للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْوَدِيعَةِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا فَالْمُتَعَدِّي كَالْغَاصِبِ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ (لَا) فِي دَعْوَى (رَدٍّ) إلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ كَالْمُسْتَعِيرِ.

(وَلَوْ وَطِئَ) الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَةَ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِدُونِهَا (لَزِمَهُ مَهْرٌ إنْ عُذِرَتْ) كَأَنْ أَكْرَهَهَا أَوْ جَهِلَتْ التَّحْرِيمَ كَأَعْجَمِيَّةٍ لَا تَعْقِلُ. (ثُمَّ إنْ كَانَ) وَطْؤُهُ (بِلَا شُبْهَةٍ) مِنْهُ (حُدَّ) لِأَنَّهُ زَانٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَبِيعًا مِنْك عِنْدَ انْتِفَاءِ الْوَفَاءِ لَا يُقَالُ: صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَتَرَاخَى هَذَا الْقَوْلُ عَنْ صِيغَةِ الرَّهْنِ لِأَنَّا نَقُولُ: ذَاكَ بَدِيهِيُّ الصِّحَّةِ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ قَوْلُ السُّبْكِيّ فِيمَا يَظْهَرُ لَا مَعْنَى لَهُ شَوْبَرِيٌّ

وَقَوْلُهُ وَمَعْنَى الْعِبَارَةِ لَعَلَّ السُّبْكِيَّ يَمْنَعُ أَنَّ مَعْنَاهَا ذَلِكَ، وَيَكُونُ قَدْ عَطَفَ جُمْلَةً مُسْتَقِلَّةً عَلَى صِيغَةِ الرَّهْنِ فَلَا يَتَأَثَّرُ بِهَا كَمَا لَوْ قَالَ: طَلَّقْتُكِ وَعَلَيْك أَلْفٌ حَيْثُ يَقَعُ رَجْعِيًّا وَلَا يَلْزَمُهَا الْأَلْفُ نَعَمْ إنْ أَرَادَ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ فِي الرَّهْنِ اتَّجَهَ الْبُطْلَانُ كَمَا فِي نَظِيرِهِ الْمَذْكُورِ. انْتَهَى بِحُرُوفِهِ فَقَوْلُهُ لَا الرَّهْنُ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ صِحَّةِ الرَّهْنِ أَيْضًا لِأَنَّهُ مُؤَقَّتٌ مَعْنًى.

(قَوْلُهُ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْوَدِيعَةِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ مَتْنًا وَشَرْحًا وَحَلَفَ فِي تَلَفِهَا مُطْلَقًا أَيْ: مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبٍ أَوْ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ كَسَرِقَةٍ أَوْ ظَاهِرٍ كَحَرِيقٍ عُرِفَ دُونَ عُمُومِهِ، فَإِنْ عُرِفَ عُمُومُهُ وَلَمْ يُتَّهَمْ فَلَا يَحْلِفُ، وَإِنْ جُهِلَ السَّبَبُ الظَّاهِرُ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ بِوُجُودِهِ ثُمَّ يَحْلِفُ أَنَّهَا تَلِفَتْ بِهِ. انْتَهَى (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ) أَيْ: بِقَوْلِنَا إنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْمُتَعَدِّي كَالْغَاصِبِ) أَيْ: وَإِلَّا نُقِلَ أَنَّ الْمُرَادَ بِتَصْدِيقِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بَلْ قُلْنَا: إنَّهُ يَضْمَنُ الْبَدَلَ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْمُتَعَدِّيَ كَالْغَاصِبِ يَضْمَنُ، فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ مُسَاوَاةُ الْمُتَعَدِّي لِغَيْرِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا مَعَ كَلَامِ الْمَتْنِ قَاعِدَةٌ، وَهِيَ أَنَّ كُلَّ وَاضِعِ يَدٍ سَوَاءٌ كَانَ أَمِينًا أَوْ ضَامِنًا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ بِيَمِينِهِ، وَأَمَّا دَعْوَى الرَّدِّ فَيُفْصَلُ فِيهَا بَيْنَ الضَّامِنِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ، وَبَيْن الْأَمِينَ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ إلَّا الْمُسْتَأْجِرَ وَالْمُرْتَهِنَ قَالَ ع ش وَلَيْسَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الدَّلَّالُ وَالصَّبَّاغُ وَالْخَيَّاطُ وَالطَّحَّانُ؛ لِأَنَّهُمْ أُجَرَاءُ لَا مُسْتَأْجِرُونَ لِمَا فِي أَيْدِيهِمْ فَيُصَدَّقُونَ فِي دَعْوَى الرَّدِّ بِلَا بَيِّنَةٍ.

(فَائِدَةٌ)

قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْفَوْرِ: كُلُّ يَدٍ ضَامِنَةٌ يَجِبُ عَلَى رَادِّهَا مُؤْنَةُ الرَّدِّ بِخِلَافِ يَدِ الْأَمَانَةِ. اهـ. أَيْ: فَإِنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ. (قَوْلُهُ كَالْغَاصِبِ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي دَعْوَى التَّلَفِ أَيْ: لِأَجْلِ الِانْتِقَالِ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الْقِيمَةِ، وَإِلَّا فَهُوَ يَضْمَنُهُ بِأَقْصَى الْقِيَمِ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ) وَقَدْ قَالُوا كُلُّ أَمِينٍ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إلَّا الْمُرْتَهِنَ وَالْمُسْتَأْجِرَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْبِضُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ ح ل قَالَ شَيْخُنَا ح ف هَذِهِ الْعِلَّةُ تَأْتِي فِي دَعْوَى التَّلَفِ وَالْفَرْقُ الْوَاضِحُ بَيْنَهُمَا أَنَّ التَّلَفَ غَالِبًا لَا يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَيُعْذَرُ بِخِلَافِ الرَّدِّ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا تَتَعَذَّرُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ (قَوْلُهُ كَالْمُسْتَعِيرِ) هُوَ لَيْسَ بِأَمِينٍ بَلْ هُوَ ضَامِنٌ فَهُوَ قِيَاسٌ أَدْنَى، وَإِنَّمَا مِثْلُهُ الْمُسْتَأْجِرُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَمِينٌ فَلَوْ عَبَّرَ بِالْمُسْتَأْجَرِ بَدَلَ الْمُسْتَعِيرِ لَكَانَ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ وَلَوْ وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ: الذَّكَرُ الْوَاضِحُ الْمَرْهُونَةَ الْأُنْثَى الْوَاضِحَةَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ. أَيْ: الْمَالِكِ فَدَخَلَ الْمُعِيرُ وَخَرَجَ الْمُسْتَعِيرُ. ق ل.

(قَوْلُهُ لَزِمَهُ مَهْرٌ) أَيْ: مَهْرُ ثَيِّبٍ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَمَهْرُ بِكْرٍ إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَأَرْشُ بَكَارَةٍ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْوَطْءِ، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ الْأَرْشُ شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ لَزِمَهُ مَهْرٌ قَالَ شَيْخُنَا ز ي: وَيَجِبُ فِي بِكْرٍ مَهْرُ بِكْرٍ، وَيُتَّجَهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ مَعَ عَدَمِ الْإِذْنِ لَا مَعَ وُجُودِهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهِ الْإِتْلَافُ وَإِنَّمَا يَسْقُطُ أَثَرُهُ بِالْإِذْنِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. .

(قَوْلُهُ كَأَنْ أَكْرَهَهَا) وَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ يَدِهِ بِذَلِكَ فَلَا تَصِيرُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ لَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ الْوَطْءِ، أَمَّا لَوْ تَلِفَتْ بِهِ فَيَضْمَنُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْوَاطِئُ وَالْأَمَةُ فِي الْإِكْرَاهِ وَعَدَمِهِ هَلْ تُصَدَّقُ الْأَمَةُ أَوْ الْوَاطِئُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُحْتَمَلُ الْأَوَّل؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الْمَهْرِ فِي وَطْءِ أَمَةِ الْغَيْرِ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ وَعَدَمُ لُزُومِ الْمَهْرِ ذِمَّةَ الْوَاطِئِ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ أَوْ جَهِلَتْ التَّحْرِيمَ) اُنْظُرْ هَلْ يُقَيَّدُ جَهْلُهَا التَّحْرِيمَ بِمَا يَأْتِي فِي الْمُرْتَهِنِ فِي قَوْلِهِ كَأَنْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ وَأَذِنَ لَهُ فِيهِ الرَّاهِنُ؟ إلَخْ فَيُقَالُ هُنَا: وَأَذِنَ لَهَا السَّيِّدُ فِي تَمْكِينِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ وَطْئِهَا أَوْ قَرُبَ عَهْدُهَا بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَتْ بَعِيدَةً عَنْ الْعُلَمَاءِ. اهـ. شَيْخُنَا وَفِي الشَّوْبَرِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ أَوْ جَهِلَتْ التَّحْرِيمَ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ وُجُوبُ مَهْرِ الْجَاهِلَةِ، وَتَقْيِيدُ جَهْلِ الْوَاطِئِ بِمَا يَأْتِي أَنَّهَا تُخَالِفُهُ فِي ذَلِكَ، وَيُمْكِنُ أَنَّهَا مِثْلُهَا فِي التَّفْصِيلِ الْآتِي وَحَذَفُوهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْهُ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ جَهْلَ مِثْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>