للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَشْحُونَةِ بِالْأَمْتِعَةِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِيهِ، وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: «كُنَّا نَشْتَرِي الطَّعَامَ جُزَافًا فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نَنْقُلَهُ» ، وَقِيسَ بِالطَّعَامِ غَيْرُهُ هَذَا إنْ نَقَلَهُ (لِمَا) أَيْ لِحَيِّزٍ (لَا يَخْتَصُّ بَائِعٌ بِهِ) كَشَارِعٍ أَوْ دَارٍ لِلْمُشْتَرِي (أَوْ) يَخْتَصُّ بِهِ لَكِنْ نَقَلَهُ (بِإِذْنِهِ) فِي النَّقْلِ لِلْقَبْضِ، (فَيَكُونُ) مَعَ حُصُولِ الْقَبْضِ بِهِ (مُعِيرًا لَهُ) أَيْ لِلْحَيِّزِ الَّذِي أَذِنَ فِي النَّقْلِ إلَيْهِ لِلْقَبْضِ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ إلَّا فِي النَّقْلِ لَمْ يَحْصُلْ الْقَبْضُ الْمُفِيدُ لِلتَّصَرُّفِ وَإِنْ حَصَلَ لِضَمَانِ الْيَدِ وَلَا يَكُونُ مُعِيرًا لِلْحَيِّزِ، وَكَنَقْلِهِ بِإِذْنِهِ نَقْلُهُ إلَى مَتَاعٍ مَمْلُوكٍ لَهُ أَوْ مُعَارٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَا ح ل

(قَوْلُهُ أَيْضًا بِنَقْلِهِ) أَيْ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ فَلَا يَكْفِي أَخْذُهُ وَمَشْيُهُ بِهِ وَلَوْ مُدَّةً طَوِيلَةً كَمَا قَالَهُ م ر وَبَحَثَ فِيهِ ع ش وَقَالَ يَكْفِي مَشْيُهُ بِهِ لِأَنَّهُ يُعَدُّ نَقْلًا لَهُ اهـ (قَوْلُهُ الْمَشْحُونَةِ بِالْأَمْتِعَةِ) أَيْ الْغَيْرِ الْحَقِيرَةِ كَحَصِيرَةٍ وَبَعْضِ مَاعُونٍ أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ تَخْلِيَتُهَا مِنْهُ وَمِثْلُ السَّفِينَةِ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَا يُعَدُّ ظَرْفًا فِي الْعَادَةِ فَظَهْرُ الْحَيَوَانِ لَا يُعَدُّ ظَرْفًا عَادَةً، فَلَا يُشْتَرَطُ إلْقَاءُ مَاءٍ عَلَى ظَهْرِهِ وَمِنْ الْأَمْتِعَةِ آلَاتُ السَّفِينَةِ ح ل (قَوْلُهُ نَظَرًا لِلْعُرْفِ) قُدِّمَ الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ عَلَى النَّقْلِيِّ لِعُمُومِهِ وَلِكَوْنِهِ يَدُلُّ عَلَى النَّقْلِ وَالتَّفْرِيغِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَرَوَى الشَّيْخَانِ إلَخْ) الْحَدِيثُ فِيهِ ذِكْرُ الطَّعَامِ وَهُوَ مَنْقُولٌ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ كُلُّ مَنْقُولٍ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَكَوْنُهُ جُزَافًا لَيْسَ قَيْدًا بَلْ هُوَ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ أَوْ قَيْدٌ لِلِاكْتِفَاءِ بِقَبْضِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ وَيُقَاسُ عَلَى مَنْعِ بَيْعِهِمْ لَهُ بَقِيَّةُ التَّصَرُّفَاتِ وَكَانَ حَقُّ الشَّارِحِ ذِكْرَ ذَلِكَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ الْأَصْلِ.

(قَوْلُهُ لِمَا لَا يَخْتَصُّ بَائِعٌ بِهِ) يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ نَقَلَهُ إلَى مُشْتَرَكٍ بَيْنَ الْبَائِعِ وَغَيْرِهِ حَصَلَ الْقَبْضُ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ بِالنَّقْلِ إلَيْهِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ النَّظَرِ ز ي أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ فِيهِ أَيْضًا مَعَ النَّقْل اهـ شَوْبَرِيٌّ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِمَا لَيْسَ لِلْبَائِعِ فِيهِ حَقٌّ أَيْ خَاصٌّ فَلَا يَرِدُ الشَّارِعُ وَالْمَسْجِدُ وَنَحْوُهُمَا لِأَنَّ حَقَّهُ فِيهَا عَامٌّ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى إذْنِهِ (قَوْلُهُ أَوْ دَارٍ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ أَوْ لِغَيْرِهِ وَلَوْ لَمْ يَظُنَّ رِضَاهُ م ر بِالْمَعْنَى وَإِنْ حَرُمَ (قَوْلُهُ أَوْ يَخْتَصُّ بِهِ) وَلَوْ بِنَحْوِ إجَارَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَعَارِيَّةٍ. فَإِنْ قُلْت: يُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ إنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يُعِيرُ مَعَ مَا يَأْتِي أَنَّهُ بِالْإِذْنِ مُعِيرٌ لِلْبُقْعَةِ. قُلْت لَا يُشْكِلُ لِمَا يَأْتِي أَنَّ لَهُ إنَابَةَ مَنْ يَسْتَوْفِي لَهُ الْمَنْفَعَةَ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ رَاجِعٌ إلَيْهِ وَمَا هُنَا مِنْ هَذَا لِأَنَّ النَّقْلَ لِلْقَبْضِ انْتِفَاعٌ يَعُودُ لِلْبَائِعِ يُبْرِئُهُ عَنْ الضَّمَانِ، فَيَكْفِي إذْنُهُ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ مَحْضَ إعَارَةٍ حَتَّى يَمْتَنِعَ وَحِينَئِذٍ تَسْمِيَتُهُ فِي هَذِهِ مُعِيرًا بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ لَا الْحَقِيقَةِ. اهـ. ز ي قَالَ ع ش وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ الْبُقْعَةُ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَضْمَنْ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ نَائِبٌ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ عَنْ الْمُسْتَعِيرِ

(قَوْلُهُ فِي النَّقْلِ لِلْقَبْضِ) فَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فَيَقُولُ أَذِنْت لَك فِي النَّقْلِ لِلْقَبْضِ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ حِسِّيَّةٌ ح ل وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ: أَذِنْت لَك فِي النَّقْلِ لِلْقَبْضِ إلَيْهِ أَيْ إلَى الْمَحَلِّ الْمُخْتَصِّ بِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَيَكُونُ مُعِيرًا لَهُ أَيْ لِلْحَيِّزِ الَّذِي أَذِنَ فِي النَّقْلِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ إلَّا فِي النَّقْلِ) بِأَنْ قَالَ أَذِنْت لَك فِي نَقْلِهِ أَوْ نَقْلُهُ لَا لِلْقَبْضِ ع ش (قَوْلُهُ لَمْ يَحْصُلْ الْقَبْضُ) أَيْ إنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ حَجّ وَضَعَّفَ الزِّيَادِيُّ كَلَامَ السُّبْكِيّ، وَاعْتَمَدَ التَّعْمِيمَ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَيْضًا لَمْ يَحْصُلْ الْقَبْضُ الْمُفِيدُ لِلتَّصَرُّفِ إلَخْ) لِأَنَّ يَدَ الْبَائِعِ عَلَى حَيِّزِهِ فَتَكُونُ يَدُهُ عَلَى الْمَبِيعِ الَّذِي فِيهِ أَيْضًا ح ل (قَوْلُهُ وَإِنْ حَصَلَ لِضَمَانِ الْيَدِ) وَكَذَا لِضَمَانِ الْعَقْدِ فَيَنْبَنِي عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ حِينَئِذٍ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا فَإِنَّ الْمَالِكَ يُطَالِبُ الْمُشْتَرِيَ وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا يَغْرَمُهُ مِنْ بَدَلِهِ، وَفِي رُجُوعِهِ عَلَى الْبَائِعِ مَعَ تَلَفِهِ عِنْدَهُ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِهِ وَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَا عَقْدَ فَيَرْجِعُ بِثَمَنِهِ عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ قَبْضٌ وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ وَيَنْبَنِي عَلَى الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَلْ أَوْ عِنْدَ الْبَائِعِ فِيمَا لَوْ رَجَّعَهُ الْمُشْتَرِي لِلتَّوَثُّقِ بِهِ إنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فَإِنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ وَلَا يَسْقُطُ الثَّمَنُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ هَذَا الْقَبْضَ كَافٍ فِي نَقْلِ الضَّمَانِ عَنْ الْبَائِعِ.

وَعِبَارَةُ س ل قَوْلُهُ وَإِنْ حَصَلَ لِضَمَانِ الْيَدِ إلَخْ فَلَوْ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا بَعْدَ تَلَفِهِ غَرِمَ بَدَلَهُ لِمُسْتَحِقِّهِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ لَوْ تَلِفَ وَكَانَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ، بَلْ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ لِأَنَّ يَدَ الْبَائِعِ عَلَيْهِ إلَى الْآنَ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ضَمَانُ يَدٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَلَا يَكُونُ مُعِيرًا لِلْحَيِّزِ إلَخْ) لِأَنَّ إذْنَهُ فِي مُجَرَّدِ النَّقْلِ لَا يَقْتَضِي رَفْعَ يَدِهِ عَنْ الْحَيِّزِ فَيَدُهُ عَلَى الْمَبِيعِ حِسِّيَّةٌ ح ل فَكَأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْبَائِعِ فِي النَّقْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي النَّقْلِ إلَيْهِ لِأَجْلِ الْقَبْضِ وَنَقَلَ فَقَدْ ارْتَفَعَتْ يَدُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>