للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِذَا لَمْ يَنْفُذَا) أَيْ الْإِعْتَاقُ وَالْإِيلَادُ (فَانْفَكَّ) الرَّهْنُ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ (نَفَذَ الْإِيلَادُ) لَا الْإِعْتَاقُ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ قَوْلٌ يَقْتَضِي الْعِتْقَ فِي الْحَالِّ، فَإِذَا رُدَّ لَغَا وَالْإِيلَادُ فِعْلٌ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ، وَإِنَّمَا يَمْنَعُ حُكْمَهُ فِي الْحَالِّ لِحَقِّ الْغَيْرِ فَإِذَا زَالَ الْحَقُّ ثَبَتَ حُكْمُهُ فَإِنْ انْفَكَّ بِبَيْعٍ لَمْ يَنْفُذْ الْإِيلَادُ إلَّا أَنَّ مِلْكَ الْأَمَةِ.

(فَلَوْ مَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ) وَهُوَ مُعْسِرٌ حَالَ الْإِيلَادِ ثُمَّ أَيْسَرَ (غَرِمَ قِيمَتَهَا) وَقْتَ الْإِحْبَالِ وَكَانَتْ (رَهْنًا) مَكَانَهَا؛ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي إهْلَاكِهَا بِالْإِحْبَالِ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ

(وَلَوْ عَلَّقَ) عِتْقَ الْمَرْهُونِ (بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ قَبْلَ الْفَكِّ) لِلرَّهْنِ (فَكَإِعْتَاقٍ) فَيَنْفُذُ الْعِتْقُ مِنْ الْمُوسِرِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِيهِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ كَالتَّنْجِيزِ (وَإِلَّا) بِأَنْ وُجِدَتْ بَعْدَ الْفَكِّ أَوْ مَعَهُ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (نَفَذَ) الْعِتْقُ مِنْ مُوسِرٍ وَغَيْرِهِ إذْ لَا يَبْطُلُ بِذَلِكَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ

(وَلَهُ) أَيْ: لِلرَّاهِنِ (انْتِفَاعٌ) بِالْمَرْهُونِ (لَا يُنْقِصُهُ كَرُكُوبٍ وَسُكْنَى) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا» (لَا بِنَاءٌ وَغَرْسٌ) لِأَنَّهُ مَا يُنْقِصَانِ قِيمَةَ الْأَرْضِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا وَقَالَ: أَنَا أَقْلَعُ عِنْدَ الْأَجَلِ فَلَهُ ذَلِكَ وَحُكْمُ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ مَعَ مَا قَبْلَهُمَا وَإِنْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أُعِيدَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْقِيمَةِ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يَنْفُذَا) أَيْ: لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْمُعْتِقِ وَالْمُحْبِلِ مُعْسِرًا الْأَوَّلُ وَقْتِ الْإِعْتَاق وَالثَّانِي وَقْتُ الْوَطْءِ الَّذِي مِنْهُ الْإِحْبَالُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الْآتِي أَنَّهُ لَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَنْفُذْ الْإِيلَادُ إلَّا إنْ انْفَكَّ الرَّهْنُ بِغَيْرِ بَيْعٍ. ح ل وَحَيْثُ بِيعَتْ أُمُّ الْوَلَدِ فَإِنَّمَا يَجُوزُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ أَنْ تَضَعَ وَلَدَهَا؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَأَنْ تُرْضِعَهُ اللِّبَأَ، وَأَنْ تُوجَدَ لَهُ مُرْضِعَةٌ تَكْفِيهِ فَإِذَا وُجِدَتْ جَازَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا لِكَوْنِ الْوَلَدِ حُرًّا. اهـ. ح ف.

(قَوْلُهُ فَإِذَا رُدَّ) الْمُرَادُ بِرَدِّهِ عَدَمُ نُفُوذِهِ، وَقَوْلُهُ وَالْإِيلَادُ فِعْلٌ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ بِدَلِيلِ نُفُوذِهِ مِنْ السَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ دُونَ إعْتَاقِهِمَا. ح ل وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَمْنَعُ حُكْمَهُ. وَهُوَ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَمُنِعَ عَدَمُ صِحَّتِهِ كِنَايَةً عَنْ صِحَّتِهِ. (قَوْلُهُ إلَّا إنْ مَلَكَ الْأَمَةَ إلَخْ) فَلَوْ مَلَكَ بَعْضَهَا نَفَذَ الْإِيلَادُ فِيهِ، وَسَرَى إنْ كَانَ مُوسِرًا حِينَئِذٍ وَكَذَا لَوْ أَيْسَرَ بَعْدُ فِيمَا يَظْهَرُ كَذَا فِي شَرْحِ الْغَايَةِ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ مَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ) مُفَرَّعٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَذَا إنْ بَقِيَتْ، وَإِلَّا فَتَفْرِيعُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَقِيلَ: إنَّهُ تَقْيِيدٌ لِمَفْهُومِ الْمَتْنِ أَيْ: مَحَلِّ كَوْنِ الْأَمَةِ الَّتِي أَحْبَلَهَا الْمُعْسِرُ بَاقِيَةً عَلَى الرَّهْنِ مِنْ غَيْرِ غُرْمِ قِيمَتِهَا إنْ لَمْ تَمُتْ بِالْوِلَادَةِ وَلَوْ وَطِئَ حَرَّةً بِشُبْهَةٍ فَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ دِيَتُهَا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ سَبَبٌ ضَعِيفٌ؛ وَلِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ، وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا الضَّمَانَ فِي الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ سَبَبُ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا، وَالْعُلُوقُ مِنْ آثَارِهِ وَأَدَمْنَا بِهِ الْيَدَ وَالِاسْتِيلَاءَ وَالْحُرَّةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَالِاسْتِيلَاءِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مَوْتِ زَوْجَتِهِ أَمَةً كَانَتْ أَوْ حُرَّةً بِالْوِلَادَةِ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مُسْتَحِقٍّ. شَرْحُ م ر وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ الْمَوْتُ بِنَفْسِ الْوَطْءِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً وَدِيَتُهَا دِيَةَ خَطَأٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَلَوْ اخْتَلَفَ الْوَاطِئُ وَالْوَارِثُ فِي مَوْتِهَا بِهِ، فَالْمُصَدَّقُ الْوَاطِئُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَعَدَمُ الْمَوْتِ بِهِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ. اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ) كَأَنَّ التَّقْيِيدَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُوسِرَ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا بِمُجَرَّدِ الْإِحْبَالِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى مَوْتٍ بِالْوِلَادَةِ. انْتَهَى سم (قَوْلُهُ غَرِمَ قِيمَتَهَا) أَيْ: إذَا كَانَتْ مُسَاوِيَةً لِلدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ، وَإِلَّا فَلَا يَغْرَمُ إلَّا قَدْرَ الدَّيْنِ شَيْخُنَا ح ف.

(قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَ الْمَرْهُونِ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ قَبْلَ الرَّهْنِ بِأَنْ عَلَّقَ بِصِفَةٍ يُعْلَمُ حُلُولُ الدَّيْنِ قَبْلَهَا، وَاتَّفَقَ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْ وَوُجِدَتْ الصِّفَةُ قَبْلَ انْفِكَاكِ الرَّهْنِ أَمْ كَانَ بَعْدَهُ. ع ش (قَوْلُهُ فَيَنْفُذُ الْعِتْقُ مِنْ الْمُوسِرِ) وَلَا يَنْفُذُ مِنْ الْمُعْسِرِ، وَإِنْ وُجِدَتْ ثَانِيًا بَعْدَ الْفَكِّ لِانْحِلَالِ التَّعْلِيقِ أَوَّلًا مِنْ غَيْرِ تَأْثِيرٍ. سم (قَوْلُهُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِيهِ) أَيْ: مِنْ غُرْمِ قِيمَتِهِ وَقْتَ إعْتَاقِهِ، وَيَصِيرُ رَهْنًا ح ل (قَوْلُهُ إذْ لَا يَبْطُلُ بِذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ: لَا يَحْصُلُ بِهِ فَوَاتُ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ لِاسْتِيفَائِهِ لَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ أَوْ مَعَهُ ع ش.

(قَوْلُهُ أَيْ: لِلرَّاهِنِ) وَمِثْلُهُ مُعِيرُهُ فَلَهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ انْتِفَاعٌ بِهِ) فَإِنْ تَلِفَ بِالِانْتِفَاعِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ فَإِنْ ادَّعَى رَدَّهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَصْدُقُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ نَظِيرُ عَكْسِهِ. اهـ. ح ف (قَوْلُهُ كَرُكُوبٍ) أَيْ: لِغَيْرِ سَفَرٍ، وَإِنْ قَصُرَ جِدًّا لَا فِي الْبَلَدِ وَإِنْ اتَّسَعَتْ جِدًّا. ح ل (قَوْلُهُ إذَا كَانَ مَرْهُونًا) اُنْظُرْ وَجْهَ التَّقْيِيدِ بِهِ شَوْبَرِيٌّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ.

(قَوْلُهُ لَا بِنَاءٌ وَغَرْسٌ) بِالرَّفْعِ أَخَذْته مِنْ ضَبْطِهِ بِالْقَلَمِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِثْنَاءَ بِنَاءٍ خَفِيفٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بِاللَّبِنِ كَمِظَلَّةِ النَّاطُورِ؛ لِأَنَّهُ يُزَالُ عَنْ قُرْبٍ كَالزَّرْعِ وَلَا تَنْقُصُ الْقِيمَةُ بِهِ وَلَهُ زَرْعُ مَا يُدْرِكُ قَبْلَ حُلُولِ الدَّيْنِ أَوْ مَعَهُ وَلَمْ تَنْقُصْ بِهِ قِيمَةَ الْأَرْضِ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ لِعَارِضٍ تَرَكَهُ إلَى الْإِدْرَاكِ.

(قَوْلُهُ يُنْقِصَانِ قِيمَةَ الْأَرْضِ) لِكَوْنِهَا مَشْغُولَةً بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ الْخَارِجَيْنِ عَنْ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ تَعَلَّقَ بِالْأَرْضِ خَالِيَةً مِنْهُمَا فَتُبَاعُ لِلدَّيْنِ وَحْدَهَا مَعَ كَوْنِهَا مَشْغُولَةً بِهِمَا؛ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ يُزِيدَانِ قِيمَةَ الْأَرْضِ لَا يُنْقِصَانِهَا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ فَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ: مَا لَمْ يُنْقِصْ قِيمَةَ الْأَرْضِ بِالْقَلْعِ وَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ ح ل.

(قَوْلُهُ مَا قَبْلَهُمَا) وَهُوَ قَوْلُهُ وَلَهُ انْتِفَاعٌ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ عُلِمَ) أَيْ: الْحُكْمُ مِمَّا مَرَّ أَيْ: قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِرَاهِنٍ مُقْبِضُ رَهْنٍ وَلَا تَصَرُّفٌ يُزِيلُ مِلْكًا أَوْ يُنْقِصُهُ كَتَزْوِيجٍ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا يُنْقِصُهُ ح ل فَحُكْمُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ عُلِمَ مِنْ مَنْطُوقِ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ يُنْقِصُهُ كَتَزْوِيجٍ، وَحُكْمُ جَوَازِ الِانْتِفَاعِ مِنْ الرُّكُوبِ وَالسُّكْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>