وَإِخْرَاجُ الْقَرِيبِ لِاخْتِلَافِ الْمَوَاقِيتِ وَعَطَفْت عَلَى مَدْخُولِ إنْ قَوْلِي:
(وَاعْتَمَرَ الْمُتَمَتِّعُ فِي أَشْهُرِ حَجِّ عَامِهِ) فَلَوْ وَقَعَتْ الْعُمْرَةُ قَبْلَ أَشْهُرِهِ، أَوْ فِيهَا وَالْحَجُّ فِي عَامٍ قَابِلٍ فَلَا دَمَ وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِهَا فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ وَأَتَى بِجَمِيعِ أَفْعَالِهَا فِي أَشْهُرِهِ، ثُمَّ حَجَّ (وَلَمْ يَعُدْ لِإِحْرَامِ الْحَجِّ إلَى مِيقَاتٍ) وَلَوْ أَقْرَبَ إلَى مَكَّةَ مِنْ مِيقَاتِ عُمْرَتِهِ، أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَةِ مِيقَاتِهَا فَلَوْ عَادَ إلَيْهِ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِانْتِفَاءِ تَمَتُّعِهِ وَتَرَفُّهِهِ، وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ مَكَّةَ، أَوْ دَخَلَهَا الْقَارِنُ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَة، ثُمَّ عَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى مِيقَاتٍ
. (وَوَقْتُ وُجُوبِ الدَّمِ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمُتَمَتِّعِ (إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ وَوَقْتُ جَوَازِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعُمْرَةِ وَقَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَلَا يَتَأَقَّتُ ذَبْحُهُ كَسَائِرِ دِمَاءِ الْجُبْرَانَاتِ بِوَقْتٍ (وَ) لَكِنَّ (الْأَفْضَلَ ذَبْحُهُ يَوْمَ نَحْرٍ) لِلِاتِّبَاعِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ فِيهِ (فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ) حِسًّا، أَوْ شَرْعًا (بِحَرَمٍ صَامَ) بَدَلَهُ وُجُوبًا (قَبْلَ) يَوْمِ (نَحْرٍ) مِنْ زِيَادَتِي. (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تُسَنُّ قَبْلَ) يَوْمِ (عَرَفَة) ؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْحَاجِّ فِطْرُهُ وَلَا يَجُوزُ صَوْمُ شَيْءٍ مِنْهَا فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَلَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي بَابِهِ وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَلَا تُقَدَّمُ عَلَى وَقْتِهَا (وَسَبْعَةً فِي وَطَنِهِ) قَالَ تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] وَأَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَلَا يَجُوزُ صَوْمُهَا فِي الطَّرِيقِ. فَإِنْ تَوَطَّنَ مَكَّةَ مَثَلًا وَلَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ الْحَجَّ صَامَ بِهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَبَيْنَ مَكَّةَ عَشْرَةُ أَمْيَالٍ فَهُوَ مِنْ حَاضِرِي الْحَرَمِ مَعَ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ سِتَّةٌ وَخَمْسِينَ مِيلًا وَقَوْلُهُ: وَإِخْرَاجُ الْقَرِيبِ أَيْ: مِنْ مَكَّةَ كَأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَرَمِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا وَبَيْنَ طَرَفِ الْحَرَمِ الَّذِي يَلِيهِ وَبَيْنَ مَكَّةَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ فَجُمْلَةُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ أَحَدٌ وَخَمْسُونَ مِيلًا س ل. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَكَّةَ وَالْحَرَمَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ فَالْقَرِيبُ مِنْهُ كَالْقَرِيبِ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: وَإِخْرَاجِ الْقَرِيبِ) أَيْ: مِنْ حَاضِرِي الْحَرَمِ.
(قَوْلُهُ: الْمَوَاقِيتِ) أَيْ: حُدُودِ الْحَرَمِ لَا الْمُتَقَدِّمَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَفَادَهُ شَيْخُنَا، وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ حُدُودَ الْحَرَمِ بِقَوْلِهِ:
وَلِلْحَرَمِ التَّحْدِيدُ مِنْ أَرْضِ طِيبَةَ ثَلَاثَةُ ... أَمْيَالٍ إذَا رُمْت إتْقَانَهْ
وَسَبْعَةُ أَمْيَالٍ عِرَاقٌ وَطَائِفٌ ... وَجُدَّةُ عَشْرٍ، ثُمَّ تِسْعٌ جِعْرَانَهْ
. (قَوْلُهُ: فَلَوْ وَقَعَتْ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِي أَشْهُرِ حَجٍّ وَقَوْلُهُ: أَوْ فِيهَا إلَخْ مُحْتَرَزُ الْإِضَافَةِ فِي قَوْلِهِ حَجَّ عَامَهُ وَقَوْلُهُ: وَكَذَا فَصَّلَهُ لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى مَفْهُومِ الْمَتْنِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَاعْتَمَرَ أَتَى بِأَعْمَالِ الْعُمْرَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فَلَوْ وَقَعَتْ إلَخْ فَلَوْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِهَا وَأَتَى بِأَعْمَالِهَا فِي أَشْهُرِ حَجِّ عَامِهِ كَانَ قَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ مُحْتَرَزَهُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَعُدْ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْقَارِنِ وَالْمُتَمَتِّعِ عَلَى مَا يَأْتِي ع ش فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَاعْتَمَرَ وَالْمُتَمَتِّعُ عَقِبَ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُونَا إلَخْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَامٌّ وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ وَلَمْ يَعُدْ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ اهـ وَقَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَاعْتَمَدَ الْمُتَمَتِّعُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْقِرَانِ دُونَ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا عَوْدٌ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ بِهِمَا مَعًا فَلَا يَتَأَتَّى عَوْدُهُ لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مَعَ أَنَّهُ لَوْ عَادَ لِلْمِيقَاتِ قَبْلَ الِاشْتِغَالِ بِالْأَعْمَالِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الدَّمُ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ: أَوْ دَخَلَهَا الْقَارِنُ إلَخْ
فَيُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ، أَوْ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ مَكَّةَ، أَوْ دَخَلَهَا الْقَارِنُ أَنَّ قَوْلَهُ لِإِحْرَامِ الْحَجِّ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الدَّمِ عَلَى الْعُودِ إلَى الْمِيقَاتِ سَوَاءٌ كَانَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ، أَوْ لِيُحْرِمَ مِنْهُ بِهِ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ قَوْلُهُ: لِإِحْرَامِ الْحَجِّ إلَى الْمِيقَاتِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَمْ يَعُدْ إلَى مِيقَاتٍ وَيَسْقُطُ قَوْلُهُ: لِإِحْرَامِ الْحَجِّ لِيَشْمَلَ مَنْ أَحْرَمَ بِهِمَا مَعًا، ثُمَّ عَادَ وَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مَدَّ الْعُمْرَةَ، ثُمَّ عَادَ، أَوْ أَدْخَلَهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ عَادَ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ تَمَتُّعِهِ) أَيْ تَنَعُّمِهِ بِسَبَبِ عَدَمِ رِبْحِ تَرْكِ مِيقَاتٍ (قَوْلُهُ: أَوْ دَخَلَهَا الْقَارِنُ) أَيْ: الَّذِي أَحْرَمَ بِهِمَا مَعًا وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ قَبْلَ لِيَكُونَ الْعَوْدُ لِلْمِيقَاتِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْأَعْمَالِ تَأَمَّلْ
. (قَوْلُهُ: أَوْ شَرْعًا) بِأَنْ وَجَدَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ وَلَوْ بِمَا يُتَغَابَنُ بِهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ أَيْ: وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى ثَمَنِهِ وَيَظْهَرُ أَنْ يَأْتِي هُنَا مَا ذَكَرُوهُ فِي الْكَفَّارَةِ مِنْ ضَابِطِ الْحَاجَةِ وَمِنْ اعْتِبَارِ سَنَةٍ، أَوْ الْعُمْرِ الْغَالِبِ وَقْتَ الْأَدَاءِ لَا الْوُجُوبِ حَجّ وَقَوْلُهُ: بِمَا يُتَغَابَنُ بِهِ خَالَفَ ع ش فَقَالَ وُجُودُهُ بِزِيَادَةٍ لَا يُتَغَابَنُ بِهَا اهـ وَلَوْ عَدِمَ الدَّمَ فِي الْحَالِ وَعَلِمَ وُجُودَهُ قَبْلَ فَرَاغِ الصَّوْمِ فَلَهُ الصَّوْمُ فِي الْأَظْهَرِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ فِي مَوْضِعِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: يُحْرِمُ) أَيْ: وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بِبَلَدِهِ م ر. (قَوْلُهُ: وَسَبْعَةً فِي وَطَنِهِ) لَوْ قَصَدَ التَّوَطُّنَ بِمَكَّةَ وَصَامَ بَعْضَ السَّبْعَةِ فِيهَا ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْ تَوَطُّنِهَا وَسَافَرَ قَبْلَ فَرَاغِهَا إلَى وَطَنِهِ فَهَلْ يُعْتَدُّ بِمَا صَامَهُ وَيُكْمِلُ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي السَّفَرِ أَوْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَيَلْزَمُهُ صَوْمُ السَّبْعَةِ إذَا وَصَلَ وَطَنَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى حَجّ الظَّاهِرُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَوَطَّنَ) أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَامَ عَازِمًا عَلَى الرَّحِيلِ فَإِنَّهُ لَا يَصُومُ السَّبْعَةَ إلَّا إذَا رَجَعَ إلَى وَطَنِهِ سم.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ فَرَاغِهِ الْحَجَّ) أَيْ: مِنْ الْحَجِّ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَهُوَ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ. (قَوْلُهُ: صَامَ بِهَا) أَيْ: وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَالسَّبْعَةِ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ع ش فَإِذَا أَقَامَ فِي مَكَّةَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَقَطْ أَيْ: يَوْمُ الْعِيدِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ ع ش وَق ل عَلَى التَّحْرِيرِ