للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُزَالُ لِلِانْتِفَاعِ

(وَلَهُمَا) أَيْ: الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ (شَرْطُ وَضْعِهِ) أَيْ: الْمَرْهُونِ (عِنْدَ ثَالِثٍ أَوْ اثْنَيْنِ) مَثَلًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ لَا يَثِقُ بِالْآخَرِ وَكَمَا يَتَوَلَّى الْوَاحِدُ الْحِفْظَ يَتَوَلَّى الْقَبْضَ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ.

(وَلَا يَنْفَرِدُ) فِي صُورَةِ الِاثْنَيْنِ (أَحَدُهُمَا بِحِفْظِهِ) كَنَظِيرِهِ فِي الْوَكَالَةِ وَالْوَصِيَّةِ فَيَجْعَلَانِهِ فِي حِرْزٍ لَهُمَا فَإِنْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِحِفْظِهِ ضَمِنَ نِصْفَهُ أَوْ سُلِّمَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ ضَمِنَا مَعًا النِّصْفَ (إلَّا بِإِذْنٍ) مِنْ الْعَاقِدَيْنِ فَيَجُوزُ الِانْفِرَادُ وَتَعْبِيرِي كَالرَّوْضَةِ، وَأَصْلُهَا بِثَالِثٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِعَدْلٍ فَإِنَّ الْفَاسِقَ كَالْعَدْلِ فِي ذَلِكَ لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ التَّصَرُّفَ التَّامَّ، أَمَّا غَيْرُهُ كَوَلِيٍّ وَوَكِيلٍ وَقَيِّمٍ وَمَأْذُونٍ لَهُ وَعَامِلِ قِرَاضٍ وَمُكَاتَبٍ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدَالَةِ مَنْ يُوضَعُ الْمَرْهُونُ عِنْدَهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَيُنْقَلُ مِمَّنْ هُوَ) أَيْ: الْمَرْهُونُ (بِيَدِهِ) مِنْ مُرْتَهِنٍ أَوْ ثَالِثٍ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ إلَى آخَرَ (بِاتِّفَاقِهِمَا) عَلَيْهِ.

(وَإِنْ تَغَيَّرَ حَالُهُ) بِمَوْتِهِ أَوْ فِسْقِهِ أَوْ زِيَادَةِ فِسْقِهِ أَوْ عَجْزِهِ عَنْ حِفْظِهِ أَوْ حُدُوثِ عَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

رَقِيقًا إلَخْ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا خَرَجَ بِالْغَالِبِ وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ وَهَذَا جَوَابُ مَنْ حَذَفَ مِنْ الْأَصْلِ قَوْلَهُ وَلَا تَزَالُ إلَّا لِلِانْتِفَاعِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَتَقَدَّمَ إلَخْ. (قَوْلُهُ تُزَالُ لِلِانْتِفَاعِ) أَيْ: وَإِزَالَةُ يَدِهِ لَا تُنَافِي الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهِ حُكْمًا عَزِيزِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَلَهُمَا شَرْطُ وَضْعِهِ) أَيْ: دَائِمًا أَوْ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ كَأَنْ شَرَطَا كَوْنَهُ عِنْدَ ثَالِثٍ يَوْمًا وَعِنْدَ الْمُرْتَهِنِ يَوْمًا وَعِنْدَ الرَّاهِنِ يَوْمًا بِرْمَاوِيٌّ، وَهَذَا زَائِدٌ عَلَى التَّرْجَمَةِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الْعَقْدِ لَا بَعْدَ اللُّزُومِ. (قَوْلُهُ عِنْدَ ثَالِثٍ) أَيْ: وَلَوْ فَاسِقًا، وَمِثْلُ الثَّالِثِ مَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ اللُّزُومِ بِقَبْضِ الْمُرْتَهِنِ مَوْضُوعًا عِنْدَ الرَّاهِنِ سم وَم ر (قَوْلُهُ يَتَوَلَّى الْقَبْضَ) أَيْ: لَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَيْسَ بِلَازِمٍ أَنْ يَتَوَلَّى الْقَبْضَ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ الْمُرْتَهِنُ وَيَتَوَلَّى الثَّالِثُ الْحِفْظَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ لَهُمَا شَرْطُ وَضْعِهِ عِنْدَ ثَالِثٍ تَأَمَّلْ.

وَعِبَارَةُ س ل قَوْلُهُ يَتَوَلَّى الْقَبْضَ أَيْضًا فَلَا يُحْتَاجُ فِي تَوْلِيَتِهِ لِلْحِفْظِ إلَى أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ ثُمَّ يَدْفَعُهُ لِلثَّالِثِ بَلْ كَمَا يُسْتَقْبَلُ بِالْحِفْظِ يَسْتَقِلُّ بِالْقَبْضِ.

(قَوْلُهُ وَالْوَصِيَّةُ) أَيْ: الْإِيصَاءُ أَوْ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ فَصْلٌ مِنْهَا. (قَوْلُهُ فَيَجْعَلَانِهِ فِي حِرْزٍ لَهُمَا) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُقَسَّمُ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْحِفْظِ، وَلَمْ يَكُونَا مُسْتَقِلَّيْنِ بِهِ أَنَّهُ يُقَسَّمُ وَهُوَ الْأَصَحُّ شَرْحُ الرَّوْضِ. أَقُولُ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَصِيِّ إثْمٌ؛ فَإِنَّ التَّصَرُّفَ هُنَا مَقْصُورٌ عَلَى الْحِفْظِ شَوْبَرِيُّ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِحِفْظِهِ ضَمِنَ الْمُنْفَرِدُ) وَكَذَا صَاحِبُهُ إنْ أَمْكَنَهُ دَفْعُهُ لِأَنَّهُ كَالْوَدِيعِ وَالدَّفْعُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيُّ.

(قَوْلُهُ ضَمِنَ نِصْفَهُ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ ضَمَانَ الِاسْتِقْرَارِ بِأَنْ يَكُونَ الْآخَرُ طَرِيقًا فِي ضَمَانِ ذَلِكَ النِّصْفِ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ حِفْظِهِ وَمَنَعَهُ الْآخَرُ مِنْ أَخْذِهِ فَتَرَكَ لِأَنَّهُ وَدِيعٌ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحِفْظُ مَعَ التَّمَكُّنِ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ ثُمَّ عَرَّضْته عَلَى م ر فَتَوَقَّفَ. ع ش (قَوْلُهُ ضَمِنَا مَعًا النِّصْفَ) أَيْ: ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا جَمِيعَ النِّصْفِ أَيْ: النِّصْفَ الَّذِي سُلِّمَ لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مُتَعَدٍّ بِالتَّسْلِيمِ، وَالْآخَرُ بِالتَّسَلُّمِ، وَأَمَّا نِصْفُهُ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُ، وَالْقَرَارُ فِي النِّصْفِ الْمَضْمُونِ عَلَى الَّذِي تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ فَإِذَا غَرِمَ لَمْ يَرْجِعْ وَإِذَا غَرِمَ صَاحِبُهُ رَجَعَ عَلَيْهِ، فَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِمَا يَضْمَنَانِ مَعًا النِّصْفَ أَنَّهُمَا يُطَالِبَانِ بِهِ لَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَضْمَنُ رُبُعَهُ. سم بِإِيضَاحٍ.

(قَوْلُهُ فَيَجُوزُ) وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَقْتَسِمَاهُ ح ل (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِعَدْلٍ) قَدْ يُدَّعَى أَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ أَوْلَى مِنْ عِبَارَتِهِ لِأَنَّ فِي مَفْهُومِهَا تَفْصِيلًا، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَتَصَرَّفُ عَنْ نَفْسِهِ لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ، وَإِلَّا اُشْتُرِطَتْ وَعِبَارَتُهُ شَامِلَةٌ لِغَيْرِ الْمُرَادِ؛ لِأَنَّ الثَّالِثَ يَشْمَلُ الْفَاسِقَ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ لَكِنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ فَيَقْتَضِي الْمَفْهُومُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَصَرَّفَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ لَا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ لَكِنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ: مَحَلُّ وَضْعِهِ عِنْدَ الْفَاسِقِ فِي الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ اللَّذَيْنِ يَتَصَرَّفَانِ لِأَنْفُسِهِمَا، بِأَنْ يَكُونَ كُلٌّ حُرًّا رَشِيدًا لَيْسَ نَائِبًا عَنْ غَيْرِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدَالَةِ مَنْ يُوضَعُ الْمَرْهُونُ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ كَوَلِيٍّ إلَخْ) هَذِهِ الْأَمْثِلَةُ مَا عَدَا الْمُكَاتَبَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ، فَإِنَّ الْوَلِيَّ وَمَا بَعْدَهُ لَا يَتَصَرَّفُونَ لِأَنْفُسِهِمْ

وَقَوْلُهُ وَمُكَاتَبٌ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ التَّصَرُّفُ التَّامُّ

وَقَوْلُهُ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ أَيْ: الرَّهْنُ أَيْ: إذَا كَانَ لِضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ، فَالْوَلِيُّ لَا يُجَوِّزُ لَهُ الرَّهْنَ مِنْ مَالٍ مُوَلِّيهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَإِنْ تَغَيَّرَ حَالُهُ) لَوْ اخْتَلَفَا فِي تَغَيُّرِ حَالِهِ صُدِّقَ النَّافِي بِلَا يَمِينٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ. ح ل.

(قَوْلُهُ بِمَوْتِهِ) مِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمُرْتَهِنُ وَوَرَثَتُهُ عُدُولٌ كَانَ لِلرَّاهِنِ نَقْلُهُ مِنْ أَيْدِيهمْ كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ.

وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ كَالرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَتْ الْيَدُ لِلْمُرْتَهِنِ فَتَغَيَّرَ حَالُهُ أَوْ مَاتَ فَلِلرَّاهِنِ طَلَبُ النَّقْلِ. سم.

(قَوْلُهُ أَوْ فِسْقُهُ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْعَدْل لَا يَنْعَزِلُ عَنْ الْحِفْظِ بِالْفِسْقِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ صَحِيحٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي وَضَعَهُ عِنْدَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>