للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَلَطًا، أَوْ الْحَدَثِ، أَوْ الطُّهْرِ عَنْهُ، أَوْ الْوُضُوءِ بَدَلَهُ (أَجْزَأَهُ) عَنْ الْوُضُوءِ وَإِنْ لَمْ يَمْكُثْ زَمَنًا يُمْكِنُ فِيهِ التَّرْتِيبُ حِسًّا خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ لِأَنَّ الْغُسْلَ يَكْفِي لِلْحَدَثِ الْأَكْبَرِ فَلِلْأَصْغَرِ أَوْلَى، وَلِتَقْدِيرِ التَّرْتِيبِ فِي لَحَظَاتٍ لَطِيفَةٍ. .

(وَسُنَّ اسْتِيَاكٌ) مُطْلَقًا لِخَبَرِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ» بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا (وَ) سُنَّ كَوْنُهُ (عَرْضًا) أَيْ: فِي عَرْضِ الْأَسْنَانِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «إذَا اسْتَكْتُمْ فَاسْتَاكُوا عَرْضًا» وَيُجْزِئُ طُولًا لَكِنَّهُ يُكْرَهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِلْوَجْهِ لِتَكُونَ مُقْتَرِنَةً بِغَسْلِ أَوَّلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ سم، وَقَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِقَوْلِهِمْ لَوْ غَسَلَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ دُفْعَةً وَاحِدَةً أَيْ بِالصَّبِّ حَصَلَ الْوَجْهُ فَقَطْ إذْ لَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَعْمِيمِ الْبَدَنِ بِالْغَمْسِ وَهَذَا أَيْ قَوْلُهُ: وَلَوْ انْغَمَسَ إلَخْ، كَالِاسْتِدْرَاكِ عَلَى قَوْلِهِ وَتَرْتِيبُهُ قَالَ ع ش وَلَوْ انْغَمَسَ مُنَكَّسًا فِي مَاءٍ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ وَنَوَى عِنْدَ مُمَاسَّتِهِ لِلْوَجْهِ، ثُمَّ غَمَسَ بَقِيَّةَ أَعْضَائِهِ ارْتَفَعَ الْحَدَثُ عَنْ الْوَجْهِ فَقَطْ وَصَارَ مُسْتَعْمَلًا لِبَقِيَّةِ أَعْضَائِهِ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَكِنْ قَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّ الْمَاءَ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا لِأَنَّ انْغِمَاسَهُ صَيَّرَهُ أَيْ الْمُنْغَمِسَ جُزْءًا وَاحِدًا وَالْجُزْءُ لَا يُحْكَمُ عَلَى مَائِهِ بِالِاسْتِعْمَالِ مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا فَكَأَنَّ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ عُضْوٌ وَاحِدٌ تَأَمَّلْ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ مُقَدَّرٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: بَدَلَهُ) أَيْ الْوُضُوءِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِانْغَمَسَ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلِتَقْدِيرِ التَّرْتِيبِ إلَخْ) هَذَا رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ هَذِهِ اللَّحَظَاتِ اللَّطِيفَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَهَذَا التَّعْلِيلُ الثَّانِي هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ غَسَلَ الْجُنُبُ أَسَافِلَهُ قَبْلَ أَعَالِيهِ بِالصَّبِّ دَفْعَةً وَاحِدَةً فَإِنَّ هَذَا الْغُسْلَ يَكْفِي لِلْأَكْبَرِ وَلَا يَكْفِي لِلْأَصْغَرِ إذْ الْحَاصِلُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْأَصْغَرِ غَسْلُ وَجْهِهِ فَقَطْ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْغُسْلِ بِالِانْغِمَاسِ لَا بِالصَّبِّ وَكَتَبَ أَيْضًا وَفِي التَّعْلِيلِ الثَّانِي أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ مُجَرَّدَ فَرْضِهِ وَتَقْدِيرُهُ فَرْضًا غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ فَهُوَ اعْتِرَافٌ مِنْهُ بِانْتِفَاءِ اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّقْدِيرِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ مُصَرِّحُونَ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا التَّرْتِيبِ الْحَقِيقِيِّ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الرَّافِعِيَّ يَشْتَرِطُ زَمَنًا يُتَصَوَّرُ فِيهِ التَّرْتِيبُ الْحَقِيقِيُّ لَوْ وُجِدَ وَالنَّوَوِيُّ لَا يَشْتَرِطُ ذَلِكَ ح ل. فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ وَضَعَ النَّجَاسَةَ الْكَلْبِيَّةَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ حَيْثُ لَا يُقَدَّرُ جَرَيَانُ الْمَاءِ عَلَيْهَا سَبْعًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَحْرِيكِ مَحَلِّهَا سَبْعًا. قُلْت يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ التَّرْتِيبَ صِفَةٌ تَابِعَةٌ وَأَمَّا الْعَدَدُ فَهُوَ ذَوَاتٌ مَقْصُودَةٌ وَيُغْتَفَرُ فِي الصِّفَةِ التَّابِعَةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الذَّوَاتِ الْمَقْصُودَةِ م ر ع ش.

. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ اسْتِيَاكٌ) هُوَ مَصْدَرُ اسْتَاكَ وَيُقَالُ سَاكَهُ سَوْكًا، فَسَوْكًا مَصْدَرُ الْمُجَرَّدِ الْمُعَدَّى قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:

فَعْلٌ قِيَاسُ مَصْدَرِ الْمُعَدَّى ... مِنْ ذِي ثَلَاثَةٍ. .

قَالَ ح ل وَالسِّوَاكُ لُغَةً الدَّلْكُ وَآلَتُهُ. وَفِي الشَّرْعِ اسْتِعْمَالُ عُودٍ وَنَحْوِهِ فِي الْأَسْنَانِ وَمَا حَوْلَهَا بِنِيَّتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي ضِمْنِ عِبَادَةٍ تَقَدَّمَتْهُ نِيَّتُهَا وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَيَنْوِيهِ أَيْ السِّوَاكَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوُضُوءِ وَإِلَّا فَنِيَّتُهُ تَشْمَلُهُ اهـ وَقَوْلُ ح ل فِي الْأَسْنَانِ وَمَا حَوْلَهَا فِيهِ قُصُورٌ إذْ لَا يَشْمَلُ اللِّسَانَ وَلَا سَقْفَ الْحَنَكِ مَعَ أَنَّهُ يُطْلَبُ السِّوَاكُ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِمَا حَوْلَهَا مَا يَقْرُبُ مِنْهَا اهـ ع ش عَلَى م ر وَهُوَ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ الْفِعْلِيَّةِ الدَّاخِلَةِ فِيهِ عِنْدَ حَجّ إذْ مَحَلُّهُ عِنْدَهُ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَغَسْلِ الْكَفَّيْنِ فَتَشْمَلُهُ النِّيَّةُ وَالتَّسْمِيَةُ مِنْ سُنَنِهِ الْفِعْلِيَّةِ الْخَارِجَةِ عِنْدَ م ر لِأَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَهُ قَبْلَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ فَلَمْ تَشْمَلْهُ نِيَّةُ الْوُضُوءِ فَيَحْتَاجُ لِنِيَّتِهِ عِنْدَ شَيْخِنَا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَبَدْؤُهُ بِالسِّوَاكِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ أَوَّلُ السُّنَنِ وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ وَجَرَى بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ أَوَّلَهَا غَسْلُ الْكَفَّيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ شَوْبَرِيٌّ وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَعُمُّ الْأَزْمِنَةَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَكِنْ كُرِهَ لِصَائِمٍ إلَخْ، وَقَالَ ز ي قَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ طُولًا وَعَرْضًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَسُنَّ كَوْنُهُ عَرْضًا اهـ قَالَ ع ش فَالِاسْتِيَاكُ سُنَّةٌ مُطْلَقًا وَكَوْنُهُ عَرْضًا سُنَّةٌ أُخْرَى وَأَمَّا طُولًا فَهُوَ مَكْرُوهٌ مِنْ حَيْثُ الْكَيْفِيَّةِ فَقَطْ فَلَا يُنَافِي كَوْنُهُ سُنَّةً. (قَوْلُهُ: السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ لَا صِيغَةَ أَمْرٍ فِيهِ أَنَّ مَدْحَهُ يَدُلُّ عَلَى طَلَبِهِ طَلَبًا مُرَغَّبًا فِيهِ فَثَبَتَتْ السُّنَّةُ بِذَلِكَ لُزُومًا وَأَمَّا قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ «فَاسْتَاكُوا عَرْضًا» فَهُوَ هَيْئَةٌ خَاصَّةٌ بِرْمَاوِيٌّ وَيُجْمَعُ السِّوَاكُ عَلَى سُوُكٍ بِضَمَّتَيْنِ كَكِتَابِ وَكُتُبٍ، لَكِنْ يَجِبُ هُنَا إسْكَانُ الْوَاوِ كَمَا فِي الْأُشْمُونِيِّ وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ السِّوَاكُ يُجْمَعُ عَلَى سُوكٍ بِالسُّكُونِ وَالْأَصْلِ بِضَمَّتَيْنِ اهـ وَمَطْهَرَةٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا أَيْ وَالْفَتْحُ أَوْلَى وَانْظُرْ مَا وَجْهُهُ مَعَ أَنَّهُ اسْمُ آلَةٍ وَالْقِيَاسُ الْكَسْرُ، وَقَدْ يُوَجَّهُ الْفَتْحُ بِأَنَّهُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ التَّطْهِيرِ بِرْمَاوِيٌّ وَلَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ بِالِاسْتِيَاكِ بِالْمُتَنَجِّسِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِقَوْلِهِ مَطْهَرَةٌ وَهَذَا مَنْجَسَةٌ خِلَافًا

<<  <  ج: ص:  >  >>