وَلَمَّا اسْتَطَعْتُمْ» وَلِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «عَنْ سُرَاقَةَ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ عُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ فَقَالَ: لَا بَلْ لِلْأَبَدِ» (بِتَرَاخٍ بِشَرْطِهِ) وَهُوَ أَنْ يَعْزِمَ عَلَى الْفِعْلِ بَعْدُ، وَأَنْ لَا يَتَضَيَّقَ بِنَذْرٍ، أَوْ خَوْفِ عَضَبٍ، أَوْ قَضَاءِ نُسُكٍ وَقَوْلِي: مَرَّةً إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي (وَشُرِطَ إسْلَامٌ) فَقَطْ (لِصِحَّةٍ) مُطْلَقَةٍ أَيْ: صِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ أَصْلِيٍّ، أَوْ مُرْتَدٍّ؛ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَكْلِيفٌ
. (فَلِوَلِيِّ مَالٍ) وَلَوْ بِمَأْذُونِهِ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ نُسُكَهُ، أَوْ أَحْرَمَ بِهِ (إحْرَامٌ عَنْ صَغِيرٍ) وَلَوْ مُمَيِّزًا وَإِنْ قَيَّدَ الْأَصْلُ بِغَيْرِهِ؛ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقِيَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ فَفَزِعَتْ امْرَأَةٌ فَأَخَذَتْ بِعَضُدِ صَبِيٍّ صَغِيرٍ فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ مِحَفَّتِهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ وَلَك أَجْرٌ» (وَ) عَنْ (مَجْنُونٍ) قِيَاسًا عَلَى الصَّغِيرِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي مَالُ غَيْرِ وَلِيِّ الْمَالِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ فَلَا يُحْرَمُ عَمَّنْ ذُكِرَ؛ (وَصِفَةُ إحْرَامِهِ عَنْهُ) أَنْ يَنْوِيَ جَعْلَهُ مُحْرِمًا فَيَصِيرُ مَنْ أَحْرَمَ عَنْهُ مُحْرِمًا
ــ
[حاشية البجيرمي]
التَّوَجُّهِ إلَى كَذَا كَالْجَمَاعَةِ، أَوْ غَيْرِهَا فَلَا حُرْمَةَ ع ش م ر. .
(قَوْلُهُ: وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ) فِيهِ أَنَّ عَدَمَ الِاسْتِطَاعَةِ يُسْقِطُ الْوُجُوبَ مِنْ أَصْلِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ الْمَشَقَّةُ أَيْ: وَلَشَقَّ عَلَيْكُمْ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَانْظُرْ وَجْهَ تَرَتُّبِ قَوْلِهِ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ عَلَى الشَّرْطِ أَعْنِي قَوْلَهُ لَوْ قُلْت نَعَمْ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّقْدِيرَ وَلَوْ وَجَبَتْ لَمَا اسْتَطَعْتُمْ (قَوْلُهُ: فَقَالَ: لَا بَلْ لِلْأَبَدِ) اُنْظُرْ مَا النُّكْتَةُ فِي أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَتَى فِي الْجَوَابِ بِالنَّفْيِ وَالْإِضْرَابِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لِلْأَبَدِ لَكَفَى تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِتَرَاخٍ) لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِيَجِبُ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ حَالًّا وَالتَّرَاخِي فِي الْفِعْلِ بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: وَيُفْعَلُ بِتَرَاخٍ وَقِيلَ إنَّهُ حَالٌ مِنْ الْفَاعِلِ أَيْ: كُلٌّ وَالْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ أَيْ: مَصْحُوبًا بِتَرَاخٍ وَإِنَّمَا وَجَبَ بِتَرَاخٍ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ فُرِضَ سَنَةَ سِتٍّ وَلَمْ يَحُجَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَّا سَنَةَ عَشْرٍ وَمَعَهُ مَيَاسِيرُ لَا عُذْرَ لَهُمْ. وَقِيسَ بِهِ الْعُمْرَةُ م ر وَحَجَّ النَّبِيُّ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَقَبْلَ الْهِجْرَةِ حِجَجًا لَا يُدْرَى عَدَدُهَا
وَتَسْمِيَةُ هَذِهِ حِجَجًا إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ إذْ لَمْ تَكُنْ عَلَى قَوَانِينِ الشَّرْعِ ع ش. (قَوْلُهُ: بَعْدُ) أَيْ: الْآنَ، أَوْ بَعْدَ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ ع ش وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِيَعْزِمُ عَلَى الْأَوَّلِ وَبِالْفِعْلِ عَلَى الثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَتَضَيَّقَ بِنَذْرٍ) كَأَنْ كَانَ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ نَذَرَ الْحَجَّ فِي سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَيَصِحُّ وَيُحْمَلُ مِنْهُ عَلَى التَّعْجِيلِ؛ فَقَدْ ضَيَّقَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِتَعْيِينِ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي نَذْرِهِ وَتُجْزِئُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَعَنْ نَذْرِهِ قَالَ فِي الْبَهْجَةِ: وَأَجْزَأَتْ فَرِيضَةُ الْإِسْلَامِ عَنْ نَذْرِ حَجٍّ وَاعْتِمَارِ الْعَامِ أَمَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ سَنَةً فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْ النَّذْرِ بَعْدَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ خَوْفِ عَضْبٍ) بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعُبَابِ تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ لُحُوقِ الْمَشَقَّةِ عَلَى الرَّاكِبِ أَوْ مَعْرِفَةِ نَفْسِهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ حَيْثُ يَكْفِي عَدْلٌ وَاحِدٌ يُعَظِّمُ أَمْرَ الْحَجِّ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: لِصِحَّةٍ مُطْلَقَةٍ) أَيْ: عَنْ الْمُبَاشَرَةِ وَعَنْ الْوُقُوعِ عَنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ وَعَنْ الْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ: فِي صِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا ذَكَّرَ الضَّمِيرَ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ اكْتَسَبَتْ التَّذْكِيرَ بِإِضَافَتِهَا إلَى كُلٍّ كَمَا قَالَ ز ي: أَيْ: كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: ٥٦] وَيَصِحُّ عَوْدُهُ لِلْمُسْلِمِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْإِسْلَامِ، أَوْ لِكُلٍّ فَتَأَمَّلْ.
. (قَوْلُهُ: فَلِوَلِيِّ مَالٍ) بَلْ يُنْدَبُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى حُصُولِ الثَّوَابِ لِلصَّبِيِّ ش وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ وَلِيِّ النِّكَاحِ إذْ ذَاكَ يَشْمَلُ الْحَوَاشِي قَالَ م ر: وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ صِحَّةِ إحْرَامِ غَيْرِ الْوَلِيِّ كَالْجَدِّ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ بِهِ مَانِعٌ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ وَق ل: وَمِنْهُ السَّيِّدُ لِيُحْرِمْ عَنْ قِنِّهِ الصَّغِيرِ دُونَ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ وَيُشْتَرَطُ إحْرَامُ السَّيِّدَيْنِ مَعًا فِي الْمُشْتَرَكِ، أَوْ إذْنُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ وَلَا دَخْلَ لِلْمُهَايَأَةِ هُنَا لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ إلَّا فِي الْأَكْسَابِ وَنَحْوِهَا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ رَقِيقٌ يَعْنِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إحْرَامِ السَّيِّدِ وَالْوَلِيِّ، أَوْ إذْنِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ
(قَوْلُهُ: إحْرَامٌ) أَيْ: بَعْدَ تَجْرِيدِهِ مِنْ ثِيَابِهِ الْمُحِيطَةِ بِهِ. (قَوْلُهُ: بِالرَّوْحَاءِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ اسْمُ وَادٍ مَشْهُورٍ عَلَى نَحْوِ أَرْبَعِينَ مِيلًا مِنْ الْمَدِينَةِ وَقِيلَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَقِيلَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، وَفَزِعْت بِكَسْرِ الزَّايِ أَيْ: أَسْرَعْت. .
(قَوْلُهُ: بِعَضُدِ صَبِيٍّ) أَيْ: غَيْرِ مُمَيِّزٍ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فِيمَنْ يُؤْخَذُ بِعَضُدِهِ كَمَا فِي ح ل قَالَ: أَيْ: ذَكَرَ؛ لِأَنَّهُ الْوَاقِعُ وَلَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِهِ إذْ مِثْلُهُ الصَّبِيَّةُ (قَوْلُهُ: مِحَفَّتِهَا) بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مَرْكَبٌ مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ مِصْبَاحٌ. (قَوْلُهُ: قَالَ: نَعَمْ) فَيُكْتَبُ لِلصَّبِيِّ ثَوَابُ مَا عَمِلَهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ كَمَا قَالَ م ر وَحَجّ. (قَوْلُهُ: وَلَك أَجْرٌ) أَيْ: عَلَى تَرْبِيَتِهِ، أَوْ عَلَى الْإِعَانَةِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْأُمَّ لَا وِلَايَةَ لَهَا، أَوْ يُقَالُ يَجُوزُ أَنَّهَا كَانَتْ وَصِيَّةً ع ش وَعِبَارَةُ حَجّ وَأَجَابُوا عَمَّا تَقَرَّرَ مِنْ اعْتِبَارِ وِلَايَةِ الْمَالِ وَالْأُمُّ لَيْسَتْ كَذَلِكَ بِاحْتِمَالِ أَنَّهَا وَصِيَّةٌ، أَوْ أَنَّ وَلِيَّهُ أَذِنَ لَهَا أَنْ تُحْرِمَ عَنْهُ، أَوْ أَنَّ الْحَاصِلَ لَهَا أَجْرُ الْحَمْلِ وَالنَّفَقَةِ لَا الْإِحْرَامِ إذْ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهَا أَحْرَمَتْ عَنْهُ اهـ. أَيْ: وَإِنْ كَانَ يُوهِمُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَصِفَةُ إحْرَامِهِ عَنْهُ) أَيْ: عَمَّا ذُكِرَ مِنْ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَنْوِيَ) أَيْ يَقُولُ نَوَيْت الْإِحْرَامَ عَنْ هَذَا، أَوْ فُلَانٍ أَوْ جَعَلْته مُحْرِمًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute