للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَتُعْتَبَرُ) أَيْ: الْمُمَاثَلَةُ (فِي لَبَنٍ لَبَنًا) بِحَالِهِ (أَوْ سَمْنًا، أَوْ مَخِيضًا صِرْفًا) أَيْ: خَالِصًا مِنْ الْمَاءِ أَوَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ اللَّبَنِ بِبَعْضٍ كَيْلًا سَوَاءٌ فِيهِ الْحَلِيبُ، وَغَيْرُهُ مَا لَمْ يُغْلَ بِالنَّارِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَلَا يُبَالَى بِكَوْنِ مَا يَحْوِيهِ الْمِكْيَالُ مِنْ الْخَاثِرِ أَكْثَرَ وَزْنًا، وَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ السَّمْنِ بِبَعْضٍ وَزْنًا إنْ كَانَ جَامِدًا، أَوْ كَيْلًا إنْ كَانَ مَائِعًا وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَهُوَ تَوَسُّطٌ بَيْنَ وَجْهَيْنِ أَطْلَقَهُمَا الْعِرَاقِيُّونَ الْمَنْصُوصُ مِنْهُمَا الْوَزْنُ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الرَّوْضِ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي تَمْشِيَتِهِ التَّوَسُّطَ، وَبَيْعَ بَعْضِ الْمَخِيضِ الصِّرْفِ بِبَعْضٍ أَمَّا الْمَشُوبُ بِمَاءٍ، أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ، وَلَا بِخَالِصٍ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ (فَلَا تَكْفِي) الْمُمَاثَلَةُ (فِي بَاقِي أَحْوَالِهِ كَجُبْنٍ) ، وَأَقِطٍ، وَمَصْلٍ، وَزُبْدٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ مُخَالَطَةِ شَيْءٍ فَالْجُبْنُ يُخَالِطُهُ الْإِنْفَحَةُ، وَالْأَقِطُ يُخَالِطُهُ الْمِلْحُ، وَالْمَصْلُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَوْ اخْتَلَفَ، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ بَعْضِهِمَا بِبَعْضٍ فَلَا يُبَاعُ خَلُّ التَّمْرِ بِخَلِّ الزَّبِيبِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ فِيهِمَا وَهُوَ رِبَوِيٌّ فَيَصِيرُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ عَذْبًا ح ل.

. (قَوْلُهُ: وَتُعْتَبَرُ فِي لَبَنٍ) أَيْ: فِي هَذِهِ الْمَاهِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ لِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ بَعْدُ لَبَنًا، أَوْ سَمْنًا. (قَوْلُهُ: لَبَنًا) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ أَحْوَالٌ لَكِنْ عَلَى التَّأْوِيلِ فِي كُلٍّ فَبِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ تَقْدِيرُهُ بَاقِيًا بِحَالِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَبِالنِّسْبَةِ لِلْأَخِيرَيْنِ تَقْدِيرُهُ صَائِرًا سَمْنًا، أَوْ مَخِيضًا شَيْخُنَا. (فَائِدَةٌ)

سَمْنُ الْبَقَرِ إذَا شُرِبَ مَعَ الْعَسَلِ نَفَعَ مِنْ شُرْبِ السُّمِّ الْقَاتِلِ، وَمِنْ لَدْغِ الْحَيَّاتِ، وَالْعَقْرَبِ. انْتَهَى عَبْدُ الْبَرِّ.

وَقَرَّرَهُ ح ف.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَخِيضًا) هَذَا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ فَلَيْسَ قَسِيمًا لِلَبَنٍ فَيُبَاعُ بِمِثْلِهِ، وَبِالسَّمْنِ وَبِالزُّبْدِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ زَبَدٌ لَمْ يُبَعْ بِمِثْلِهِ، وَلَا بِزَبَدٍ وَلَا بِسَمْنٍ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ ز ي، وَكَوْنُهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ فِيهِ شَيْءٌ بَلْ هُوَ مُغَايِرٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: لَبَنًا بِحَالِهِ أَيْ: لَيْسَ سَمْنًا، وَلَا مَخِيضًا فَيَكُونُ الْمَخِيضُ قَسِيمًا لِلَبَنِ الثَّانِي، وَقِسْمًا مِنْ الْأَوَّلِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر ثُمَّ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ الْمَخِيضَ قَسِيمًا لِلَّبَنِ مَعَ أَنَّهُ قِسْمٌ مِنْهُ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ مَا حَدَثَ لَهُ مِنْ الْمَخْضِ حَتَّى صَارَ كَأَنَّهُ قِسْمٌ لَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَقِيقَةِ قِسْمًا فَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ كَثِيرٍ. اهـ وَلَعَلَّ هَذَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِ الشَّارِحِ هُنَا بِحَالِهِ. (قَوْلُهُ: صِرْفًا) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثَةِ إذَا اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ لَا يَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ بَلْ وَلَا بِالنَّقْدِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: أَمَّا الْمَشُوبُ إلَخْ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ أَيْضًا إذْ هُوَ مُحْتَرَزُ الْقَيْدِ الرَّاجِعِ لِلثَّلَاثَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي قَوْلِهِ وَبَيْعُ بَعْضِ الْمَخِيضِ الصِّرْفِ بِبَعْضٍ إيهَامٌ أَنَّ الْقَيْدَ رَاجِعٌ لِلْأَخِيرِ فَقَطْ لَكِنْ لَا نَظَرَ إلَى هَذَا الْإِيهَامِ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ لِلثَّلَاثَةِ أَفْيَدُ وَفِي آخِرِ كَلَامِهِ مَا يُشِيرُ إلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ السَّمْنِ صِرْفًا حَيْثُ قَالَ: أَمَّا قَبْلَ التَّمْيِيزِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ. وَفِي شَرْحِ م ر وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهَا صَافِيًا مِنْ الْمَاءِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: بِيَعُ بَعْضِ اللَّبَنِ) عِبَارَةُ م ر أَنْوَاعُ اللَّبَنِ أَيْ: فَيَجُوزُ بَيْعُ الرَّائِبِ بِالْحَلِيبِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُبَالِي بِكَوْنِ مَا يَحْوِيهِ الْمِكْيَالُ إلَخْ) أَيْ: لِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا يَضُرُّ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْكَيْلِ التَّفَاوُتُ وَزْنًا لَكِنْ فِي أَنَّ الْخَاثِرَ أَكْثَرُ كَيْلًا أَيْضًا مِنْ غَيْرِهِ أَيْ: أَنَّ مَا يَحْوِيهِ الْمِكْيَالُ مِنْهُ أَكْثَرُ مِمَّا يَحْوِيهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ عَدَمِ الْمُبَالَاةِ بِهَذَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْخَاثِرِ) بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ قَالُوا: الْمُرَادُ بِهِ مَا بَيْنَ الْحَلِيبِ وَالرَّائِبِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ ذَاكَ لَا يَتَرَاكَمُ عَلَى الْمِكْيَالِ لِكَوْنِهِ مَائِعًا، فَالْأَحْسَنُ حَمْلُ الْخَاثِرِ هُنَا عَلَى الرَّائِبِ إذْ هُوَ لِجُمُودِهِ يَتَرَاكَمُ عَلَى الْمِكْيَالِ شَيْخُنَا قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: خَثَرَ اللَّبَنُ مِنْ بَابِ قَعَدَ أَيْ: ثَخُنَ. (قَوْلُهُ: أَطْلَقَهُمَا الْعِرَاقِيُّونَ) أَيْ: عَنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْمَائِعِ وَالْجَامِدِ. (قَوْلُهُ: الْمَنْصُوصُ مِنْهُمَا الْوَزْنُ) أَيْ: الْمُرَجَّحُ لَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ فَلَا يُقَالُ: كَيْفَ أَطْلَقَ الْعِرَاقِيُّونَ الْوَجْهَيْنِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ؟ وَأَجَابَ ع ش بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ أَطْلَقُوا الْوَجْهَيْنِ قَبْلَ اطِّلَاعِهِمْ عَلَى النَّصِّ وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالنَّصِّ حَقِيقَتُهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَالتَّوَسُّطَ) وَهُوَ التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ بَيْنَ الْمَائِعِ وَالْجَامِدِ. (قَوْلُهُ: وَبَيْعُ بَعْضِ الْمَخِيضِ الصِّرْفِ بِبَعْضٍ) وَكَذَا بِالسَّمْنِ، وَالزُّبْدِ مُتَفَاضِلًا، وَبَيْعُهُ بِالزُّبْدِ حَكَى الْإِمَامُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ ح ل.

(قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَشُوبُ بِمَاءٍ، أَوْ نَحْوِهِ) مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا يَظْهَرُ فِي الْكَيْلِ أَمَّا الْيَسِيرُ الَّذِي لَا يَظْهَرُ فِيهِ فَلَا يَضُرُّ شَرْحُ م ر قَالَ ع ش عَلَيْهِ: وَمَحَلُّهُ فِي نَحْوِ الْمَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ مَصَالِحِهِ كَاَلَّذِي يُقْصَدُ بِهِ حُمُوضَتُهُ. اهـ وَيَدْخُلُ فِي الْمَشُوبِ مَا لَوْ خُلِطَ بِالسَّمْنِ غَيْرُهُ مِمَّا لَا يُقْصَدُ لِلْبَيْعِ مَعَ السَّمْنِ كَالدَّقِيقِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَخْلُوطِ لَا بِمِثْلِهِ، وَلَا بِدَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ الْخَلْطَ يَمْنَعُ مِنْ الْعِلْمِ بِالْمَقْصُودِ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: كَجُبْنٍ) بِإِسْكَانِ الْبَاءِ مَعَ تَخْفِيفِ النُّونِ وَبِضَمِّهَا مَعَ تَشْدِيدِ النُّونِ، وَتَرَكَهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَمَصْلٍ) هُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِمِشِّ الْحَصِيرِ. وَعِبَارَةُ ز ي الْمَصْلُ وَالْمُصَالَةُ: مَا سَالَ مِنْ مَاءِ الْأَقِطِ إذَا طُبِخَ ثُمَّ عُصِرَ. اهـ بِحُرُوفِهِ وَهِيَ تَرْجِعُ لِمَا تَقَدَّمَ وَالْأَقِطُ كِنَايَةٌ عَنْ اللَّبَنِ إذَا وُضِعَ فِي النَّارِ، وَجَمَدَ وَيُوضَعُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْمِلْحِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: الْإِنْفَحَةُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَيُقَالُ: مِنْفَحَةٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ مَعَ فَتْحِ الْفَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>