للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمُسْلَمٍ فِيهِ) أَيْ كَأَدَائِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي فَلَا يَجِبُ قَبُولُ الرَّدِيءِ عَنْ الْجَيِّدِ وَلَا قَبُولُ الْمِثْلِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْإِقْرَاضِ إنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ كَأَنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُقْتَرِضُ أَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ مَخُوفًا وَلَا يَلْزَمُ الْمُقْتَرِضَ الدَّفْعُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْإِقْرَاضِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ لَهُ مُؤْنَةٌ وَتَحَمَّلَهَا الْمُقْرِضُ (لَكِنْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْإِقْرَاضِ بِقِيمَةِ مَالِهِ) أَيْ لِنَقْلِهِ (مُؤْنَةٌ) وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُقْرِضُ لِجَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي السَّلَمِ وَبِخِلَافِ مَا لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ أَوْ لَهُ مُؤْنَةٌ وَتَحَمَّلَهَا الْمُقْرِضُ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ (بِمَحَلِّ الْإِقْرَاضِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّمَلُّكِ (وَقْتَ الْمُطَالَبَةِ) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ اسْتِحْقَاقِهَا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَإِذَا أَخَذَ قِيمَتَهُ فَهِيَ لِلْفَيْصُولَةِ لَا لِلْحَيْلُولَةِ حَتَّى لَوْ اجْتَمَعَا بِمَحَلِّ الْإِقْرَاضِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقْرِضِ رَدُّهَا وَطَلَبُ الْمِثْلِ وَلَا لِلْمُقْتَرِضِ اسْتِرْدَادُهَا وَدَفْعُ الْمِثْلِ.

(وَفَسَدَ) أَيْ الْإِقْرَاضُ (بِشَرْطٍ جَرَّ نَفْعًا لِلْمُقْرِضِ كَرَدِّ زِيَادَةٍ) فِي الْقَدْرِ أَوْ الصِّفَةِ كَرَدِّ صَحِيحٍ عَنْ مُكَسَّرٍ (وَكَأَجَلٍ لِغَرَضٍ) صَحِيحٍ (كَزَمَنِ نَهْبٍ) بِقَيْدٍ زِدْته تَبَعًا لِلشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ بِقَوْلِي (وَالْمُقْتَرِضُ مَلِيءٌ) لِقَوْلِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ": كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ رِبًا " وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ مَوْضُوعَ الْقَرْضِ الْإِرْفَاقُ فَإِذَا شَرَطَ فِيهِ لِنَفْسِهِ حَقًّا خَرَجَ عَنْ مَوْضُوعِهِ فَمَنَعَ صِحَّتَهُ وَجُعِلَ شَرْطُ جَرِّ النَّفْعِ لِلْمُقْرِضِ ضَابِطًا لِلْفَاسِدِ مَعَ جَعْلِ مَا بَعْدَهُ أَمْثِلَةً لَهُ أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْأَمْثِلَةِ (فَلَوْ رَدَّ أَزْيَدَ) قَدْرًا أَوْ صِفَةً

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَعُذْرُ الشَّارِحِ فِي عَدَمِ سُلُوكِ التَّرْتِيبِ أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ لَكِنْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ إلَخْ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مُقْتَضَى التَّنْظِيرِ بِالسَّلَمِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَفِرَ بِهِ بَعْدَ الْمَحَلِّ إلَخْ فَلِذَلِكَ أَخَّرَهُ الشَّارِحُ لِيَتَّصِلَ بِهِ الِاسْتِدْرَاكُ، وَقَوْلُ الْمَتْنِ: وَمَكَانًا لَمْ يَقُلْ وَأَجَلًا مَعَ تَقَدُّمِهِ فِي السَّلَمِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ لَا يَدْخُلُ الْقَرْضَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لِغَرَضٍ أَيْ وَالْمُقْتَرِضُ مَلِيءٌ أَفْسَدَهُ وَإِلَّا لَغَا ذِكْرُهُ اهـ شَيْخُنَا فَقَوْلُهُ صِفَةً أَيْ لَا جِنْسًا وَنَوْعًا فَإِنْ أَدَّى غَيْرَ جِنْسِهِ أَوْ نَوْعِهِ صَحَّ فَيَجُوزُ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ غَيْرَ جِنْسِهِ وَصِفَتِهِ (قَوْلُهُ: كَمُسْلَمٍ فِيهِ) اُنْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ لِمَحَلِّ تَسْلِيمِهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ تَعْيِينِهِ إنْ كَانَ مَحَلُّ الْعَقْدِ غَيْرَ صَالِحٍ أَوْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةً أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَمَالَ شَيْخُنَا ز ي إلَى الْأَوَّلِ فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُقْتَرِضُ) فَإِنْ تَحَمَّلَهَا أُجْبِرَ الْمُقْرِضُ عَلَى الْقَبُولِ وَشَمِلَ تَحَمُّلُهَا مَا لَوْ دَفَعَهَا مَعَ الْمُقْرِضِ وَعَلَيْهِ فَيُفَارِقُ الْمُسْلَمَ فِيهِ بِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ فِي السَّلَمِ لَا هُنَا ع ش، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ أَيْ مِنْ مَحَلِّ الظَّفَرِ إلَى مَحَلِّ الْإِقْرَاضِ أَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بِمَحِلِّ الظَّفَرِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ بِمَحَلِّ الْإِقْرَاضِ فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ أَيْ مُؤْنَةِ النَّقْلِ وَارْتِفَاعِ السِّعْرِ مَانِعٌ مِنْ الْإِجْبَارِ عَلَى الْأَدَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَنْ يَنْظُرُ إلَى الْمُؤْنَةِ يَنْظُرُ إلَى الْقِيمَةِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى حُصُولِ الضَّرَرِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْحَالَيْنِ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ يُشِيرُ إلَى كُلٍّ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ فَإِذَا أَقْرَضَهُ طَعَامًا بِمِصْرَ ثُمَّ لَقِيَهُ بِمَكَّةَ لَمْ يَلْزَمْهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَكَّةَ أَغْلَى كَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ وَبِأَنَّ فِي نَقْلِهِ إلَى مِصْرَ ضَرَرًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ مُؤْنَةِ النَّقْلِ وَارْتِفَاعِ الْأَسْعَارِ فَقَدْ يُوجَدُ ارْتِفَاعُ السِّعْرِ وَكَوْنُهُ أَنْقَصَ ح ل أَيْ مِنْ غَيْرِ مُؤْنَةٍ لِلنَّقْلِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ) وَلَا يُطَالِبُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِالْمِثْلِ شَرْحُ م ر وَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَ بِمَحَلِّ الظَّفَرِ أَقَلَّ قِيمَةً كَمَا إذَا أَقْرَضَهُ طَعَامًا بِمَكَّةَ ثُمَّ لَقِيَهُ بِمِصْرَ، لَكِنْ الَّذِي فِي شَرْحِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُطَالَبَتُهُ بِالْقِيمَةِ بَلْ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِثْلُهُ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْإِقْرَاضِ) هَلَّا أَسْقَطَ أَلْ مِنْهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَكَذَا مِنْ قَوْلِهِ: الْمُطَالَبَةُ وَاللَّامُ الْأُولَى مِنْ قَوْلِهِ لِلْمُقْرِضِ لِرِعَايَةِ الِاخْتِصَارِ وَمَا فَائِدَةُ إثْبَاتِ الْمَذْكُورَاتِ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَفَسَدَ بِشَرْطٍ إلَخْ) فَائِدَةُ الشَّرْطِ الْوَاقِعِ فِي الْقَرْضِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: إنْ جَرّ نَفْعًا لِلْمُقْرِضِ يَكُونُ مُفْسِدًا، وَإِنْ جَرَّ نَفْعًا لِلْمُقْتَرِضِ يَكُونُ فَاسِدًا غَيْرَ مُفْسِدٍ لِلْقَرْضِ كَأَنْ أَقْرَضَهُ عَشَرَةً صَحِيحَةً لِيَرُدَّهَا مُكَسَّرَةً، وَإِنْ كَانَ لِلْوُثُوقِ كَشَرْطِ رَهْنٍ وَكَفِيلٍ فَهُوَ صَحِيحٌ ز ي، فَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ فَاسِدٌ مُفْسِدٌ، وَالثَّانِي فَاسِدٌ غَيْرُ مُفْسِدٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ الْفَسَادِ إذَا وَقَعَ الشَّرْطُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، أَمَّا لَوْ تَوَافَقَا عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَقَعْ شَرْطٌ فِي الْعَقْدِ فَلَا فَسَادَ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: جَرَّ نَفْعًا لِلْمُقْرِضِ) أَيْ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْمُقْتَرِضِ لَكِنْ لَمْ يَكُنْ نَفْعُ الْمُقْتَرِضِ أَقْوَى بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ لَهُمَا وَالْمُقْتَرِضُ مُعْسِرٌ كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: كَرَدِّ زِيَادَةٍ) أَيْ كَشَرْطِ رَدِّ زِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَكَأَجَلٍ) أَيْ شَرْطِهِ (قَوْلُهُ: بِقَيْدٍ زِدْته تَبَعًا) اُنْظُرْ حِكْمَةَ التَّبَعِيَّةِ فِي هَذَا الْقَيْدِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْقُيُودِ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُقْتَرِضُ مَلِيءٌ) أَيْ بِالْمُقْرَضِ أَوْ بَدَلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ شَرْحُ م ر قَالَ الرَّشِيدِيُّ: قَوْلُهُ وَالْمُقْتَرِضُ مَلِيءٌ بِالْمُقْرَضِ أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي عَيَّنَهُ وَإِلَّا فَلَوْ أُرِيدَ أَنَّهُ مَلِيءٌ بِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يُتَصَوَّرْ إعْسَارُهُ بِهِ حِينَئِذٍ أَيْ عِنْدَ الْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ: لِقَوْلِ فَضَالَةَ) هُوَ صَحَابِيٌّ وَقَالَهُ بِحَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ فَهُوَ حَدِيثٌ وَفَضَالَةُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالضَّادِ كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ.

(قَوْلُهُ: جَرَّ مَنْفَعَةً) أَيْ شَرَطَ فِيهِ جَرَّ مَنْفَعَةٍ لِلْمُقْرِضِ شَرْحُ م ر فَالْمُرَادُ جَرُّهَا بِشَرْطٍ، أَمَّا جَرُّهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَلَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: أَمْثِلَةً لَهُ أَوْلَى) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اقْتِصَارَهُ عَلَى الْأَمْثِلَةِ يُوهِمُ أَنَّ الْفَسَادَ مَخْصُوصٌ بِهَا لَا يَتَجَاوَزُهَا إلَى غَيْرِهَا ع ش (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَدَّ أَزْيَدَ) وَلَوْ فِي الرِّبَوِيِّ كَمَا فِي م ر وَلَا يَجُوزُ رُجُوعُهُ فِي الزَّائِدِ؛ لِأَنَّهُ هِبَةٌ مَقْبُوضَةٌ وَلَا يَحْتَاجُ

<<  <  ج: ص:  >  >>