للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ، وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ أَيْ: لَا غِشَّ فِيهِ، وَلَا خِيَانَةَ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ. (أَرْكَانُهُ) كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ ثَلَاثَةٌ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ سِتَّةٌ (عَاقِدٌ) بَائِعٌ، وَمُشْتَرٍ (، وَمَعْقُودٌ عَلَيْهِ) ثَمَنٌ، وَمُثَمَّنٌ (وَصِيغَةٌ وَلَوْ كِنَايَةً) وَسَمَّاهَا الرَّافِعِيُّ شُرُوطًا، وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِشَرْطِيَّةِ الصِّيغَةِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ وَسَكَتَ عَنْ الْآخَرَيْنِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُعَرَّفٍ إلَّا إذَا تَكَرَّرَتْ أَوْ نُوِيَتْ الْأَجْزَاءُ، قَالَ ابْنُ مَالِكٍ::

وَلَا تُضِفْ لِمُفْرَدٍ مُعَرَّفِ ... أَيًّا وَإِنْ كَرَّرْتهَا فَأَضِفْ

أَوْ تَنْوِ الْإِجْزَاءَ. . .

وَالْأَنْوَاعُ الْمُقَدَّرَةُ هُنَا كَالْأَجْزَاءِ وَقَالَ شَيْخُنَا أَيْ: أَيُّ طُرُقِ الْكَسْبِ أَطْيَبُ أَيْ: أَحْسَنُ وَإِنَّمَا قَدَّرَ الْمُضَافَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ، وَالْكَسْبُ بِمَعْنَى الْمَكْسُوبِ. (قَوْلُهُ عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ) وَهُوَ الصِّنَاعَةُ وَقِيلَ: يَشْمَلُ الزِّرَاعَةَ وَحِينَئِذٍ لَا يُوجَدُ مُفَضَّلٌ عَلَيْهِ فَالْأَوْلَى قَصْرُ ذَلِكَ عَلَى الصِّنَاعَةِ، وَيُسْتَفَادُ فَضْلُهَا مِنْ التَّقْدِيمِ عَلَى التِّجَارَةِ ح ل. (قَوْلُهُ بِيَدِهِ) جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ) وَهُوَ التِّجَارَةُ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الصِّنَاعَةِ، وَالتِّجَارَةِ أَفْضَلُ مِنْ الزِّرَاعَةِ، وَأَنَّهُ لَا تَفَاضُلَ بَيْنَ الصِّنَاعَةِ، وَالتِّجَارَةِ إلَّا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ تَقْدِيمُ الصِّنَاعَةِ عَلَى التِّجَارَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَيْ: الثَّلَاثَةِ ذَهَبَ جَمْعٌ إلَى أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى بَاقِيهَا، وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ تَفْضِيلَ التِّجَارَةِ أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ الْقَوْلَ بِأَفْضَلِيَّةِ الزِّرَاعَةِ لِعُمُومِ نَفْعِهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَكْتَسِبُ بِالتِّجَارَةِ مَنْ لَهُ مَنْ يَتَّجِرُ لَهُ، وَمِمَّنْ يَكْتَسِبُ بِالصِّنَاعَةِ مَنْ لَهُ صُنَّاعٌ تَحْتَ يَدِهِ وَهُوَ لَا يُبَاشِرُ، وَمِمَّنْ يَكْتَسِبُ بِالزِّرَاعَةِ مَنْ لَهُ مَنْ يَزْرَعُ لَهُ وَهُوَ لَا يُبَاشِرُ فَلْيُحَرَّرْ ح ل،.

وَعِبَارَةُ ع ش أَفْضَلُ الْكَسْبِ الزِّرَاعَةُ أَيْ: بَعْدَ الْغَنِيمَةِ ثُمَّ الصِّنَاعَةُ، ثُمَّ التِّجَارَةُ أَيْ: لِمَا فِي الزِّرَاعَةِ مِنْ مَزِيدِ التَّوَكُّلِ، وَنَفْعِ الطُّيُورِ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا التَّرْتِيبُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف.

(قَوْلُهُ: أَيْ: لَا غِشَّ إلَخْ) الْغِشُّ: تَدْلِيسٌ يَرْجِعُ إلَى ذَاتِ الْمَبِيعِ كَأَنْ يُجَعِّدَ شَعْرَ الْجَارِيَةِ، وَيُحَمِّرَ وَجْهَهَا، وَالْخِيَانَةُ أَعَمُّ؛ لِأَنَّهَا تَدْلِيسٌ فِي ذَاتِهِ، أَوْ فِي صِفَتِهِ، أَوْ فِي أَمْرٍ خَارِجٍ كَأَنْ يَصِفَهُ بِصِفَاتٍ كَاذِبًا، وَكَأَنْ يَذْكُرَ لَهُ ثَمَنًا كَاذِبًا فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَقِيلَ: تَفْسِيرِي كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

وَقَوْلُهُ: فِيهِ أَيْ: فِي الْبَيْعِ بِمَعْنَى الْمَبِيعِ، أَوْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَكُونُ فِيهِ غِشٌّ أَيْضًا فَفِي كَلَامِهِ اسْتِخْدَامٌ حَيْثُ ذَكَرَ الْبَيْعَ بِمَعْنَى الْعَقْدِ، وَأَعَادَ عَلَيْهِ الضَّمِيرَ بِمَعْنَى الْمَبِيعِ، أَوْ الثَّمَنِ فَتَأَمَّلْ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَرْكَانُهُ) أَيْ: الْأُمُورِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا لِيَتَحَقَّقَ الْعَقْدُ فِي الْخَارِجِ. وَتَسْمِيَةُ الْعَاقِدِ رُكْنًا أَمْرٌ اصْطِلَاحِيٌّ وَإِلَّا فَلَيْسَ جُزْءًا مِنْ مَاهِيَّةِ الْبَيْعِ الَّتِي تُوجَدْ فِي الْخَارِجِ الَّتِي هِيَ الْعَقْدُ، وَإِنَّمَا أَجْزَاؤُهُ: الصِّيغَةُ، وَاللَّفْظُ الدَّالُ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ رُكْنًا حَقِيقِيًّا أَيْ: جُزْءًا مِنْ الْمَاهِيَّةِ الْخَارِجِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْعَقْدُ فَكَانَ رُكْنًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُذْكَرُ فِي الْعَقْدِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَرْكَانُهُ أَيْ: إنَّمَا سَمَّيْتهَا أَرْكَانًا، وَخَالَفْت كَلَامَهُ هُنَا حَيْثُ سَمَّاهَا شُرُوطًا اتِّبَاعًا لِصَنِيعِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فَلَا يُتَوَهَّمُ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ ثَلَاثَةٌ إذْ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ سِتَّةٌ) وَإِنَّمَا رَدَّهَا لِثَلَاثَةٍ اخْتِصَارًا، وَهَكَذَا يَفْعَلُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ اشْتَرَكَ فِيهِ الْمُوجِبُ وَالْقَابِلُ فِي الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِيهِمَا كَمَا هُنَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَفَتْ الشُّرُوطُ كَمَا فِي الْقَرْضِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُقْرِضِ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ، وَفِي الْمُقْتَرِضِ أَهْلِيَّةُ الْمُعَامَلَةِ فَيَصِحُّ اقْتِرَاضُ الْمُفْلِسِ فَيَفْصِلُ الْأَرْكَانَ وَلَا يُجْمِلُهَا كَمَا قَالَ: ثُمَّ أَرْكَانُهُ: مُقْرِضٌ، وَمُقْتَرِضٌ إلَخْ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كِنَايَةً) أَيْ: فَإِنَّهَا كَافِيَةٌ فِي حُصُولِ الصِّيغَةِ، وَأَتَى بِذَلِكَ لِلْخِلَافِ فِي الْكِنَايَةِ أَيْ: وَلَوْ مِنْ سَكْرَانَ مُتَعَدٍّ إنْ أَقَرَّ بِالنِّيَّةِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ. (قَوْلُهُ وَسَمَّاهَا) أَيْ: الْأَرْكَانَ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ) يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَشْمَلُ الرُّكْنَ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَرَّحَ بِشَرْطِيَّةِ الصِّيغَةِ) عِبَارَتُهُ شَرْطُهُ: الْإِيجَابُ، وَالْقَبُولُ.

وَقَوْلُهُ: وَسَكَتَ عَنْ الْآخَرِينَ أَيْ: عَنْ تَسْمِيَتِهِمَا شَرْطَيْنِ، أَوْ رُكْنَيْنِ أَيْ: وَلَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ ح ل وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُعَاطَاةَ بَيْعٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَا صِيغَةَ فِيهَا. (قَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ) وَجْهُ الْأَصَالَةِ تَوَقُّفُ وَصْفِ الْبَائِعِ بِكَوْنِهِ بَائِعًا، وَالْمُشْتَرِي بِكَوْنِهِ مُشْتَرِيًا عَلَى وُجُودِهَا ح ل.

(قَوْلُهُ وَسَكَتَ عَنْ الْآخَرِينَ) أَيْ: فَتُفْهَمُ شَرْطِيَّتُهُمَا بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَصْلُ شَرْطًا، وَلَيْسَ بِرُكْنٍ كَانَ غَيْرُهُ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَشْمَلُ الرُّكْنَ شَرْحُ م ر.

<<  <  ج: ص:  >  >>