للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنَّهْيُ عَنْهَا قَدْ يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَقَدْ لَا يَقْتَضِيهِ وَسَيَأْتِي (نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَهُوَ ضِرَابُهُ) أَيْ: طُرُوقُهُ لِلْأُنْثَى (وَيُقَالُ مَاؤُهُ) وَعَلَيْهِمَا يُقَدَّرُ فِي الْخَبَرِ مُضَافٌ لِيَصِحَّ النَّهْيُ أَيْ: عَنْ بَدَلِ عَسْبِ الْفَحْلِ مِنْ أُجْرَةِ ضِرَابِهِ، أَوْ ثَمَنِ مَائِهِ أَيْ: بَذَلِ ذَلِكَ وَأَخْذِهِ (فَتُحَرَّمُ أُجْرَتُهُ) لِلضِّرَابِ (وَثَمَنُ مَائِهِ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي النَّهْيِ مِنْ التَّحْرِيمِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ مَاءَ الْفَحْلِ لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ، وَلَا مَعْلُومٍ، وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَضِرَابِهِ لِتَعَلُّقِهِ بِاخْتِيَارِهِ غَيْرِ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ وَلِمَالِكِ الْأُنْثَى أَنْ يُعْطِيَ مَالِكَ الْفَحْلِ شَيْئًا هَدِيَّةً. وَإِعَارَتُهُ لِلضِّرَابِ مَحْبُوبَةٌ.

(وَعَنْ) بَيْعِ (حَبْلِ الْحَبَلَةِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَيْهَا رَدًّا عَلَى الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِينَ كَانُوا يَفْعَلُونَهَا. (قَوْلُهُ: وَالنَّهْيُ عَنْهَا قَدْ يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا) بِأَنْ كَانَ لِذَاتِ الْعَقْدِ، أَوْ لَازِمِهِ بِأَنْ فُقِدَ بَعْضُ أَرْكَانِهِ، أَوْ شُرُوطِهِ ز ي.

وَقَوْلُهُ: لِذَاتِهِ كَبَيْعِ حَبْلِ الْحَبَلَةِ فَإِنَّ الْمَبِيعَ مَعْدُومٌ. وَقَوْلُهُ: أَوْ لَازِمِهِ كَبَيْعِ الْمُلَامَسَةِ. فَقَوْلُهُ: بِأَنْ فَقَدَ إلَخْ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ. (قَوْلُهُ: نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَالَ ق ل: وَهَذِهِ الْمَنْهِيَّاتُ صَغَائِرُ. وَقَالَ حَجّ: إنَّ التَّفْرِيقَ مِنْ الْكَبَائِرِ، وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف أَنَّ الْكُلَّ مِنْ الْكَبَائِرِ. (قَوْلُهُ: عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ) لَمْ يَقُلْ: عَنْ بَيْعِ عَسْبِ الْفَحْلِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فَتَحْرُمُ أُجْرَتُهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ضِرَابُهُ) بِكَسْرِ الضَّادِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَضَرَبَ الْفَحْلُ النَّاقَةَ ضِرَابًا بِالْكَسْرِ نَزَا عَلَيْهَا. انْتَهَى وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الضِّرَابَ مَصْدَرُ ضَرَبَ وَعَلَيْهِ فَهُوَ مَصْدَرٌ سَمَاعِيٌّ وَإِلَّا فَالضِّرَابُ وَزْنُهُ فِعَالٌ بِالْكَسْرِ وَهُوَ مَصْدَرٌ لِفَاعَلَ فَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا لِضَارَبَ لَا لِضَرَبَ ع ش، وَقَدَّمَ هَذَا الْقَوْلُ؛ لِأَنَّهُ الْأَشْهَرُ وَمِنْ ثَمَّ حُكِيَ مُقَابِلُهُ بِيُقَالُ. (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ: مَاؤُهُ) أَيْ: الَّذِي فِي صُلْبِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: وَالْمَعْنَى فِيهِ إلَخْ قَالَ فِي مَتْنِ الْمِنْهَاجِ وَيُقَالُ: أُجْرَةُ ضِرَابِهِ، وَلَعَلَّ سَبَبَ إسْقَاطِ الشَّيْخِ لَهُ رُجُوعُهُ فِي الْمَعْنَى إلَى الْأَوَّلِ ع ش.

(قَوْلُهُ: مُضَافٌ) أَيْ: جِنْسُ الْمُضَافِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُضَافَيْنِ أَيْ: بَذْلَ بَدَلِ عَسْبِ الْفَحْلِ، وَأَخْذَهُ كَمَا يَأْتِي. وَأَخْذِ الْبَدَلِ كَبِيرَةٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِيَصِحَّ النَّهْيُ) ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ. وَالضِّرَابُ فِعْلُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَالْمَاءُ عَيْنٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ ز ي.

(قَوْلُهُ: مِنْ أُجْرَةِ ضِرَابِهِ) عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ، أَوْ ثَمَنِ مَائِهِ عَلَى التَّفْسِيرِ الثَّانِي وَهَذَا التَّعْمِيمُ هُوَ الْحَامِلُ عَلَى أَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يُقَدِّرْ بَيْعَ عَسْبِ الْفَحْلِ كَمَا فَعَلَ فِيمَا بَعْدَهُ ح ل.

(قَوْلُهُ: فَتَحْرُمُ أُجْرَتُهُ) أَيْ: دَفْعُهَا وَأَخْذُهَا، وَتُفَارِقُ جَوَازَ الِاسْتِئْجَارِ لِتَلْقِيحِ النَّخْلِ بِأَنَّ الْأَجِيرَ قَادِرٌ عَلَى التَّلْقِيحِ، وَلَا عَيْنَ عَلَيْهِ إذْ لَوْ شُرِطَتْ عَلَيْهِ فَسَدَ الْعَقْدُ شَوْبَرِيٌّ وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: فَتَحْرُمُ أُجْرَتُهُ أَيْ: إيجَارُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ لِلضِّرَابِ كَذَا قِيلَ، وَلَكِنَّ الْأَنْسَبَ لِقَوْلِهِ: وَثَمَنُ مَائِهِ بَقَاءُ الْأُجْرَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا فَتَكُونُ اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ وَعَلَى الثَّانِي لِلتَّعَدِّيَةِ. وَهَلْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَقَدْ يَقْتَضِي التَّعْلِيلُ عَدَمَ الِاسْتِحْقَاقِ؟ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ وَاسْتَوْجَهَ ع ش الِاسْتِحْقَاقَ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لَوْ اُسْتُعْمِلَ فِيمَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ كَالْحَرْثِ مُدَّةَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بِالِانْتِفَاعِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِيهِ) أَيْ: فِي النَّهْيِ مِنْ حَيْثُ مَا يَقْتَضِيهِ مِنْ الْفَسَادِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَالْحِكْمَةُ فِي الْفَسَادِ. . . إلَخْ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَوْضَحُ مِنْ هَذِهِ وَنَصُّهَا فَيَحْرُمُ ثَمَنُ مَائِهِ، وَيَبْطُلُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ إلَخْ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْحِكْمَةَ لَا يُنْتِجُهَا. وَقَوْلُهُ: إنَّ مَاءَ الْفَحْلِ. . . إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَثَمَنُ مَائِهِ.

وَقَوْلُهُ: وَضِرَابُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: أُجْرَتُهُ. فَقَوْلُهُ: وَضِرَابَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى " مَاءَ " عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ كَمَا فِي ح ل.

(قَوْلُهُ: لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ) أَيْ: لَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُتَقَوِّمِ مَا قَابَلَ الْمِثْلِيَّ. وَقَوْلُهُ: وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ. الْمُنَاسِبُ لِتَعْبِيرِهِ سَابِقًا بِالْقُدْرَةِ عَلَى التَّسَلُّمِ أَنْ يَقُولَ: وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ شَيْخُنَا ح ف.

(قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِهِ بِاخْتِيَارِهِ) وَالْإِنْزَاءُ كَالضِّرَابِ، أَوْ هُوَ عَيْنُهُ وَمَا قِيلَ مِنْ صِحَّةِ اسْتِئْجَارِهِ لِلْإِنْزَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ مُدَّةً لِمَا يَشَاءُ فَلَهُ حِينَئِذٍ إنْزَاؤُهُ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى مَالِكِهِ حَيْثُ اضْطَرَّ إلَيْهِ أَهْلُ نَاحِيَةٍ، وَعَلَيْهَا حُمِلَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ مَنْعَهُ كَبِيرَةٌ. ق ل قَالَ ع ش عَلَى م ر: فَإِنْ قُلْت لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ أَنْ يَبْذُلَ مَالَهُ مَجَّانًا وَقَدْ مَنَعْتُمْ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ قُلْت طَرِيقُ ذَلِكَ أَنْ يُؤَجِّرَهُ لَهُ زَمَنًا مُعَيَّنًا لِيَنْتَفِعَ بِهِ مَا شَاءَ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِمُعَيِّنٍ كَالْحَرْثِ فَلَيْسَ لَهُ الْإِنْزَاءُ، وَإِذَا وَقَعَ الْفَحْلُ فِي حَالِ ضِرَابِهِ فَمَاتَ، أَوْ انْكَسَرَ ضَمِنَهُ صَاحِبُ الْأُنْثَى إذَا كَانَ مُسْتَعِيرًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ فِي حَالِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ بِغَيْرِهِ لَا بِهِ كَوُقُوعِ الْبَهِيمَةِ فِي بَيْتِ الدَّقِيقِ حَالَةَ طَحْنِهَا، أَمَّا إذَا كَانَ مُسْتَأْجِرًا لَهُ فَلَا ضَمَانَ. (قَوْلُهُ: وَلِمَالِك الْأُنْثَى) عِبَارَةُ حَجّ وَيَجُوزُ الْإِهْدَاءُ لِصَاحِبِ الْفَحْلِ بَلْ لَوْ قِيلَ بِنَدْبِهِ لَمْ يَبْعُدْ. (قَوْلُهُ: وَإِعَارَتُهُ لِلضِّرَابِ مَحْبُوبَةٌ) أَيْ: مُسْتَحَبَّةٌ كَمَا فِي م ر، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَإِلَّا وَجَبَتْ وَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>