فَمُثْبِتٌ لِلْخِيَارِ، وَأَمَّا غَرَقُ الْأَرْضِ أَوْ وُقُوعُ صَخْرَةٍ عَلَيْهَا لَا يُمْكِنُ رَفْعُهَا فَرَجَّحَ الشَّيْخَانِ هُنَا أَنَّهُ تَعَيُّبٌ، وَفِي الْإِجَارَةِ أَنَّهُ تَلَفٌ، وَالْفَرْقُ لَائِحٌ
. (وَإِتْلَافُ مُشْتَرٍ) لَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ (قَبْضٌ) لَهُ (وَإِنْ جَهِلَ) أَنَّهُ الْمَبِيعُ، كَأَكْلِ الْمَالِكِ طَعَامَهُ الْمَغْصُوبَ ضَيْفًا لِلْغَاصِبِ وَلَوْ جَاهِلًا بِأَنَّهُ طَعَامُهُ، فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ بِذَلِكَ أَمَّا إتْلَافُهُ لَهُ بِحَقٍّ كَصِيَالٍ وَقَوَدٍ وَكَرِدَّةٍ، وَالْمُشْتَرِي الْإِمَامُ فَلَيْسَ بِقَبْضٍ وَفِي مَعْنَى إتْلَافِهِ مَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً فَأَحْبَلَهَا أَبُوهُ وَمَا لَوْ اشْتَرَى السَّيِّدُ مِنْ مُكَاتَبِهِ أَوْ الْوَارِثُ مِنْ مُوَرِّثِهِ شَيْئًا، ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَوْ طُرُوُّ عَيْبٍ فِي الثَّمَنِ أَخَذَ الْمُشْتَرِي مَا نَقَصَ عَمَّا دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ بِطَرِيقٍ مَا، وَلَهُ أَنْ لَا يُحَلِّفَ الْبَائِعَ وَيَفْسَخُ الْعَقْدَ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ، لِعَدَمِ وُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ.
(قَوْلُهُ فَمُثْبِتٌ لِلْخِيَارِ) وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي فِي الثَّلَاثِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. ح ل وَعِ ش (قَوْلُهُ لَا يُمْكِنُ رَفْعُهَا) أَيْ إلَّا بِعُسْرٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَصْلًا فَتَلَفٌ أَيْ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ كَذَا قَالَهُ م ر فِي الْحَوَاشِي وَقَالَ أَيْضًا فَإِنْ رُجِيَ انْحِسَارُ الْمَاءِ عَنْهَا، لَكِنْ مَحَا حُدُودَهَا وَلَمْ تَتَمَيَّزْ عَنْ غَيْرِهَا فَكَاخْتِلَاطِ الصُّبْرَةِ بِغَيْرِهَا، س ل أَيْ فَلَهُ الْخِيَارُ.
(قَوْلُهُ تَعَيُّبٌ) أَيْ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ
وَقَوْلُهُ تَلَفٌ أَيْ فَتُفْسَخُ الْإِجَارَةُ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ لَائِحٌ) أَيْ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ، وَهِيَ تَتْلَفُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي الِانْتِفَاعَ فِي الْحَالِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ بِحَيْلُولَةِ الْمَاءِ وَالصَّخْرَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ ذَاتُ الْمَبِيعِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ مَعَ الْحَيْلُولَةِ فَلَا فَسْخَ فِيهِ ح ل بِإِيضَاحٍ
. (قَوْلُهُ وَإِتْلَافُ مُشْتَرٍ) أَيْ مَنْ وَقَعَ لَهُ الْعَقْدُ وَلَوْ بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَوْ مُكْرَهًا لِأَنَّ وَكِيلَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ بَاشَرَ الْعَقْدَ كَالْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ قَبْضٌ لَهُ) أَيْ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لَهُمَا أَوْ لَا خِيَارَ أَصْلًا، وَإِلَّا انْفَسَخَ شَوْبَرِيٌّ أَيْ فَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ، وَيَغْرَمُ لَهُ بَدَلَ الْمَبِيعِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ ع ش عَلَى م ر وَالْمُرَادُ أَنَّهُ قَبْضٌ حَيْثُ كَانَ أَهْلًا وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ غَيْرَ أَهْلٍ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا بَلْ عَلَيْهِ الْبَدَلُ، وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ بِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ وَقَدْ يَتَقَاصَّانِ ح ل.
(قَوْلُهُ أَيْضًا قَبْضٌ) أَيْ فَيَبْرَأُ الْبَائِعُ بِذَلِكَ فَصَحَّ التَّشْبِيهُ بِقَوْلِهِ كَأَكْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ كَأَكْلِ الْمَالِكِ طَعَامَهُ) قَدْ يَقْتَضِي التَّشْبِيهُ أَنَّ الْخِيَارَ لَوْ كَانَ لِلْبَائِعِ لَا يَكُونُ إتْلَافُ الْمُشْتَرِي قَبْضًا، وَهُوَ كَذَلِكَ بَلْ أَتْلَفَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ حِينَئِذٍ إنْ فَسَخَ أَوْ عَيَّبَهُ تَخَيَّرَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَقَرَّهُ حَجّ س ل قَالَ: ح ل وَهَذَا الْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنَّ إتْلَافَ غَيْرِ الْأَهْلِ كَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ قَبْضٌ، لِأَنَّهُ لَوْ أَكَلَ طَعَامَهُ الْمَغْصُوبَ ضَيْفًا بَرِئَ الْغَاصِبُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْفَرْقُ أَنَّ مِلْكَهُ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَقِرٌّ وَهُنَا غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ إذْنُ الْمُشْتَرِي لِلْأَجْنَبِيِّ فِي الْإِتْلَافِ لَغْوًا انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ ضَيْفًا حَالٌ مِنْ الْمَالِكِ وَهُوَ لَيْسَ قَيْدًا.
(قَوْلُهُ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ بِذَلِكَ) أَيْ إذَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ شَيْئًا قَالَ م ر وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُقَدِّمَهُ لَهُ الْغَاصِبُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ أَوْ يَأْكُلَهُ هُوَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَكَرِدَّةٍ) وَمِثْلُ الرِّدَّةِ: تَرْكُ الصَّلَاةِ وَقَطْعُ الطَّرِيقِ وَزِنَا الْمُحْصَنِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْإِحْصَانَ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ الرَّقِيقِ لِأَنَّ شَرْطَهُ الْحُرِّيَّةُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ فِي ذِمِّيٍّ زَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ ثُمَّ حَارَبَ وَاسْتُرِقَّ ثُمَّ بِيعَ فَإِذَا قَتَلَهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْبَائِعِ يَكُونُ قَابِضًا لَهُ لَا يُقَالُ: كَيْفَ يَكُونُ الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يَكُنْ إمَامًا قَابِضًا بِقَتْلِ الْمُرْتَدِّ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى قَاتِلِهِ لِأَنَّا نَقُولُ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ قَتَلَ مِلْكَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ عَلَيْهِ فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ وَلِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ ضَمَانَيْ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ، إذْ الْمُرْتَدُّ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ لَا يُضْمَنَانِ بِالْقِيمَةِ وَيُضْمَنَانِ بِالثَّمَنِ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمَوْقُوفِ لَا يُضْمَنَانِ بِالثَّمَنِ وَيُضْمَنَانِ بِالْقِيمَةِ س ل وَشَرْحُ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ وَالْمُشْتَرِي الْإِمَامُ) أَوْ نَائِبُهُ وَإِلَّا كَانَ قَابِضًا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الِافْتِيَاتُ عَلَى الْإِمَامِ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ مُهْدَرًا. وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ضَمَانَ الْعُقُودِ لَا يُنَافِي عَدَمَ ضَمَانِ الْقِيَمِ فَالْمُرْتَدُّ لَا يَضْمَنُ بِالْقِيمَةِ وَيَضْمَنُ بِالثَّمَنِ، وَمِثْلُهُ قَاطِعُ الطَّرِيقِ، وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَالْمَوْقُوفُ بِالْعَكْسِ وَأَعَادَ الْكَافَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُ قَوْلِهِ وَالْمُشْتَرِي الْإِمَامُ لِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ الصِّيَالُ وَالْقَوَدُ وَمَحَلُّ كَوْنِ قَتْلِ الْإِمَامِ لِلْمُرْتَدِّ لَيْسَ قَبْضًا إذَا قَتَلَهُ لِأَجْلِ الرِّدَّةِ وَإِلَّا كَانَ قَبْضًا اهـ سُلْطَانُ.
(قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَى إتْلَافِهِ) أَيْ فَيَكُونُ قَبْضًا وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَفِي مَعْنَى إتْلَافِهِ إحْبَالُ الْأَبِ وَعَجْزُ الْمُكَاتَبِ وَمَوْتُ الْمُوَرِّثِ بَعْدَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ فَأَحْبَلَهَا أَبُوهُ) وَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا وَالْمَهْرُ إنْ أَنْزَلَ بَعْدَ دُخُولِ الْحَشَفَةِ لَا قَبْلَهُ وَلَا مَعَهُ لِأَنَّهُ مَا أَدْخَلَ إلَّا وَهِيَ فِي مِلْكِهِ س ل (قَوْلُهُ وَمَا لَوْ اشْتَرَى السَّيِّدُ مِنْ مُكَاتَبِهِ) ظَاهِرُ هَذَا بَقَاءُ الْعَقْدِ وَحُصُولُ الْقَبْضِ بِذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ شَوْبَرِيٌّ وَفَائِدَةُ كَوْنِ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ صِحَّةُ تَصَرُّفِ السَّيِّدِ وَالْوَارِثِ فِي الْعَيْنِ وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ يَدِهِ وَعَدَمُ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمُكَاتَبِ أَوْ الْمُوَرِّثِ بِهَا، بَلْ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرَهَا كَالثَّمَرِ قَضَى مِنْهُ وَإِلَّا ضَاعَ عَلَى صَاحِبِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الْعَنَانِيِّ فَإِنْ قُلْت مَا فَائِدَةُ كَوْنِ