بِنِيَّةِ تِجَارَةٍ) وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْهَا فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ (كَشِرَاءٍ وَإِصْدَاقٍ) وَهِبَةٍ بِثَوَابٍ وَاكْتِرَاءٍ لَا كَإِقَالَةٍ وَرَدٍّ بِعَيْبٍ وَهِبَةٍ بِلَا ثَوَابٍ وَاحْتِطَابٍ لِانْتِفَاءِ الْمُعَاوَضَةِ (رُبْعُ عُشْرِ قِيمَتِهِ) ، أَمَّا أَنَّهُ رُبْعُ الْعُشْرِ فَكَمَا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، لِأَنَّهُ يُقَوَّمُ بِهِمَا وَأَمَّا أَنَّهُ مِنْ الْقِيمَةِ، فَلِأَنَّهَا مُتَعَلَّقُهُ فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ مِنْ عَيْنِ الْعَرْضِ (مَا لَوْ يَنْوِ لِقُنْيَةٍ) فَإِنْ نَوَى لَهَا انْقَطَعَ الْحَوْلُ فَيَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ النِّيَّةِ مَقْرُونَةً بِتَصَرُّفٍ.
وَالْأَصْلُ فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ خَبَرُ الْحَاكِمِ بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ «فِي الْإِبِلِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْبَقَرِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْغَنَمِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْبَزِّ صَدَقَتُهُ» وَهُوَ يُقَالُ لِأَمْتِعَةِ الْبَزَّازِ وَلِلسِّلَاحِ وَلَيْسَ فِيهِ زَكَاةُ عَيْنٍ فَصَدَقَتُهُ زَكَاةُ تِجَارَةٍ وَهِيَ تَقْلِيبُ الْمَالِ بِمُعَاوَضَةٍ لِغَرَضِ الرِّبْحِ وَكَلَامُهُمْ يَشْمَلُ مَا مُلِكَ بِاقْتِرَاضٍ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ فَتَكْفِي نِيَّتُهَا لَكِنْ فِي التَّتِمَّةِ أَنَّهَا لَا تَكْفِي، لِأَنَّ الْقَرْضَ لَيْسَ مَقْصُودُ التِّجَارَةَ بَلْ الْإِرْفَاقَ وَإِنَّمَا تَجِبُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ (بِشَرْطِ حَوْلٍ وَنِصَابٍ) كَغَيْرِهَا (مُعْتَبَرًا) أَيْ النِّصَابُ (بِآخِرِهِ) أَيْ بِآخِرِ الْحَوْلِ لَا بِطَرَفَيْهِ وَلَا بِجَمِيعِهِ، لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْقِيمَةِ، وَتَعْسُرُ مُرَاعَاتُهَا كُلَّ وَقْتٍ لِاضْطِرَابِ الْأَسْعَارِ انْخِفَاضًا وَارْتِفَاعًا وَاكْتَفَى بِاعْتِبَارِهَا آخِرَ الْحَوْلِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْقُنْيَةَ، الرَّابِعُ: الْحَوْلُ، الْخَامِسُ: أَنْ يَبْلُغَ نِصَابًا آخِرَ الْحَوْلِ، السَّادِسُ: أَنْ لَا يَنِضَّ بِمَا يُقَوَّمُ بِهِ وَهُوَ دُونَ نِصَابٍ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ تِجَارَةٍ) أَيْ وَاقِعَةٍ وَلَوْ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَإِذَا اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهَا وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَفْرُغَ رَأْسُ مَالِ التِّجَارَةِ وَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ أَوَّلِ الشِّرَاءِ، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْهَا فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ أَيْ بَعْدَ شِرَائِهِ بِجَمِيعِ رَأْسِ مَالِ التِّجَارَةِ لِانْسِحَابِ حُكْمِ التِّجَارَةِ عَلَيْهِ ح ل وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُشْتَرَطَ مُقَارَنَتُهَا لِجَمِيعِ الْعَقْدِ بَلْ يَكْفِي وُجُودُهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ إلَّا مَعَ لَفْظِ الْآخَرِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَكْفِي تَأْخِيرُهَا عَنْ الْعَقْدِ وَإِنْ وُجِدَتْ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَلَهُ اتِّجَاهٌ. اهـ. سم ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا قَرَّرَ عَنْ السُّبْكِيّ أَنَّ الْوَاقِعَ فِي الْمَجْلِسِ كَالْوَاقِعِ فِي الْعَقْدِ اط ف وَزّ ي وَع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَإِصْدَاقٍ) كَأَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَرْضٍ وَنَوَى بِهِ التِّجَارَةَ حَالَ الْعَقْدِ أَمَّا لَوْ زَوَّجَ غَيْرُ السَّيِّدِ مَوْلِيَتَهُ فَإِنْ كَانَ مُجْبَرًا فَالنِّيَّةُ مِنْهُ حَالَ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُجْبَرٍ فَالنِّيَّةُ مِنْهَا مُقَارِنَةٌ لِعَقْدِ وَلِيِّهَا أَوْ تُوَكِّلُهُ فِي النِّيَّةِ ع ش (قَوْلُهُ: وَاكْتِرَاءٍ) كَأَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَعْيَانَ وَيُؤَجِّرَهَا بِقَصْدِ التِّجَارَةِ وَفِيمَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيُؤَجِّرَهَا بِقَصْدِ التِّجَارَةِ فَمَضَى حَوْلٌ وَلَمْ يُؤَجِّرْهَا يَلْزَمُهُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ فَيُقَوِّمُهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ حَوْلًا وَيُخْرِجُ زَكَاةَ تِلْكَ الْأُجْرَةِ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ لِأَنَّهُ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَالِ التِّجَارَةِ عِنْدَهُ وَالْمَالُ يَنْقَسِمُ إلَى عَيْنٍ وَمَنْفَعَةٍ وَمَا هُنَا مِنْ الثَّانِي وَإِنْ أَجَّرَهَا فَإِنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ نَقْدًا عَيْنًا أَوْ دَيْنًا حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُزَكَّى إنْ بَلَغَ نِصَابًا أَوْ عَرْضًا فَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ أَوْ نَوَى قُنْيَتَهُ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ وَإِنْ نَوَى التِّجَارَةَ فِيهِ اسْتَمَرَّتْ زَكَاةُ التِّجَارَةِ وَهَكَذَا فِي كُلِّ عَامٍ ابْنُ حَجَرٍ وَمَثَّلَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ الِاكْتِرَاءَ بِمَا إذَا اسْتَأْجَرَ وَكَالَةً مُشْتَمِلَةً عَلَى حَوَاصِلَ وَطِبَاقٍ كَثِيرَةٍ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ وَصَارَ يُؤَجِّرُ الْحَوَاصِلَ وَالطِّبَاقَ إلَى آخِرِ الْحَوْلِ فَيَحْسِبُ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ الَّتِي حَصَلَتْ وَيُزَكِّيهَا إنْ بَلَغَتْ نِصَابًا فَأَكْثَرَ.
(قَوْلُهُ: لَا كَإِقَالَةٍ) أَيْ وَلَا كَإِرْثٍ فَلَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ عَنْ مَالِ تِجَارَةٍ انْقَطَعَ حَوْلُهُ وَلَا يَنْعَقِدُ لَهُ حَوْلُهُ حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ شَرْطِ السَّوْمِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ إلَّا فِيمَا تَصَرَّفَ فِيهِ بِالْفِعْلِ فَلَوْ تَصَرَّفَ فِي بَعْضِ الْعُرُوضِ الْمَوْرُوثَةِ وَحَصَلَ كَسَادٌ فِي الْبَاقِي لَا يَنْعَقِدُ حَوْلٌ إلَّا فِيمَا تَصَرَّفَ فِيهِ بِالْفِعْلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَرَدٍّ بِعَيْبٍ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْمَرْدُودُ مِنْ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ وَإِلَّا فَحُكْمُهَا بَاقٍ ع ش وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْإِقَالَةِ. (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْمُعَاوَضَةِ) بَلْ الرَّدُّ الْمَذْكُورُ فَسْخٌ لَهَا وَلِأَنَّ التَّمَلُّكَ مَجَّانًا لَا يُعَدُّ تِجَارَةً.
(قَوْلُهُ: فَلِأَنَّهَا مُتَعَلَّقُهُ) فِيهِ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِلَازِمِهِ أَوْ بِعَيْنِهِ وَمُتَعَلَّقُهُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّ الْقَافِ ح ل فَكَأَنَّهُ قَالَ إنَّمَا كَانَ الْوَاجِبُ مِنْ الْقِيمَةِ لِتَعَلُّقِهِ بِهَا (قَوْلُهُ: لِقُنْيَةٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَضَمِّهَا وَمَعْنَى الْقُنْيَةِ أَنْ يَنْوِيَ حَبْسَهُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ قَالَ م ر: فِي شَرْحِهِ مَا لَمْ يَنْوِ الْقُنْيَةَ وَإِنْ نَوَى اسْتِعْمَالًا مُحَرَّمًا كَقَطْعِهِ الطَّرِيقَ بِالسَّيْفِ الَّذِي يَتَّجِرُ فِيهِ وَكَلُبْسِهِ الْحَرِيرَ الَّذِي يَتَّجِرُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى لَهَا انْقَطَعَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَثُرَ جِدًّا بِحَيْثُ تَقْتَضِي الْعَادَةُ بِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يُحْبَسُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الْقُنْيَةَ وَلَوْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى خِلَافِ مَا ادَّعَاهُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: خَبَرُ الْحَاكِمِ) أَيْ وقَوْله تَعَالَى {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: ٢٦٧] قَالَ مُجَاهِدٌ نَزَلَتْ فِي التِّجَارَةِ م ر وَقَدَّمَ فِي الِاسْتِدْلَالِ الْآيَةَ عَلَى الْخَبَرِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَهُوَ يُقَالُ لِأَمْتِعَةِ الْبَزَّازِ) أَيْ الْمُعَدَّةِ لِلتِّجَارَةِ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِيهِ) أَيْ فِي الْبَزِّ الشَّامِلِ لِلسِّلَاحِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا تَكْفِي) أَيْ لَا تَكْفِي نِيَّةُ التِّجَارَةِ عِنْدَ الِاقْتِرَاضِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اقْتِرَانِهَا بِالتَّصَرُّفِ فَلَوْ اشْتَرَى بِهِ شَيْئًا قَاصِدًا بِهِ التِّجَارَةَ انْعَقَدَ حَوْلُهُ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ ع ش (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ حَوْلٍ) وَيَظْهَرُ انْعِقَادُ الْحَوْلِ بِأَوَّلِ مَتَاعٍ يَشْتَرِي بِقَصْدِهَا وَيَنْبَنِي حَوْلُ مَا يَشْتَرِي بَعْدَهُ عَلَيْهِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِآخِرِهِ) الْبَاءُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute