(وَحَبْسُ مَاءِ قَنَاةٍ أَوْ) مَاءِ (رَحًا أُرْسِلَ) أَيْ: مَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا (عِنْدَ الْبَيْعِ) وَتَعْبِيرِي بِالتَّغْرِيرِ الْفِعْلِيِّ مَعَ تَمْثِيلِي لَهُ بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.
(لَا لَطْخُ ثَوْبِهِ) أَيْ: الرَّقِيقِ (بِمِدَادٍ) تَخْيِيلًا لِكِتَابَتِهِ فَأَخْلَفَ فَلَا خِيَارَ فِيهِ إذْ لَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ غَرَرٍ لِتَقْصِيرِ الْمُشْتَرِي بِعَدَمِ امْتِحَانِهِ وَالسُّؤَالِ عَنْهُ.
(وَبِظُهُورِ عَيْبٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (بَاقٍ) بِأَنْ لَمْ يَزُلْ قَبْلَ الْفَسْخِ (يَنْقُصُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْقَافِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ (الْعَيْنَ نَقْصًا
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِالرَّفْعِ عُطِفَ عَلَى مَا. (قَوْلُهُ: وَحَبْسُ مَاءِ قَنَاةٍ) اُنْظُرْ لَوْ انْحَبَسَ بِنَفْسِهِ هَلْ يَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى التَّصْرِيَةِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْغَالِبَ تَعَهُّدُ ذَلِكَ مِنْ الْمَالِكِ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ إمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ.
ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ رَحًا) هِيَ الطَّاحُونُ وَهِيَ تُمَدُّ وَتُقْصَرُ وَفِي الْمُخْتَارِ: الرَّحَا مَعْرُوفَةٌ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَتَثْنِيَتُهَا رَحَيَانِ وَمَنْ مَدَّ قَالَ رَحَاءٌ، وَرِحَاءَانِ، وَأَرْحِيَةٌ مِثْلُ غِطَاءٌ وَغِطَاءَانِ وَأَغْطِيَةٌ وَثَلَاثٌ أُرُحٌ وَالْكَثِيرُ أَرْحَاءُ. (قَوْلُهُ: أَرْسَلَ عِنْدَ الْبَيْعِ) أَيْ: بَيْعِ الْبُسْتَانِ وَالْقَنَاةِ أَوْ الرَّحَا مَعَ قَنَاتِهَا أَوْ بَيْعِ الْقَنَاةِ فَقَطْ فِي الْأَوَّلِ وَفِي الثَّانِي.
(قَوْلُهُ: لَا لَطَّخَ ثَوْبَهُ) عَطْفٌ عَلَى كَتَصْرِيَةٍ فَلَا خِيَارَ فِيهِ وَمَعَ ذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى الْبَائِعِ فِعْلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ يَعْقُبُهُ النَّدَمُ بَلْ هَذَا أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ مِمَّا يَتَخَيَّرُ فِيهِ؛ لِأَنَّ التَّدْلِيسَ ثَمَّ لَهُ رَافِعٌ وَهُوَ الْخِيَارُ وَهُنَا لَا رَافِعَ لَهُ وَمِثْلُهُ تَوْرِيمُ ضَرْعِ نَحْوِ الشَّاةِ لِيُوهِمَ كَثْرَةَ اللَّبَنِ، وَتَكْبِيرُ بَطْنِ الدَّابَّةِ بِالْعَلَفِ لِيُوهِمَ السِّمَنَ أَوْ كَوْنَهَا حَامِلًا وَلَا خِيَارَ أَيْضًا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ كَظَنِّ مُشْتَرٍ نَحْوَ زُجَاجَةٍ جَوْهَرَةً بَالَغَ فِيهَا بِالثَّمَنِ. ح ل وز ي (قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِ الْمُشْتَرِي بِعَدَمِ امْتِحَانِهِ) رُبَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا بِمَحَلٍّ لَا شَيْءَ فِيهِ مِمَّا يُمْتَحَنُ بِهِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَلَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَادِرٌ فَلَا نَظَرَ إلَيْهِ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِعَدَمِ امْتِحَانِهِ) أَيْ: مَعَ سُهُولَةِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَهَذَا يَأْتِي فِي تَحْمِيرِ الْوَجْهِ وَمَا بَعْدَهُ.
وَقَوْلُهُ: وَالسُّؤَالُ عَنْهُ قَدْ يُقَالُ هَذَا يَأْتِي فِي التَّصْرِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ جُزْءُ عِلَّةٍ. ح ل
(قَوْلُهُ: وَبِظُهُورِ عَيْبٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِتَغْرِيرٍ فِعْلِيٍّ وَإِنَّمَا أَعَادَ الْعَامِلَ إشَارَةً لِاخْتِلَافِ النَّوْعِ أَوْ لِطُولِ الْفَصْلِ أَوْ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ وَهُوَ لَطَّخَ وَأَيْضًا لِلْقُيُودِ بَعْدَهُ، وَالْمُرَادُ ظُهُورُ عَيْبٍ وَلَوْ عِنْدَ الْبَائِعِ وَذَلِكَ فِي الْأَوْصَافِ الْجِبِلِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ اعْتِيَادُهَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْجِبِلِّيَّةِ لَا بُدَّ أَنْ تُوجَدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ وُجُودِهَا عِنْدَ الْبَائِعِ كَمَا سَيَأْتِي وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَبِظُهُورِ عَيْبٍ؛ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا ح ل مَعَ زِيَادَةٍ وَسَيَأْتِي لَهُ أَنَّهُ يَجْعَلُ الْأَمْثِلَةَ الَّتِي بَعْدَ الْخِصَاءِ كُلَّهَا جِبِلَّيَّةً إلَّا الْبَوْلَ فِي الْفِرَاشِ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُهُ غَيْرَ جِبِلِّيٍّ فَلَا بُدَّ أَنْ يَحْصُلَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ رَأَيْت فِي ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: وَزِنًا إلَخْ أَيْ: وَلَمْ يُوجَدْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ بَلْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَقَطْ أَوْ وُجِدَ عِنْدَهُمَا أَمَّا لَوْ وُجِدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَثْبُتْ وُجُودُهُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَهُوَ عَيْبٌ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَا رَدَّ بِهِ، وَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ يُرَدُّ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَمَارَةٌ عَلَى وُجُودِهِ قَبْلُ فِي يَدِ الْبَائِعِ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْإِلَهِيَّةُ مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَكْشِفُ السِّتْرَ عَنْ عَبْدِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَصَرِيحُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا تُنَاطُ بِالْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ فَلَا الْتِفَاتَ لَهُ. اهـ وَقَصْدُهُ الرَّدُّ عَلَى ز ي وح ل الْقَائِلِينَ بِأَنَّ وُجُودَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ آثَارِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْبَائِعِ وَفِيهِ أَيْضًا بِظُهُورِ عَيْبٍ أَيْ: فِي الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي الْمُعَيَّنِ الْفَوْرُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَمَا يَأْتِي لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَالرَّدُّ فَوْرِيٌّ وَمِثْلُ هَذَا يَجْرِي فِي الثَّمَنِ لَكِنْ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا وَرَدَّهُ انْفَسَخَ الْعَقْدُ، وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ وَلَهُ بَدَلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ لِرَدِّهِ الْفَوْرِيَّةُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ هَذَا كُلُّهُ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ إنْ كَانَ الْقَبْضُ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ أَمَّا لَوْ وَقَعَ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِيهِ وَرَدَّهُ فَهَلْ يَنْفَسِخُ فِيهِ أَيْضًا أَوْ لَا؟ لِكَوْنِهِ وَقَعَ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ فِيهِ نَظَرٌ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ الْوَاقِعُ فِي الْمَجْلِسِ كَالْوَاقِعِ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ.
ع ش عَلَى م ر (فَرْعٌ)
لَوْ اشْتَرَى فُلُوسًا فَأَبْطَلَ السُّلْطَانُ التَّعَامُلَ بِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ اهـ عَمِيرَةُ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَزُلْ قَبْلَ الْفَسْخِ) أَيْ: وَلَوْ قَدَرَ مَنْ خُيِّرَ عَلَى إزَالَتِهِ. شَرْحُ م ر قَالَ: ع ش عَلَيْهِ أَيْ: بِمَشَقَّةٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي؛ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ فَلَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى إزَالَتِهِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ كَإِزَالَتِهِ اعْوِجَاجَ السَّيْفِ مَثَلًا بِضَرْبَةٍ فَلَا خِيَارَ لَهُ. وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ يَعْرِفُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُهُ فَهَلْ يُكَلَّفُ سُؤَالَ غَيْرِهِ أَمْ لَا لِلْمِنَّةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْقَافِ) وَعَلَى هَذَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا وَلَازِمًا وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا مُتَعَدِّيًا وَاللُّغَةُ الْأُولَى هِيَ الْفَصِيحَةُ قَالَ تَعَالَى