للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَضِيَّتُهُ التَّسْوِيَةُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ (وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ لِقَائِهِ الْكَعْبَةَ رَافِعًا يَدَيْهِ وَاقِفًا: اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ) أَيْ: الْكَعْبَةَ (تَشْرِيفًا إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَزِدْ مَنْ شَرَّفَهُ وَكَرَّمَهُ مِمَّنْ حَجَّهُ، أَوْ اعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا وَبِرًّا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ مُنْقَطِعٌ (اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ إلَى آخِرِهِ) أَيْ: وَمِنْك السَّلَامُ فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ قَالَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَوَاهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَإِسْنَادُهُ لَيْسَ بِقَوِيٍّ وَمَعْنَى السَّلَامِ الْأَوَّلِ ذُو السَّلَامَةِ مِنْ النَّقَائِصِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ السَّلَامَةُ مِنْ الْآفَاتِ وَقَوْلِي: عِنْدَ لِقَاءِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ إذَا أَبْصَرَ وَقَوْلِي: رَافِعًا يَدَيْهِ وَاقِفًا مِنْ زِيَادَتِي.

(فَيَدْخُلُ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ، ثُمَّ يَدْخُلُ (الْمَسْجِدَ) الْحَرَامَ (مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِطَرِيقِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلِأَنَّ بَابَ بَنِي شَيْبَةَ مِنْ جِهَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَأَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَابِ بَنِي سَهْمٍ إذَا خَرَجَ إلَى بَلَدِهِ وَيُسَمَّى الْيَوْمَ بِبَابِ الْعُمْرَةِ (وَ) أَنْ (يَبْدَأَ بِطَوَافِ قُدُومٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الطَّوَافَ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ فَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِهِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إلَّا لِعُذْرٍ) كَإِقَامَةِ جَمَاعَةٍ وَضِيقِ وَقْتِ صَلَاةٍ وَتَذَكُّرِ فَائِتَةٍ فَيُقَدَّمُ عَلَى الطَّوَافِ وَلَوْ كَانَ فِي أَثْنَائِهِ؛ لِأَنَّهُ يَفُوتُ وَالطَّوَافُ لَا يَفُوتُ وَلَا يَفُوتُ بِالْجُلُوسِ وَلَا بِالتَّأْخِيرِ نَعَمْ يَفُوتُ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَكَمَا يُسَمَّى طَوَافَ الْقُدُومِ يُسَمَّى طَوَافَ الْقَادِمِ وَطَوَافَ الْوُرُودِ وَطَوَافَ الْوَارِدِ وَطَوَافَ التَّحِيَّةِ (وَيَخْتَصُّ بِهِ) أَيْ بِطَوَافِ الْقُدُومِ (حَلَالٌ) هُوَ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَحَاجٌّ دَخَلَ مَكَّةَ قَبْلَ وُقُوفٍ) فَلَا يُطْلَبُ مِنْ الدَّاخِلِ بَعْدَهُ وَلَا مِنْ الْمُعْتَمِرِ لِدُخُولِ وَقْتِ الطَّوَافِ الْمَفْرُوضِ عَلَيْهِمَا فَلَا يَصِحُّ قَبْلَ أَدَائِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مِنْ الْبَكِّ أَيْ: الْإِخْرَاجِ لِإِخْرَاجِهَا الْجَبَابِرَةَ وَقِيلَ مِنْ الْبَكِّ وَهُوَ الدَّفْعُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَدَافَعُونَ فِيهَا فِي الْمَطَافِ اهـ وَهِيَ أَفْضَلُ بِلَادِ اللَّهِ إلَّا الْبُقْعَةَ الَّتِي ضَمَّتْ أَعْضَاءَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهِيَ أَفْضَلُ حَتَّى مِنْ الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ. وَأَفْضَلُ بِقَاعِهَا الْكَعْبَةُ، ثُمَّ الْمَسْجِدُ حَوْلَهَا، ثُمَّ بَيْتُ خَدِيجَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، وَتُنْدَبُ الْمُجَاوَرَةُ بِهَا إلَّا لِخَوْفِ انْحِطَاطِ رُتْبَةٍ، أَوْ مَحْذُورٍ مِنْ نَحْوِ مَعْصِيَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ التَّسْوِيَةُ) مُعْتَمَدٌ فَإِنْ قُلْت: حَيْثُ كَانَ قَضِيَّتُهُ ذَلِكَ فَلِمَ قَصَرَ الْمَتْنُ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى الْمُحْرِمِ قُلْت لَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ كَلَامَ الْأَصْحَابِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقُولَ إلَخْ) وَلِبَعْضِهِمْ:

بَنَى بَيْتَ رَبِّ الْعَرْشِ عَشْرٌ فَخُذْهُمْ ... مَلَائِكَةُ اللَّهِ الْكِرَامُ وَآدَمُ

وَشِيثٌ وَإِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ عَمَالِقُ ... قُصَيِّ قُرَيْشٍ قَبْلَ هَذَيْنِ جُرْهُمُ

وَعَبْدُ الْإِلَهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بَنَى كَذَا ... بِنَاءً لِحُجَّاجٍ وَهَذَا مُتَمِّمُ

(قَوْلُهُ: وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا) وَكَأَنَّ حِكْمَةَ تَقَدُّمِ التَّعْظِيمِ عَلَى التَّكْرِيمِ فِي الْبَيْتِ وَعَكْسِهِ فِي قَاصِدِهِ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ فِي الْبَيْتِ إظْهَارُ عَظَمَتِهِ فِي النُّفُوسِ حَتَّى تَخْضَعَ لِشَرَفِهِ وَتَقُومَ بِحُقُوقِهِ، ثُمَّ كَرَامَتُهُ بِإِكْرَامِ زَائِرِيهِ بِإِعْطَائِهِمْ مَا يَطْلُبُونَهُ وَإِنْجَازِهِمْ مَا أَمْلَوْهُ، وَفِي زَائِرِهِ وُجُودُ كَرَامَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى بِإِسْبَاغِ رِضَاهُ عَلَيْهِ وَعَفْوِهِ عَمَّا جَنَاهُ وَاقْتَرَفَهُ، ثُمَّ عَظَمَتِهِ بَيْنَ أَبْنَاءِ جِنْسِهِ بِظُهُورِ تَقْوَاهُ وَهِدَايَتِهِ وَيُرْشِدُ إلَى هَذَا خَتْمُ دُعَاءِ الْبَيْتِ بِالْمَهَابَةِ النَّاشِئَةِ عَنْ تِلْكَ الْعَظَمَةِ إذْ هِيَ التَّوْقِيرُ وَالْإِجْلَالُ وَدُعَاءُ الزَّائِرِ بِالْبِرِّ النَّاشِئِ عَنْ ذَلِكَ التَّكْرِيمِ إذْ هُوَ الِاتِّسَاعُ فِي الْإِحْسَانِ اهـ. شَرْحُ حَجّ. (قَوْلُهُ: فَحَيِّنَا) أَيْ: أَكْرِمْنَا. (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى السَّلَامِ الْأَوَّلِ ذُو السَّلَامَةِ) عِبَارَةُ حَجّ أَنْتَ السَّلَامُ أَيْ: السَّالِمُ مِنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِ الرُّبُوبِيَّةِ وَكَمَالِ الْأُلُوهِيَّةِ، أَوْ الْمُسَلِّمُ لِعَبِيدِك مِنْ الْآفَاتِ اهـ فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْرِقَةِ لَا يَتَعَيَّنُ. (قَوْلُهُ: فَيَدْخُلَ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى دُخُولِ فَيُفِيدُ سُنَّتَيْنِ فَوْرِيَّةَ الدُّخُولِ وَكَوْنَهُ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ وَالْفَوْرِيَّةُ صَرَّحَ بِهَا ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: عَلَى بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِبَابِ السَّلَامِ. اهـ. حَجّ.

(قَوْلُهُ: مِنْ جِهَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ) وَهِيَ أَشْرَفُ جِهَاتِهَا. اهـ. حَجّ وَم ر وَأَيْضًا قَدْ أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُؤْتَى الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ح ف (قَوْلُهُ: بِطَوَافِ قُدُومٍ) إلَّا لِعُذْرٍ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ الطَّوَافِ وَحِينَئِذٍ يُصَلِّي تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ وَكَذَا إنْ أَرَادَ عَدَمَ الطَّوَافِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ) أَيْ: الْكَعْبَةِ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ تَحِيَّتُهَا فَقَطْ ح ف وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْمَسْجِدِ فَتَحِيَّتُهُ الصَّلَاةُ كَغَيْرِهِ وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ: أَيْ: الْكَعْبَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَأَمَّا تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ فَتَنْدَرِجُ فِي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا نَوَى بِهِمَا مَعَ الطَّوَافِ التَّحِيَّةَ أُثِيبَ عَلَيْهِمَا وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ الطَّلَبُ بِفِعْلِهِمَا. (قَوْلُهُ: كَإِقَامَةِ جَمَاعَةٍ) وَلَوْ فِي مَنْدُوبَةٍ وَقَوْلُهُ: وَضِيقِ وَقْتِ صَلَاةٍ وَلَوْ نَافِلَةً مُؤَكَّدَةً، أَوْ رَاتِبَةً وَقَوْلُهُ: وَتَذَكَّرَ فَائِتَةً أَيْ: مَكْتُوبَةً شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ: الطَّوَافِ فَيَتْرُكُهُ وَيَأْتِي بِهَا. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ: الْمَذْكُورَ يَفُوتُ هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلَيْنِ لَا فِي الثَّالِثِ؛ لِأَنَّ الْفَائِتَةَ لَا تَفُوتُ إلَّا أَنْ يُرَادَ؛ لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ يَفُوتُ وَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ مِنْهُ فَقُدِّمَتْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَطْلُبُ) أَيْ: مُسْتَقِلًّا فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ يَحْصُلُ بِطَوَافِ الرُّكْنِ وَقَوْلُهُ: مِنْ الدَّاخِلِ بَعْدَهُ أَيْ: وَبَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ أَمَّا قَبْلَهُ فَيُطْلَبُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ طَوَافِ الرُّكْنِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِالتَّعْلِيلِ شَوْبَرِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>