٍ وَاسْتَعْمَلَهُ الرَّجُلُ فَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْقِيمَةِ شَرْحُ الرَّوْضِ وَشَوْبَرِيٌّ وَلَوْ قِيلَ يُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ بَعْدَ بُلُوغِ الْوَزْنِ نِصَابًا لَكَانَ مُتَّجَهًا سم ع ش (قَوْلُهُ: كَضَبَّةِ فِضَّةٍ) عِبَارَةُ سم عَلَى الْبَهْجَةِ قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمَكْرُوهُ إلَخْ قُوَّةُ الْكَلَامِ تَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِ إنَاءٍ فِيهِ ضَبَّةٌ مَكْرُوهَةٌ اهـ. وَهِيَ تُفِيدُ الْكَرَاهَةَ فِي الْجَمِيعِ لَا فِي مَحَلِّ الضَّبَّةِ فَقَطْ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ: لَا حُلِيٌّ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ مَعَ كَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَاحِدُهُ حَلْيٌ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَقَوْلُهُ: مُبَاحٌ يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر أَنَّ الْحُلِيَّ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْإِبَاحَةِ لَوْ لِلْإِنَاءِ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ وَلَوْ اشْتَرَى إنَاءً لِيَتَّخِذَهُ حُلِيًّا مُبَاحًا فَحَبَسَهُ وَاضْطُرَّ إلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي طُهْرِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ غَيْرُهُ وَبَقِيَ كَذَلِكَ حَوْلًا فَهَلْ تَجِبُ زَكَاتُهُ الْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ لَا، لِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ اهـ (قَوْلُهُ: لِامْرَأَةٍ) أَيْ لِلُبْسِهَا أَيْ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ كَأَنْ تَعَدَّدَتْ أَنْوَاعُهُ وَمِنْهُ حُلِيٌّ أَخَذَهُ رَجُلٌ لِيُؤَجِّرَهُ مَثَلًا لِامْرَأَةٍ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُزَكَّى، لِأَنَّ زَكَاةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ تُنَاطُ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ فَلَا يُزَكَّى بِنَاءً عَلَى أَنَّ زَكَاةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ تَجِبُ فِيهِمَا لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا لَا لِجَوْهَرِهِمَا. اهـ
وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ لِجَوْهَرِهِ أَيْ ذَاتِهِ (قَوْلُهُ: عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا) أَيْ عَدَمُ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا اقْتَضَى وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِيهِمَا أَيْ، لِأَنَّهُ إذَا أَمْسَكَ عِشْرِينَ دِينَارًا مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ إلَى آخِرِهِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَأَلْحَقَ بِهِ الِانْتِفَاعَ الْمُحَرَّمَ وَالْمَكْرُوهَ كَمَا مَرَّ وَالِانْتِفَاعُ الْمُبَاحُ بِهِمَا أَسْقَطَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِيهِمَا كَعَوَامِلِ الْمَاشِيَةِ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ قَوْلُهُ: عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا أَيْ عَنْ الِانْتِفَاعِ الْمُبَاحِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا أَوْ وُجِدَ انْتِفَاعٌ غَيْرُ مُبَاحٍ بِأَنْ كَانَ مُحَرَّمًا أَوْ مَكْرُوهًا فَلَا حَاجَةَ لِلْإِلْحَاقِ فِي كَلَامِ ق ل وَقَالَ شَيْخُنَا الشَّمْسُ ح ف عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا أَيْ الِاسْتِعْمَالِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْمُحَرَّمَ وَالْمَكْرُوهَ يُزَكَّى مَعَ الِانْتِفَاعِ بِهِ، لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِغَيْرِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: لَا بِجَوْهَرِهِمَا) لِاقْتِضَائِهِ الْوُجُوبَ فِي الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ ق ل (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ إصْلَاحَهُ) وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِانْكِسَارِهِ إلَّا بَعْدَ عَامٍ أَوْ أَكْثَرَ فَقَصَدَ إصْلَاحَهُ لَا زَكَاةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute