للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِمَا ذَكَرَ عُلِمَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُ الْأَرْضِ مَشْغُولَةً بِمَا ذُكِرَ كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا مَشْحُونَةً بِأَمْتِعَةٍ

(وَبَذْرٍ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ (كَنَابِتِهِ) فَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ بَذْرُ مَا يَدْخُلُ فِيهَا دُونَ بَذْرِ مَا لَا يَدْخُلُ فِيهَا، وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ جَهِلَهُ وَتَضَرَّرَ، وَصَحَّ قَبْضُهَا مَشْغُولَةً بِهِ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ مُدَّةَ بَقَائِهِ

(وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ بَذْرٍ أَوْ زَرْعٍ لَا يُفْرَدُ بِبَيْعٍ) كَبُرٍّ لَمْ يُرَ كَأَنْ يَكُونَ فِي سُنْبُلِهِ (بَطَلَ) الْبَيْعُ (فِي الْجَمِيعِ) لِلْجَهْلِ بِأَحَدِ الْمَقْصُودَيْنِ، وَتَعَذُّرِ التَّوْزِيعِ نَعَمْ إنْ دَخَلَ فِيهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِأَنْ كَانَ دَائِمَ النَّبَاتِ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ، وَكَانَ ذِكْرُهُ تَأْكِيدًا كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ، وَإِنْ فَرَضُوهُ فِي الْبَذْرِ وَاسْتُشْكِلَ فِيمَا إذَا لَمْ يَرَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ بِبَيْعِ الْجَارِيَةِ مَعَ حَمْلِهَا، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحَمْلَ غَيْرُ مُتَحَقِّقِ الْوُجُودِ بِخِلَافِ مَا هُنَا، فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْحَمْلِ

(وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا) أَيْ الْأَرْضِ (حِجَارَةٌ ثَابِتَةٌ فِيهَا) مَخْلُوقَةً كَانَتْ أَوْ مَبْنِيَّةً لِأَنَّهَا مِنْ أَجْزَائِهَا، وَقَوْلِي ثَابِتَةٌ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ مَخْلُوقَةً (لَا مَدْفُونَةٌ) فِيهَا كَالْكُنُوزِ فَلَا تَدْخُلُ فِيهَا كَبَيْعِ دَارٍ فِيهَا أَمْتِعَةٌ، (وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ إنْ جَهِلَ) الْحَالَ (وَضَرَّ قَلْعُهَا وَلَمْ يَتْرُكْهَا لَهُ بَائِعٌ) ضَرَّ تَرْكُهَا؟ أَوْ لَا، (أَوْ) تَرَكَهَا لَهُ وَ (ضَرَّ تَرْكُهَا) لِوُجُودِ الضَّرَرِ وَقَوْلِي وَلَمْ يَتْرُكْهَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي (وَإِلَّا) بِأَنْ عَلِمَ الْحَالَ أَوْ جَهِلَهُ وَلَمْ يَضُرَّ قَلْعُهَا،

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْبَائِعِ لَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا أُجْرَةَ فِيهِ وَإِنْ طُلِبَ مِنْهُ قَبْضُهُ فَامْتَنَعَ تَعَدِّيًا وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهُ اهـ ابْنُ حَجَرٍ.

اط ف (قَوْلُهُ وَبِمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ إلَخْ لِأَنَّ صِحَّةَ الْقَبْضِ تَسْتَلْزِمُ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ عُلِمَ مِنْهُ وَمِمَّا قَبْلَهُ وَمُنَاسَبَةُ ذَلِكَ بِمَا قَبْلَهُ أَوْلَى اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ مَشْغُولَةً بِمَا ذُكِرَ) أَيْ بِالزَّرْعِ الَّذِي لَا يَدْخُلُ

(قَوْلُهُ وَبَذْرٌ كَنَابِتِهِ) أَيْ فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ، وَهُوَ أَحْكَامٌ أَرْبَعَةٌ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ فَهُوَ رَاجِعٌ لِأَوَّلِ الْبَابِ، وَبَذْرٌ مُبْتَدَأٌ وَالْمُسَوِّغُ لِلِابْتِدَاءِ بِالنَّكِرَةِ الْعُمُومُ وَقَوْلُهُ لَا يُفْرَدُ أَيْ كُلٌّ مِنْ الْبَذْرِ وَالزَّرْعِ وَهَلَّا قَالَ: لَا يُفْرَدَانِ لِأَنَّ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} [النساء: ١٣٥] وَإِنَّمَا الَّتِي يُفْرَدُ الضَّمِيرُ بَعْدَهَا هِيَ الَّتِي لِلشَّكِّ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ سم نَقْلًا عَنْ ابْنِ هِشَامٍ أَنَّ أَوْ الَّتِي يُفْرَدُ الضَّمِيرُ بَعْدَهَا هِيَ الَّتِي لِلشَّكِّ وَنَحْوِهِ دُونَ الَّتِي لِلتَّنْوِيعِ فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْوَاوِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ مَا لَا يَدْخُلُ فِيهَا) كَبَذْرِ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ جَزَرٍ أَوْ فُجْلٍ

(قَوْلُهُ وَلَا يُفْرَدُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِخِلَافِ مَا يُفْرَدُ كَالشَّعِيرِ وَالزَّرْعِ الَّذِي لَا يُفْرَدُ هُوَ الْمَسْتُورُ بِالْأَرْضِ كَالْفُجْلِ أَوْ بِمَا لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهِ كَالسُّنْبُلِ وَالْبَذْرِ الَّذِي لَا يُفْرَدُ هُوَ مَا لَمْ يَرَهُ أَوْ تَغَيَّرَ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ أَيْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ ز ي وَشَرْحُ م ر (قَوْلُهُ كَبُرٍّ) مِثَالٌ لِلزَّرْعِ الَّذِي لَا يُفْرَدُ وَمِثَالُ الْبَذْرِ الَّذِي يُفْرَدُ هُوَ الَّذِي لَمْ يَتَغَيَّرْ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ وَتَيَسَّرَ أَخْذُهُ، وَالزَّرْعُ الَّذِي يُفْرَدُ كَالْقَصِيلِ الَّذِي لَمْ يُسَنْبِلْ أَوْ سَنْبَلَ وَثَمَرَتُهُ ظَاهِرَةٌ كَالذُّرَةِ أَيْ الصَّيْفِيِّ وَالشَّعِيرِ. اهـ. س ل قَالَ ع ش الْقَصِيلُ اسْمٌ لِلزَّرْعِ الصَّغِيرِ وَهُوَ بِالْقَافِ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ دَخَلَ) أَيْ بِالْبَذْرِ أَوْ الزَّرْعِ وَدُخُولُ الْبَذْرِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا دُخُولُ الزَّرْعِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْجِزَّةَ الظَّاهِرَةَ عِنْدَ الْبَيْعِ لِلْبَائِعِ وَاَلَّذِي يَدْخُلُ إنَّمَا هُوَ أُصُولُهُ كَمَا مَرَّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالزَّرْعِ هُنَا أَيْ فِي قَوْلِهِ نَعَمْ إنْ دَخَلَ إلَخْ أُصُولُهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ دَائِمَ النَّبَاتِ) هُوَ بِالنُّونِ لَا بِالثَّاءِ كَنَوَى النَّخْلِ وَهُوَ أَقْعَدُ بِرْمَاوِيٌّ وَفِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْبَذْرِ وَالزَّرْعِ وَهَذَا لَا يُقَالُ: لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَالصَّوَابُ قِرَاءَتُهُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ (قَوْلُهُ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ) فَرْضُهُ فِي دُخُولِ الْبَذْرِ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ الْمُشْتَرِي وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ بِالْأَرْضِ بِنَاءٌ أَوْ شَجَرٌ لَمْ يَرَهُ الْمُشْتَرِي فَهَلْ يُغْتَفَرُ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ فِيهِ لِكَوْنِهِ تَابِعًا؟ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مَبِيعًا بِكَوْنِهِ تَابِعًا، فِيهِ نَظَرٌ وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ رُؤْيَةِ الْبَذْرِ لِكَوْنِهِ تَابِعًا جَرَيَانُهُ فِي الشَّجَرِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ رُؤْيَتُهُ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مَقْصُودًا بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا دَخَلَ تَبَعًا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ رُؤْيَةَ الْبَذْرِ قَدْ تَتَعَذَّرُ لِاخْتِلَاطِهِ بِالطِّينِ وَتَغَيُّرِهِ غَالِبًا بِخِلَافِ الشَّجَرِ وَالْبِنَاءِ ع ش (قَوْلُهُ وَاسْتُشْكِلَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي الْكُلِّ (قَوْلُهُ غَيْرُ مُتَحَقِّقِ الْوُجُودِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مُتَحَقِّقَ الْوُجُودِ كَأَنْ أَخْبَرَ بِهِ مَعْصُومٌ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ شَوْبَرِيٌّ

(قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا الْحِجَارَةُ) أَيْ فَلَيْسَتْ عَيْبًا إلَّا فِي أَرْضٍ تُقْصَدُ لِلزِّرَاعَةِ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا تَضُرُّهُ الْحِجَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ حِجَارَةٌ ثَابِتَةٌ) أَيْ وَلَوْ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ ع ش (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مِنْ أَجْزَائِهَا) ثُمَّ إنْ قُصِدَتْ الْأَرْضُ لِزَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ كَانَتْ عَيْبًا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِهِ. اهـ. م ر وَمِنْ قَوْلِهِ كَانَتْ عَيْبًا يُعْلَمُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي حِجَارَةٍ تَضُرُّ بِالزَّرْعِ أَوْ الْغَرْسِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ مَا لَوْ قُصِدَتْ لِبِنَاءٍ وَأَضَرَّتْ بِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ لَا مَدْفُونَةٌ فِيهَا) وَلَوْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَقَالَ الْبَائِعُ: بَعْدَ قَلْعِ الْمُشْتَرِي الْحِجَارَةَ كَانَتْ مَدْفُونَةً بِهَا وَقَالَ الْمُشْتَرِي: كَانَتْ مُثْبَتَةً صُدِّقَ الْبَائِعُ كَمَا يُصَدَّقُ فِيمَا لَوْ قَالَ: إنَّ الْبَيْعَ كَانَ بَعْدَ التَّأْبِيرِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: قَبْلَهُ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ كَالْكُنُوزِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ كَبَيْعِ دَارٍ فِيهَا أَمْتِعَةٌ تَنْظِيرٌ (قَوْلُهُ وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ إنْ جَهِلَ الْحَالَ) حَاصِلُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إمَّا أَنْ يَعْلَمَ الْحَالَ أَوْ لَا، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَضُرَّ الْقَلْعُ أَوْ لَا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَتْرُكَ الْبَائِعَ أَوْ لَا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَضُرَّ التَّرْكُ أَوْ لَا فَذَكَرَ لِثُبُوتِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ قُيُودٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهَا فِي الشَّرْحِ وَذَكَرَ الْبَاقِيَ لِعَدَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>