للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ اسْتَعْقَبَ عِتْقًا) كَشِرَاءِ بَعْضِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْمِلْكَ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ مَوْقُوفٌ فَلَا يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ حَتَّى يَلْزَمَ الْعَقْدُ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُقْتَضَاهُ؟ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الشَّارِحَ صَيَّرَ هَذَا الْعَارِضَ كَالْمُقْتَضِي. وَحَاصِلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ يَثْبُتُ فِي كُلِّ مُعَارَضَةٍ مَحْضَةٍ وَاقِعَةٍ عَلَى عَيْنٍ لَازِمَةٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لَيْسَ فِيهَا تَمَلُّكٌ قَهْرِيٌّ وَلَا جَارِيَةٌ مَجْرَى الرُّخَصِ. ح ل وَقَوْلُهُ: وَاقِعَةٌ عَلَى عَيْنٍ أَيْ: أَوْ عَلَى مَنْفَعَةٍ مُؤَبَّدَةٍ بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَبَيْعِ حَقِّ الْوَضْعِ وَالْمُرَادُ بِالْمَحْضَةِ هِيَ الَّتِي تَفْسُدُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ كَالْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَوْ بَاعَ بِدَمٍ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ فَسَدَ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ فَإِنَّهُ لَوْ نَكَحَهَا بِدَمٍ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ لَمْ يَبْطُلْ عَقْدُ النِّكَاحِ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ.

وَفِي الْمُخْتَارِ الْمَجْلِسُ بِكَسْرِ اللَّامِ مَوْضِعُ الْجُلُوسِ وَبِفَتْحِهَا الْمَصْدَرُ. اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَعْقَبَ عِتْقًا) أَيْ: طَلَبَ الْبَيْعُ أَنْ يَعْقُبَهُ عِتْقُ شِبْهِ الْبَيْعِ بِعَاقِلٍ تَشْبِيهًا مُضْمَرًا فِي النَّفْسِ وَإِثْبَاتُ الطَّلَبِ تَخْيِيلٌ فَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلطَّلَبِ فَانْدَفَعَ مَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ يَعْقُبُ الْعِتْقَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِيهَامَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُمَا زَائِدَتَانِ وَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ. (قَوْلُهُ: كَشِرَاءِ بَعْضِهِ) مِنْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ وَإِنَّمَا كَانَ الْأَصْلُ بَعْضًا لِلْفَرْعِ لِأَنَّ تَسْمِيَتَهُ أَصْلًا تَسَبُّبٌ عَنْهُ فَقَوْلُهُ: بَعْضُهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا قَالَ الشَّوْبَرِيُّ وَفَارَقَ شِرَاءُ الْقَرِيبِ شِرَاءَ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ شَهِدَ بِحُرِّيَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ بِأَنَّهُ افْتِدَاءٌ مِنْ جِهَتِهِ؛ لِتَقَدُّمِ الْعِتْقِ بِالنِّسْبَةِ لِإِقْرَارِهِ عَلَى الشِّرَاءِ فَلَمْ يَقَعْ عَقْدَ بَيْعٍ يَتَضَمَّنُ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي بَاطِنًا وَلَا ظَاهِرًا بِالنِّسْبَةِ لِإِقْرَارِهِ بِخِلَافِ شِرَاءِ الْقَرِيبِ فَإِنَّهُ عَقْدٌ صَحِيحٌ بَاطِنًا وَظَاهِرًا فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْمِلْكُ ثُمَّ الْعِتْقُ وَمِنْ لَازِمِ تَرَتُّبِ الْمِلْكِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: وَإِنَّمَا ثَبَتَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ الْمُسْتَعْقِبِ لِلْعِتْقِ لِكُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ إلَخْ وَهُوَ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ، أَوْ حَالٌ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِهِ مَبْنِيًّا وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.

وَقَوْلُهُ: مَوْقُوفٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَكَذَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لَهُمَا إنْ بَنَيْنَا عَلَى أَنَّهُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ لِعَدَمِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا لَوْ بَنَيْنَا عَلَى أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ فَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَقَطْ وَلَا يُحْكَمُ بِالْعِتْقِ مُرَاعَاةً لِحَقِّهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي زَمَنِ خِيَارِهِمَا فِيهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ: قِيلَ مَوْقُوفٌ، وَقِيلَ لِلْبَائِعِ وَقِيلَ، لِلْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا لَمْ يُحْكَمْ بِثُبُوتِهِ أَيْ: الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى مِلْكِهِ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إزَالَتِهِ وَأَنْ يُحْكَمَ بِعِتْقِهِ لَكِنْ لَمَّا امْتَنَعَ الثَّانِي مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْبَائِعِ بَقِيَ الْأَوَّلُ وَحِينَئِذٍ لَا مَعْنَى لِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ فَعَلَى هَذَا يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ ابْتِدَاءً لِلْبَائِعِ.

وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى مِنْهُ شَخْصٌ عَبْدًا أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ فَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ افْتِدَاءٌ مِنْهُ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ مُعْتَقَدَهُ أَنَّهُ بَيْعٌ حَقِيقِيٌّ وَفِيهِ تَبْعِيضُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ الْعَبْدُ مِنْ نَفْسِهِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ مُوَافَقَةٌ عَلَى أَنَّهُ افْتِدَاءٌ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَوْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ كَأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ، فَإِنْ قُلْنَا فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ أَوْ مَوْقُوفٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَلَهُمَا الْخِيَارُ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي وَهُوَ مَجْلِسُ الْعَقْدِ. وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الضَّعِيفِ تَخَيَّرَ الْبَائِعُ إذْ لَا مَانِعَ أَيْضًا هُنَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ دُونَ الْمُشْتَرِي إذْ قَضِيَّةُ مِلْكِهِ لَهُ عَدَمُ تَمَكُّنِهِ مِنْ إزَالَتِهِ وَأَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ حَالًا فَلَمَّا تَعَذَّرَ الثَّانِي لِحَقِّ الْبَائِعِ تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ وَبِاللُّزُومِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ يَتَبَيَّنُ عِتْقُهُ عَلَيْهِ وَلَا يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ حَتَّى يَلْزَمَ الْعَقْدُ فَيَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَتَقَ مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ الْمِلْكَ) أَيْ: فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْ: صُورَةِ اسْتِعْقَابِ الْعِتْقِ فَالْخِلَافُ فِي غَيْرِهَا لَا فِيهَا.

وَقَوْلُهُ: فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَيْ: خِيَارِ الشَّرْطِ فَالْخِلَافُ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْمِلْكِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْخِيَارِ فِي الشَّرْطِ لَهُمَا

وَقَوْلُهُ: فَلَا يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ إلَخْ أَيْ: وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا وَسَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: حَتَّى يَلْزَمَ الْعَقْدُ) أَيْ: مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي فَبِمُجَرَّدِ اللُّزُومِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ يَتَبَيَّنُ عِتْقُهُ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ بِأَنْ لَمْ يُوفِ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ الْحَالَّ فَلَا يَكُونُ حَقُّ الْحَبْسِ مَانِعًا مِنْ نُفُوذِ الْعِتْقِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ حَيْثُ عَتَقَ امْتَنَعَ عَلَى الْبَائِعِ حَبْسُهُ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا يَثْبُتُ فِيهِ حَقُّ الْحَبْسِ لِلْبَائِعِ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ بَيْعَهُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>