وَإِنْ اخْتَلَفَ حُكْمُهُمَا (كَإِجَارَةٍ وَبَيْعٍ أَوْ) إجَارَةٍ (وَسَلَمٍ أَوْ شَرِكَةٍ وَقِرَاضٍ صَحَّا وَوُزِّعَ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَتِهِمَا) أَيْ: قِيمَةِ الْمُؤَجَّرِ مِنْ حَيْثُ الْأُجْرَةُ، وَقِيمَةِ الْمَبِيعِ أَوْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَا يُؤَثِّرُ مَا قَدْ يَعْرِضُ لِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا بِاخْتِلَافِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ الْمُحْوِجَيْنِ إلَى التَّوْزِيعِ الْمُسْتَلْزِمِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
شُرُوعٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي اخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ وَمَعْنَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الْأَحْكَامِ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْعَقْدَيْنِ حُكْمًا يَخُصُّهُ لَا أَنَّهُ يَصِحُّ أَحَدُهُمَا وَيَبْطُلُ الْآخَرُ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ وَانْظُرْ مَا مَعْنَى تَفْرِيقَهَا فِي مُتَّفِقَيْ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَ حُكْمُهُمَا) تَعْمِيمٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ فَيَحْتَاجُ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى مِثَالَيْنِ. فَقَوْلُهُ: كَإِجَارَةٍ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ وَارِدَةً عَلَى الْعَيْنِ أَوْ الذِّمَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ وَبَيْعٌ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ أَوْ وَسَلَمٌ فَالْمُرَادُ بِهَا الْوَارِدَةُ عَلَى الْعَيْنِ شَرْحُ. م ر وَلِأَجْلِ أَنْ تَخَالَفَ السَّلَمِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ بِخِلَافِهِمَا. وَيُمَثَّلُ لِلْمُتَّفِقَيْنِ مِنْ اللَّازِمَيْنِ بِالسَّلَمِ وَالْإِجَارَةِ الْوَارِدَةِ عَلَى الذِّمَّةِ الْمُقَدَّرَةِ بِمَحَلِّ الْعَمَلِ فَهِيَ لَا تَقْتَضِي التَّأْقِيتَ كَالسَّلَمِ وَتَقْتَضِي قَبْضَ الْأُجْرَةِ فِي الْمَجْلِسِ كَالسَّلَمِ،
وَقَوْلُهُ: أَوْ شَرِكَةٌ وَقِرَاضٌ مِثَالٌ لِلْمُتَّفِقَيْنِ مِنْ الْجَائِزِ كَمَا قَالَ وَقَدْ مَثَّلْت لَهُ إلَخْ وَانْظُرْ مَا مِثَالُ الْمُخْتَلِفَيْنِ مِنْ الْجَائِزَيْنِ. (قَوْلُهُ: كَإِجَارَةٍ وَبَيْعٍ) كَأَنْ قَالَ بِعْتُك عَبْدِي وَآجَرْتُك دَارِي شَهْرًا بِكَذَا
وَقَوْلُهُ: أَوْ إجَارَةٌ وَسَلَمٌ كَبِعْتُكَ كَذَا فِي ذِمَّتِي سَلَمًا وَآجَرْتُكَ دَارِي شَهْرًا بِكَذَا قَالَ الْإِطْفِيحِيُّ وَأَتَى الْمُصَنِّفُ بِمِثَالَيْنِ لِلَّازِمَيْنِ لَعَلَّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمَبِيعِ بَيْنَ كَوْنِهِ مُعَيَّنًا أَوْ فِي الذِّمَّةِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ شَرِكَةٌ وَقِرَاضٌ) مِثَالٌ لِمَا إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُهُمَا كَأَنْ خَلَطَ أَلْفَيْنِ لَهُ بِأَلْفٍ لِغَيْرِهِ وَشَارَكَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَقَارَضَهُ عَلَى الْآخَرِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّ سَائِرَ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْقِرَاضِ يُعْتَبَرُ فِي الشَّرِكَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ حَرِّرْهُ وَسَكَتَ عَنْ مِثَالِ مُتَّفِقَيْ الْحُكْمِ مِنْ اللَّازِمَيْنِ وَمُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ مِنْ الْجَائِزَيْنِ وَقَدْ يُقَالُ مُرَادُهُ عَلَى فَرْضِ أَنْ يُوجَدَ اتِّفَاقُ أَوْ اخْتِلَافُ الْأَحْكَامِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَيْنِك اللَّازِمَيْنِ وَالْجَائِزَيْنِ. ح ل (قَوْلُهُ: وَوُزِّعَ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَتِهِمَا) هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِرَاضِ وَالشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا مُسَمًّى وَإِنَّمَا فِيهِمَا رِبْحٌ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَوُزِّعَ الْمُسَمَّى فِي غَيْرِ الشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ أَمَّا فِيهِمَا فَيُوَزَّعُ الرِّبْحُ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْمِقْدَارِ قَالَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ.
وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّوْزِيعَ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ: قِيمَةُ الْمُؤَجَّرِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَوُزِّعَ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَتِهِمَا إلَخْ) أَيْ: إنْ اُحْتِيجَ إلَى التَّوْزِيعِ بِأَنْ حَصَلَ فَسْخٌ أَوْ انْفِسَاخٌ لِلْإِجَارَةِ أَوْ الْبَيْعِ أَوْ السَّلَمِ بِأَنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ أَوْ تَعَيَّبَتْ وَاسْتَمَرَّ مَا مَعَهَا صَحِيحًا أَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَبَقِيَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الصِّحَّةِ فَيُحْتَاجُ إلَى التَّوْزِيعِ حِينَئِذٍ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَبِيعِ عَشَرَةً، وَأُجْرَةُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ خَمْسَةٌ فَإِذَا بَاعَ الْعَبْدُ مَثَلًا وَآجَرَ الدَّارَ سَنَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا فَيَخُصُّ الْعَبْدَ مِنْهَا ثَمَانِيَةٌ وَيَخُصُّ الدَّارَ أَرْبَعَةٌ فَيَكُونُ أَثْلَاثًا كَالْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْأُجْرَةُ) أَيْ: لَا مِنْ حَيْثُ قِيمَةُ الْعَيْنِ، وَغَرَضُهُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْأُجْرَةَ تُسَمَّى قِيمَةً إذْ هِيَ قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ ع ش وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ حَيْثُ الْمَنْفَعَةُ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ هِيَ الْقِيمَةُ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى أَيْ: قِيمَةُ الْمُؤَجَّرَةِ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَثِّرُ مَا قَدْ يَعْرِضُ لِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا) أَيْ: اللَّازِمَيْنِ وَالْجَائِزَيْنِ أَيْ: وَلَا يُؤَثِّرُ مَا قَدْ يَعْرِضُ لِلْجَائِزَيْنِ وَاللَّازِمَيْنِ مِنْ اخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ النَّاشِئِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ أَيْ: عَلَى فَرْضِ أَنْ يُوجَدَ ذَلِكَ فَقَدْ يُوجَدُ اخْتِلَافُ الْأَحْكَامِ فِي الْبَيْعِ لِمُعَيَّنٍ وَالْإِجَارَةُ لِمُعَيَّنٍ وَقَدْ لَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِيهِمَا كَالْبَيْعِ فِي الذِّمَّةِ وَالْإِجَارَةِ عَلَى عَمَلٍ. ح ل قَالَ شَيْخُنَا وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ أَعْنِي قَوْلَهُ وَلَا يُؤَثِّرُ رَدُّ عِلَّةِ الْمُقَابِلِ الضَّعِيفِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا بِاخْتِلَافِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ مَا يَقْتَضِي فَسْخَ أَحَدِهِمَا فَيَحْتَاجُ إلَى التَّوْزِيعِ وَيَلْزَمُ الْجَهْلُ عِنْدَ الْعَقْدِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ الْعِوَضِ وَذَلِكَ مَحْذُورٌ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِنَا وَلَا يُؤَثِّرُ مَا قَدْ يَعْرِضُ إلَخْ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مَا قَدْ يَعْرِضُ لِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا) مَا وَاقِعَةٌ عَلَى الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ الْمَعْلُومَيْنِ مِنْ الْمَقَامِ رَشِيدِيٌّ، فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ: مِنْ أَسْبَابِ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ مِنْ وَضْعِ الظَّاهِرِ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ إذْ كَانَ يَقُولُ مِنْ أَسْبَابِهِ أَيْ: أَسْبَابِ مَا يَعْرِضُ لَكِنْ أُظْهِرَ لِلْإِيضَاحِ لِأَنَّ الْإِضْمَارَ فِيهِ خَفَاءٌ. وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ قَوْلُهُ مَا قَدْ يَعْرِضُ أَيْ: تَنَازُعٌ وَتَوْزِيعٌ قَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute