إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ لَا يَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْ نَظَرِ عَوْرَتِهِ مِمَّنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُهَا وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الِاسْتِتَارُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ فِي مَحَلِّ الْحَاجَةِ فِي الْخَلْوَةِ كَحَالَةِ الِاغْتِسَالِ وَالْبَوْلِ وَمُعَاشَرَةِ الزَّوْجَةِ، أَمَّا بِحَضْرَةِ النَّاسِ فَيَحْرُمُ كَشْفُهَا.
(وَ) أَنْ (يَسْكُتَ) حَالَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ عَنْ ذِكْرٍ وَغَيْرِهِ فَالْكَلَامُ عِنْدَهُ مَكْرُوهٌ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَإِنْذَارِ أَعْمَى فَلَوْ عَطَسَ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى بِقَلْبِهِ وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ وَقَدْ رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ خَبَرَ النَّهْيِ عَنْ التَّحَدُّثِ عَلَى الْغَائِطِ.
(وَ) أَنْ (لَا يَقْضِيَ) حَاجَتَهُ (فِي مَاءٍ رَاكِدٍ) لِلنَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِيهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَمِثْلُهُ الْغَائِطُ، بَلْ أَوْلَى وَالنَّهْيُ فِي ذَلِكَ لِلْكَرَاهَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا لِإِمْكَانِ طُهْرِهِ بِالْكَثْرَةِ أَمَّا الْجَارِي فَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ الْكَرَاهَةُ فِي الْقَلِيلِ مِنْهُ دُونَ الْكَثِيرِ، ثُمَّ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ الْبَوْلُ فِي الْقَلِيلِ مُطْلَقًا لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافًا عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَالْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ.
(وَ) لَا فِي (جُحْرٍ) لِلنَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِيهِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ وَهُوَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الْحَاءِ الثُّقْبُ وَأُلْحِقَ بِهِ السَّرَبُ بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ وَهُوَ الشَّقُّ. وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ مَا قِيلَ إنَّ الْجِنَّ تَسْكُنُ ذَلِكَ فَقَدْ تُؤْذِي مَنْ يَبُولُ فِيهِ وَكَالْبَوْلِ الْغَائِطُ.
(وَمَهَبِّ رِيحٍ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَرِيبٌ تَأَمَّلْ ع ش (قَوْلُهُ: أَيْضًا إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ) أَيْ شَخْصٌ لَا يَغُضُّ وَبَيَّنَ مَنْ بِقَوْلِهِ مِمَّنْ يَحْرُمُ إلَخْ، وَهْم الْأَجَانِبُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ) أَيْ؛ بِأَنْ كَانَ شَخْصٌ لَا يَغُضُّ مِمَّنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَيْهِ فَيَجِبُ حِينَئِذٍ وَأَمَّا الِاسْتِحْبَابُ فَبِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ أَحَدٌ أَصْلًا، أَوْ كَانَ لَكِنَّهُ يَغُضُّ بَصَرَهُ أَوْ لَا يَغُضُّ، لَكِنْ لَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَيْهِ وَهُوَ حَلِيلَتُهُ، وَقَدْ أَفَادَ هَذَا أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْغَضِّ بِالْفِعْلِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا يُنَافِيه قَوْلُ م ر وُجُوبُ الْغَضِّ عَلَيْهِمْ لَا يَنْفِي الْحُرْمَةَ عَنْهُ اهـ.
لِأَنَّهُ غَيْرُ الْغَضِّ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ لَا يَغُضُّ بَصَرَهُ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِتَارِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أَيْ هَذَا التَّقْيِيدِ فَقَوْلُهُ: يَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ إلَخْ، أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ لَا يَغُضُّ بَصَرَهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: أَمَّا بِحَضْرَةِ النَّاسِ إلَخْ، أَيْ إذَا كَانَ ثَمَّ مَنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُمْ وَلَا يَغُضُّونَ فَالْحَمْلُ فِي الشِّقَّيْنِ وَقَوْلُهُ: فِي الْخَلْوَةِ بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَالْمُرَادُ بِهَا الْبِنَاءُ الْمُسَقَّفُ، أَوْ الَّذِي يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِهَا مَا لَيْسَ بِحَضْرَةِ النَّاسِ وَلَوْ صَحْرَاءَ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ أَمَّا بِحَضْرَةِ النَّاسِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَمَّا بِحَضْرَةِ النَّاسِ) أَيْ الَّذِينَ لَا يَغُضُّونَ أَبْصَارَهُمْ عَنْ نَظَرِ عَوْرَتِهِ مِمَّنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُهَا ز ي وَهَذَا مَحَلُّ الْحَمْلِ قَالَ الرَّمْلِيُّ وَوُجُوبُ غَضِّ الْبَصَرِ لَا يَمْنَعُ الْحُرْمَةَ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ اهـ أَيْ لِأَنَّهُمْ قَدْ لَا يَمْتَثِلُونَ وَإِنَّمَا يَمْنَعُ الْحُرْمَةَ الْغَضُّ بِالْفِعْلِ.
. (قَوْلُهُ: حَالَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ فَالْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ حَالَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ وَقَبْلَهُ وَبَعْدَهُ لِأَنَّ الْآدَابَ لِلْمَحَلِّ، وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ مَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَالْكَلَامُ عِنْدَهُ مَكْرُوهٌ) وَلَوْ بِالْقُرْآنِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ حَيْثُ قَالَ بِتَحْرِيمِهِ ح ل. (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَطَسَ) وَهُوَ بِفَتْحِ الطَّاءِ فِي الْمَاضِي وَبِكَسْرِهَا وَضَمِّهَا فِي الْمُضَارِعِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَبَابِ نَصَرَ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: حَمِدَ اللَّهَ بِقَلْبِهِ) وَيُثَابُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَنَا ذِكْرٌ يُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ إلَّا هَذَا ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ) أَيْ تَحْرِيكًا يُسْمِعُ بِهِ نَفْسَهُ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ رَوَى ابْنُ حِبَّانَ) لَمْ يَقُلْ لِحَدِيثِ ابْنِ حِبَّانَ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى بَعْضِ الْمُدَّعَى لِأَنَّ الْمُدَّعَى كَرَاهَةُ التَّحَدُّثِ عَلَى الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فَلَوْ قَالَ لِحَدِيثِ إلَخْ، لَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَمِيعِ الْمُدَّعَى بِخِلَافِ مَا فَعَلَهُ ح ل.
. (قَوْلُهُ: فِي مَاءٍ رَاكِدٍ) أَيْ مَمْلُوكٍ لَهُ أَوْ مُبَاحٍ بِخِلَافِ الْمَمْلُوكِ لِلْغَيْرِ، أَوْ الْمُسَبَّلِ فَيَحْرُمُ قَطْعًا، لَكِنْ فِي كَلَامِ الْأُسْتَاذِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَكْرِيِّ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُسْتَبْحَرًا لَا يَحْرُمُ حِينَئِذٍ اهـ.
ح ل وَعِبَارَةُ ع ش فِي مَاءٍ رَاكِدٍ أَيْ يُكْرَهُ مُطْلَقًا مَا لَمْ يُسْتَبْحَرْ فَيُكْرَهُ بِاللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ وَقَرَّرَهُ الشَّبْشِيرِيُّ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْبَوْلُ فِي الْمَاءِ لَيْلًا مُطْلَقًا، وَكَذَا نَهَارًا إلَّا فِي الرَّاكِدِ الْمُسْتَبْحَرِ وَالْجَارِي الْكَثِيرِ اهـ. (قَوْلُهُ: فِي الْقَلِيلِ مِنْهُ دُونَ الْكَثِيرِ) وَفِي الْكِفَايَةِ يُكْرَهُ بِاللَّيْلِ لِأَنَّ الْمَاءَ بِاللَّيْلِ مَأْوَى الْجِنِّ شَرْحُ الرَّوْضِ وَلَوْ انْغَمَسَ مُسْتَجْمِرٌ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ حَرُمَ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْكَرَاهَةِ فِي الْبَوْلِ فِيهِ لِمَا فِيهِ هُنَا مِنْ تَضَمُّخِهِ بِالنَّجَاسَةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ شَرْحُ م ر وَعِ ش. (قَوْلُهُ: أَنْ يَحْرُمَ الْبَوْلُ) ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ جَارِيًا، أَوْ رَاكِدًا وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافًا عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ مَحَلُّهُ فِي الْمُبَاحِ أَوْ الْمَمْلُوكِ لَهُ فَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ أَوْ مَوْقُوفًا أَوْ مُسَبَّلًا فَيَنْبَغِي الْحُرْمَةُ مُطْلَقًا إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا فِي الْمَوْقُوفِ وَالْمُسَبَّلِ بِغَيْرِ الْجِهَةِ الْمَأْذُونِ فِيهَا مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ وَالْمُسَبِّلِ حَتَّى يَنْبَغِيَ فِي الْبِرَكِ الْمَوْقُوفَةِ وَالْمُسَبَّلَةِ أَنْ يَحْرُمَ وَضْعُ يَدِهِ مَثَلًا إذَا كَانَ عَلَيْهَا عَيْنُ النَّجَاسَةِ لِغَسْلِهَا بِغَمْسِهَا فِيهَا إذَا كَانَ يَتَقَذَّرُ النَّاسُ مِنْ مِثْلِهِ لِإِمْكَانِ تَطْهِيرِهَا خَارِجَهَا ع ش.
. (قَوْلُهُ: الثَّقْبُ) بِالْفَتْحِ وَالسُّكُونِ كَمَا فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ وَفِي الْخَطِيبِ عَلَى الْغَايَةِ أَنَّهُ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَالْقِيَاسُ مَا فِي الْمُخْتَارِ اهـ.
ع ش. (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ إلَخْ،) قَالَ شَيْخُنَا: يَظْهَرُ تَحْرِيمُهُ فِيمَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ بِهِ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا يَتَأَذَّى بِهِ أَوْ يَهْلَكْ ح ل.
. (قَوْلُهُ: وَمَهَبِّ رِيحٍ.)