لِغَسْلٍ وَمَسْحٍ وَتَخْلِيلٍ وَدَلْكٍ وَذِكْرٍ كَتَسْمِيَةٍ وَتَشَهُّدٍ لِلِاتِّبَاعِ فِي الْجَمِيعِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِ خَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» ، وَرَوَاهُ أَيْضًا فِي الْأَوَّلِ مُسْلِمٌ وَفِي الثَّانِي فِي مَسْحِ الرَّأْسِ أَبُو دَاوُد وَفِي الثَّالِثِ الْبَيْهَقِيُّ، وَفِي الْخَامِسِ فِي التَّشَهُّدِ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَصَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِثَلِيثِ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ.، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَتَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَأَنَّهُ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ وَمَسَحَ رَأْسَهُ فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ، وَأَدْبَرَ مَرَّةً وَاحِدَةً» ، وَقَدْ يُطْلَبُ تَرْكُ التَّثْلِيثِ كَأَنْ ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ قَلَّ الْمَاءُ (يَقِينًا) بِأَنْ يَبْنِيَ عَلَى الْأَقَلِّ عِنْدَ الشَّكِّ عَمَلًا بِالْأَصْلِ.
(وَمَسْحُ كُلِّ رَأْسِهِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالسُّنَّةُ فِي كَيْفِيَّةِ مَسْحِ الرَّأْسِ أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى مُقْدِمِهِ وَيُلْصِقَ مُسَبَّحَتَهُ بِالْأُخْرَى وَإِبْهَامَيْهِ عَلَى صُدْغَيْهِ ثُمَّ يَذْهَبُ بِهِمَا إلَى قَفَاهُ، ثُمَّ يَرُدُّهُمَا إلَى الْمُبْتَدَإِ إنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ يَنْقَلِبُ وَإِلَّا فَيَقْتَصِرُ عَلَى الذَّهَابِ. (أَوْ يُتَمِّمُ) بِالْمَسْحِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْيُسْرَى قَبْلَ الْيُمْنَى، ثُمَّ ثَلَّثَ الْيُمْنَى حَصَلَ فَضْلُ التَّثْلِيثِ فِي كُلٍّ وَلَوْ تَوَضَّأَ مَرَّةً فَمَرَّةً فَمَرَّةً لَمْ يَحْصُلْ التَّثْلِيثُ وَلَا يَحْرُمُ فِعْلُ غَيْرِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ قِيلَ بِحُصُولِ التَّثْلِيثِ بِهِ فَهُوَ شُبْهَةٌ انْتَهَى.
شَوْبَرِيٌّ أَيْ وَلِأَنَّهُ تَجْدِيدٌ لَهُ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِصَلَاةٍ وَهُوَ مَكْرُوهٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ح ف وَقَوْلُ الشَّوْبَرِيِّ لَمْ يَحْصُلْ التَّثْلِيثُ أَيْ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ لِأَنَّ الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ مُتَبَاعِدَانِ فَيَنْبَغِي الْفَرَاغُ مِنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ الِانْتِقَالُ لِلْآخَرِ وَالْأَنْفُ وَالْفَمُ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ فِي تَطْهِيرِهِمَا مَعًا كَالْيَدَيْنِ ز ي وَيُسَنُّ التَّثْلِيثُ وَلَوْ مِنْ مَوْقُوفِ الطَّهَارَةِ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِالْمَاءِ لِتَفَاهَتِهِ وَبِهِ فَارَقَ الْأَكْفَانَ الْمَوْقُوفَةَ حَيْثُ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهَا الْمَنْدُوبُ شَيْخُنَا انْتَهَى.
شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِغُسْلٍ) أَيْ وَاجِبٍ، أَوْ مَنْدُوبٍ وَمَسْحٍ وَلَوْ جَبِيرَةٍ وَعِمَامَةٍ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَإِنْ تَبِعَهُ الْخَطِيبُ شَوْبَرِيٌّ أَيْ بِخِلَافِ مَسْحِ الْخُفِّ لِأَنَّهُ يَعِيبُهُ قَالَ ح ل وَأَمَّا النِّيَّةُ، فَلَا يُسَنُّ تَثْلِيثُهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا وَعَلَى سَنِّ تَثْلِيثِهَا يَكُونُ مَعْنَاهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا ثَانِيَةً وَثَالِثَةً لَا عَلَى قَصْدِ إبْطَالِ الْأُولَى، بَلْ يَكُونُ مُكَرِّرًا لَهَا حَتَّى يَكُونَ مُسْتَصْحِبًا لَهَا ذِكْرًا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَتَخْلِيلٍ وَدَلْكٍ) وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذِهِ السُّنَّةِ عَنْ جَمِيعِ السُّنَنِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْجَمِيعِ كَمَا قَالَهُ ح ل. (قَوْلُهُ: وَرَوَى الْبُخَارِيُّ إلَخْ) لَمَّا كَانَ ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ يُفْهِمُ وُجُوبَ التَّثْلِيثِ دَفَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً) أَيْ اقْتَصَرَ فِي كُلِّ عُضْوٍ عَلَى مَرَّةٍ ع ش. (قَوْلُهُ: فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ) أَيْ أَخَذَ مِنْ جِهَةِ الْقُبُلِ وَذَهَبَ بِهِمَا إلَى جِهَةِ الدُّبُرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ رَجَعَ بِيَدَيْهِ مِنْ جِهَةِ الدُّبُرِ إلَى جِهَةِ الْقُبُلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً لِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَنْ لَا شَعْرَ لَهُ يَنْقَلِبُ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُطْلَبُ تَرْكُ التَّثْلِيثِ) أَيْ وُجُوبًا وَالزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثِ حَرَامٌ إذَا كَانَ الْمَاءُ مُسَبَّلًا لِلْوُضُوءِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مِنْ نَحْوِ حَنَفِيَّةٍ كَمَا قَالَهُ الْعَلْقَمِيُّ أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ نَحْوِ الْفَسَاقِيِّ فَلَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ عَائِدٌ فِيهَا فَلَا إتْلَافَ طُوخِيٌّ. (قَوْلُهُ: يَقِينًا بِأَنْ يَبْنِيَ إلَخْ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ رُبَّمَا يَزِيدُ رَابِعَةً وَهِيَ بِدْعَةٌ وَتَرْكُ سُنَّةٍ أَهْوَنُ مِنْ اقْتِحَامِ بِدْعَةٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ بِدْعَةً إذَا عَلِمَ أَنَّهَا رَابِعَةٌ وَحِينَئِذٍ تَكُونُ مَكْرُوهَةً ز ي.
. (قَوْلُهُ: وَمَسْحُ كُلِّ رَأْسِهِ) وَإِذَا مَسَحَ الْجَمِيعَ وَقَعَ الْبَعْضُ وَاجِبًا وَالْبَاقِي مَنْدُوبًا كَنَظِيرِهِ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكُوعِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ إخْرَاجِ بَعِيرِ الزَّكَاةِ عَنْ دُونِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَإِنَّهُ يَقَعُ كُلُّهُ وَاجِبًا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا يُمْكِنُ تَجَزُّؤُهُ يَقَعُ مِنْهُ قَدْرُ الْوَاجِبِ فَرْضًا بِخِلَافِ مَا لَا يُمْكِنُ كَبَعِيرِ الزَّكَاةِ كَذَا قَالُوا. وَاعْتُرِضَ بِمَا إذَا اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي بَعِيرٍ أَحَدُهُمَا يُضَحِّي وَالْآخَرُ يَأْكُلُ لَحْمًا مِنْ غَيْرِ تَضْحِيَةٍ أَوْ أَحَدُهُمَا يَعُقُّ عَنْ وَلَدِهِ وَالْآخَرُ بِخِلَافِهِ حَيْثُ يَصِحُّ ذَلِكَ فَإِنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّ الْبَعِيرَ تَجَزَّأَ. وَالْجَوَابُ الْمُتَعَيَّنُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا وَقَعَ بَعِيرُ الزَّكَاةِ كُلُّهُ وَاجِبًا لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْوَاجِبِ أَصَالَةً فِي الزَّكَاةِ وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْهُ تَخْفِيفًا عَلَى الْمَالِكِ فَلَمَّا أَخْرَجَهُ هُوَ وَقَعَ كُلُّهُ وَاجِبًا وَمُرَاعَاةً لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِهِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَيُلْصِقُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنْ أَلْصَقَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَرُدَّهُمَا إلَخْ) فَيَكُونُ ذَهَابُهُ وَعَوْدُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً لِعَدَمِ تَمَامِهِ بِالذَّهَابِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَقْتَصِرُ عَلَى الذَّهَابِ) فَلَا يَرُدُّ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَإِنْ رَدَّ لَمْ يُحْسَبْ ثَانِيَةً لِأَنَّ الْمَاءَ صَارَ مُسْتَعْمَلًا وَلَا يُنَافِيه مَا لَوْ انْغَمَسَ مُحْدِثٌ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ نَاوِيًا رَفْعَ حَدَثِهِ ثُمَّ أَحْدَثَ حَالَ انْغِمَاسِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْفَعَ الْحَدَثَ الْمُتَجَدِّدَ بِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ لِأَنَّ مَاءَ الْمَسْحِ تَافِهٌ لَا قُوَّةَ لَهُ كَقُوَّةِ هَذَا وَلِذَا أَعَادَ مَاءَ غَسْلِ الذِّرَاعِ ثَانِيًا، لَمْ يُحْسَبْ غَسْلُهُ أُخْرَى لِكَوْنِهِ تَافِهًا. (قَوْلُهُ: أَوْ يُتَمِّمَ) بِالنَّصْبِ؛ بِأَنْ مُضْمِرَةً وَالْمَصْدَرُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَسْحٍ أَيْ أَوْ تَتْمِيمُ إلَخْ، عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ
وَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي
ح ف وَالتَّتْمِيمُ يَكُونُ بَعْدَ مَسْحِ الْوَاجِبِ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِخِلَافِ الْغُرَّةِ فَإِنَّهُ يُعْتَدُّ بِهَا وَلَوْ قَبْلَ الْفَرْضِ لِاسْتِقْلَالِهَا شَوْبَرِيٌّ وَفِي ز ي قَوْلُهُ: أَوْ يُتَمِّمَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى نَحْوِ الْعِمَامَةِ نَحْوُ دَمِ بَرَاغِيثَ وَأَنْ لَا يَمْسَحَ مِنْهُ مَا حَاذَى الْقَدْرَ الْمَسْمُوحَ مِنْ الرَّأْسِ كَمَا فِي عَمِيرَةَ وَأَنْ لَا يَكُونَ عَاصِيًا بِلُبْسِ نَحْوِ الْعِمَامَةِ وَأَنْ يُقَدِّمَ مَسْحَ جُزْءٍ مِنْ رَأْسِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ يُتَمِّمَ اهـ.
قَالَ شَيْخُنَا ح ف وَبِشَرْطِ أَنْ لَا يَرْفَعَ يَدَهُ بَيْنَ مَسْحِ الْجُزْءِ وَالتَّتْمِيمِ لِئَلَّا يَصِيرَ الْمَاءُ