فَضَحِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَك» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «فَأُعْتِقْ رَقَبَةً فَصُمْ شَهْرَيْنِ فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا» بِالْأَمْرِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد «فَأُتِيَ بِعَرَقِ تَمْرٍ قَدْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا» وَالْعَرَقُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ مِكْتَلٌ يُنْسَجُ مِنْ خُوصِ النَّخْلِ.
وَتَعْبِيرِي بِالْوَاطِئِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالزَّوْجِ وَإِضَافَةُ الصَّوْمِ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِي وَلَا شُبْهَةَ مِنْ زِيَادَتِي فَمَنْ أَدْرَكَ الْفَجْرَ مُجَامِعًا فَاسْتَدَامَ عَالِمًا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ جِمَاعَهُ وَإِنْ لَمْ يُفْسِدْ صَوْمَهُ هُوَ فِي مَعْنَى مَا يُفْسِدُهُ فَكَأَنَّهُ انْعَقَدَ ثُمَّ فَسَدَ عَلَى أَنَّ السُّبْكِيَّ اخْتَارَ أَنَّهُ انْعَقَدَ ثُمَّ فَسَدَ (فَلَا تَجِبُ عَلَى مَوْطُوءٍ) ؛ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ بِهَا فِي الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ هُوَ الْفَاعِلُ (وَلَا) عَلَى (نَحْوِ نَاسٍ) مِنْ مُكْرَهٍ، وَجَاهِلٍ وَمَأْمُورٍ بِالْإِمْسَاكِ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ لَا يُفْسِدُ صَوْمًا وَلَا عَلَى مَنْ وَطِئَ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ جُنَّ، أَوْ مَاتَ فِي الْيَوْمِ لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يُفْسِدْ صَوْمَ يَوْمٍ (وَ) لَا عَلَى (مُفْسِدِ غَيْرِ صَوْمٍ) كَصَلَاةٍ (أَوْ صَوْمِ غَيْرِهِ) وَلَوْ فِي رَمَضَانَ كَأَنْ وَطِئَ مُسَافِرٌ أَوْ نَحْوُهُ امْرَأَتَهُ فَفَسَدَ صَوْمُهَا (أَوْ صَوْمُهُ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ) كَنَذْرٍ وَقَضَاءٍ؛ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ كَمَا مَرَّ وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِفَضَائِلَ لَا يُشْرِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ (أَوْ) مُفْسِدٍ لَهُ وَلَوْ فِي رَمَضَانَ (بِغَيْرِ وَطْءٍ) كَأَكْلٍ وَاسْتِمْنَاءٍ؛ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي الْوَطْءِ وَمَا عَدَاهُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ (وَ) لَا عَلَى (مَنْ ظَنَّ) وَقْتَ الْوَطْءِ (لَيْلًا) أَيْ بَقَاءَهُ، أَوْ دُخُولَهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
هُوَ تَثْنِيَةُ طُنُبٍ بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ أَحَدُ أَطْنَابِ الْخَيْمَةِ وَاسْتَعَارَهُ لِلطَّرَفِ وَقَوْلُهُ: أَهْلُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ أَحْوَجُ وَبَيْنَ لَابَتَيْهَا حَالٌ وَيَجُوزُ كَوْنُ مَا حِجَازِيَّةً أَوْ تَمِيمِيَّةً فَعَلَى الْأَوَّلِ أَحْوَجُ مَنْصُوبٌ وَعَلَى الثَّانِي مَرْفُوعٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ خَبَرًا مُقَدَّمًا وَأَهْلُ مُبْتَدَأٌ وَأَحْوَجُ صِفَةٌ لِأَهْلٍ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ وَتَسْتَوِي عَلَى هَذَا الْحِجَازِيَّةُ وَالتَّمِيمِيَّةُ لِسَبْقِ الْخَبَرِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ فَضَحِكَ النَّبِيُّ) أَيْ تَبَسَّمَ. (قَوْلُهُ: اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَك) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ، أَوْ مَلَّكَهُ إيَّاهُ لِيُكَفِّرَ بِهِ فَلَمَّا أَخْبَرَهُ بِفَقْرِهِ أَذِنَ لَهُ فِي صَرْفِةِ لِأَهْلِهِ إعْلَامًا بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِالْفَاضِلِ عَنْ الْكِفَايَةِ أَوْ أَنَّهُ تَطَوَّعَ بِالتَّكْفِيرِ عَنْهُ وَسَوَّغَ لَهُ صَرْفَهَا لِأَهْلِهِ إعْلَامًا بِأَنَّ الْمُكَفِّرَ الْمُتَطَوِّعَ يَجُوزُ لَهُ صَرْفُهَا لِمُمَوَّنِ الْمُكَفَّرِ عَنْهُ وَبِهَذَا أَخَذَ أَصْحَابُنَا شَرْحُ حَجّ عَلَى ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَجْوِبَةِ وَلَعَلَّ أَهْلَهُ كَانُوا سِتِّينَ آدَمِيًّا وَعَلِمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ اهـ بِالْحَرْفِ فَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ بَعْضِهِمْ هَذَا الْجَوَابَ بِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِ أَهْلِهِ سِتِّينَ وَهُوَ بَعِيدٌ. (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ) أَيْ بَدَلَ قَالَ هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَصُمْ شَهْرَيْنِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ إعْتَاقَ رَقَبَةٍ فَصُمْ وَقَوْلُهُ: فَأَطْعِمْ أَيْ فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ صَوْمَ شَهْرَيْنِ فَأَطْعِمْ إلَخْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْفَاءُ وَأَتَى بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ فِيهَا الْأَمْرَ، وَانْظُرْ هَلْ كَانَ السَّائِلُ يُجِيبُهُ فِي كُلِّ مُرَّةٍ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ فَكَانَ يَقُولُ لَهُ لَا أَسْتَطِيعُ أَمْ لَا رَاجِعُ الظَّاهِرِ نَعَمْ. (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد) أَتَى بِرِوَايَةِ أَبِي دَاوُد؛ لِأَنَّ فِيهَا تَقْدِيرُ التَّمْرِ. (قَوْلُهُ مِكْتَلٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ شَرْحُ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ ع ش. (قَوْلُهُ وَتَعْبِيرِي بِالْوَاطِئِ أَعَمُّ) لِشُمُولِهِ لِلزَّانِي وَالْوَاطِئِ بِالشُّبْهَةِ وَالسَّيِّدِ فِي حَقِّ الْأَمَةِ كَمَا نُقِلَ عَنْ ع ش. (قَوْلُهُ: فَمَنْ أَدْرَكَ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى مَنْ أَدْرَكَ الْفَجْرَ مُجَامِعًا فَاسْتَدَامَ إلَخْ، أَوْ يُدْخِلَهُ فِي عُمُومِ قَوْلِ الْمَتْنِ بِإِفْسَادِ صَوْمِهِ بِأَنْ يَقُولَ بَعْدَهُ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا وَإِلَّا فَالتَّفْرِيعُ بِقَوْلِهِ لِمَنْ أَدْرَكَ إلَخْ مُشْكِلٌ لِعَدَمِ انْعِقَادِهِ أَمَّا عَلَى مَا اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ فَلَا إشْكَالَ كَمَا ذَكَرَهُ ع ش عَلَى م ر
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَأَوْرَدَ عَلَى عَكْسِ هَذَا الضَّابِطِ مَا إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ مُجَامِعٌ فَاسْتَدَامَ فَإِنَّ الْأَصَحَّ فِي الْمَجْمُوعِ عَدَمُ انْعِقَادِ صَوْمِهِ وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُفْسِدْ صَوْمًا وَيُجَابُ بِعَدَمِ وُرُودِهِ إنْ فُسِّرَ الْإِفْسَادُ بِمَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ تَجَوُّزًا بِخِلَافِ تَفْسِيرِهِ بِمَا يَرْفَعُهُ عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُفْسِدْهُ فَهُوَ فِي مَعْنَى مَا يُفْسِدُهُ.
(قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ السُّبْكِيَّ اخْتَارَ) اُنْظُرْ هَذَا الِاخْتِيَارَ مَعَ قِيَامِ الْمَانِعِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ بِهَا فِي الْخَبَرِ هُوَ الْفَاعِلُ الْمَذْكُورُ) وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْوَاطِئِ أَنَّهَا لَوْ عَلَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يُنْزِلْ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَلَا يُفْطِرُ لِأَنَّهُ لَمْ يُجَامِعْ بِخِلَافِهِ إذَا أَنْزَلَ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ كَالْإِنْزَالِ بِالْمُبَاشَرَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا كَفَّارَةَ أَيْضًا لِعَدَمِ الْفِعْلِ ز ي. (قَوْلُهُ: وَجَاهِلٍ) أَيْ تَحْرِيمُ الْوَطْءِ إذَا قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ بِخِلَافِ مَنْ عَلِمَ تَحْرِيمَهُ وَجَهِلَ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ قَطْعًا كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَعِ ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ جُنَّ) هَلْ بِغَيْرِ تَعَدٍّ، أَوْ مُطْلَقًا ح ل، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ سم أَنَّهُ بِغَيْرِ تَعَدٍّ
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَدَّى بِالْجُنُونِ نَهَارًا بَعْدَ الْجِمَاعِ هَلْ تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ، أَوْ لَا؟ وَالْأَقْرَبُ سُقُوطُهَا لِأَنَّهُ وَإِنْ تَعَدَّى بِهِ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَفْسَدَ صَوْمَ يَوْمٍ لِأَنَّهُ بِجُنُونِهِ خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الصَّوْمِ وَإِنْ أَثِمَ بِسَبَبِهِ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْإِطْلَاقِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ لِأَنَّهُ مُحْتَرَزُ يَوْمٍ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمَتْنُ؟ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ وَطِئَ مُسَافِرٌ) أَوْ نَحْوُهُ كَمَرِيضٍ أَيْ وَكَانَ كُلٌّ مِنْ الْمُسَافِرِ وَنَحْوِهِ مُفْطِرًا قَبْلَ الْوَطْءِ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ أَفْسَدَ صَوْمَ غَيْرِهِ لَا صَوْمَ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: لَا يُشْرِكُهُ) فِي الْمُخْتَارِ شَرِكَهُ فِي الْبَيْعِ وَالْمِيرَاثِ يَشْرَكُهُ مِثْلُ عَلِمَهُ يَعْلَمُهُ شَرِكَةً اهـ
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: لَا يُشْرِكُهُ بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ أَشْرَكَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا يُشَارِكُهُ.
(قَوْلُهُ وَقْتَ الْوَطْءِ) الظَّاهِرُ