للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ وَإِنْ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِمَا فِي الذِّمَّةِ وَلَهُ إذَا خَاصَمَ الْمَالِكُ حُضُورَ خُصُومَتِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالْبَدَلِ، وَتَعْبِيرِي فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِالْمَالِكِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالرَّاهِنِ

(فَلَوْ وَجَبَ قِصَاصٌ) فِي الْمَرْهُونِ الْمُتْلَفِ (وَاقْتَصَّ) أَيْ: الْمَالِكُ لَهُ أَوْ عَفَا بِلَا مَالٍ (فَاتَ الرَّهْنُ) فِيمَا جَنَى عَلَيْهِ لِفَوَاتِ مَحِلِّهِ بِلَا بَدَلٍ (أَوْ) وَجَبَ (مَالٌ) بِعَفْوِهِ عَنْ قِصَاصٍ بِمَالٍ أَوْ كَوْنِ الْجِنَايَةِ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عَمْدًا يُوجِبُ مَالًا لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ مَثَلًا، وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ وَجَبَ مَالٌ بِعَفْوِهِ أَوْ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ (لَمْ يَصِحَّ عَفْوُهُ عَنْهُ) لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ

. (وَلَا) يَصِحُّ (إبْرَاءُ الْمُرْتَهِنِ الْجَانِي) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ، وَلَا يَسْقُطُ بِإِبْرَائِهِ حَقُّهُ مِنْ الْوَثِيقَةِ

(وَسَرَى رَهْنٌ إلَى زِيَادَةٍ) فِي الْمَرْهُونِ (مُتَّصِلَةٍ) كَسِمَنٍ وَكِبَرِ شَجَرَةٍ إذْ لَا يُمْكِنُ انْفِصَالُهَا بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلَةِ كَثَمَرَةٍ وَوَلَدٍ وَبَيْضٍ لِانْتِفَاءِ ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ فَلَا يَسْرِي إلَيْهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِغَيْبَتِهِ أَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ الرَّاهِنَ جَازَ لِلْمُرْتَهِنِ الْمُخَاصَمَةُ لِيَتَوَثَّقَ بِالْبَدَلِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُسْتَأْجِرِ إذَا تَعَذَّرَتْ مُخَاصَمَةُ الْمُؤَجِّرِ لِغَيْبَتِهِ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ) هَذَا إذَا أَرَادَ الْمُخَاصَمَةَ فِي الْعَيْنِ مَعَ حُضُورِ الرَّاهِنِ، وَلَوْ امْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ الْمُخَاصَمَةِ، فَأَرَادَ الْمُرْتَهِنُ الْمُخَاصَمَةَ لِحَقِّ التَّوَثُّقِ بِأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ التَّوَثُّقَ عَلَى دَيْنِهِ بِهَذِهِ الْعَيْنِ، وَالْغَاصِبُ قَدْ حَالَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ خُصُوصًا مَعَ غَيْبَةِ الرَّاهِنِ وَتَعَذُّرِ مُخَاصَمَتِهِ فَيَحْتَاجُ فِي دَعْوَى إثْبَاتِ حَقِّ التَّوَثُّقِ إلَى إثْبَاتِ مِلْكِ الرَّاهِنِ لِلْعَيْنِ، فَإِنْ أَنْكَرَ الْغَاصِبُ أَنَّهَا مِلْكُ الرَّاهِنِ كَانَ لَهُ إثْبَاتُ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ مِلْكُ فُلَانٍ رَهْنًا عِنْدِي، وَقَدْ غَصَبَهَا فُلَانٌ مِنِّي وَكَانَتْ يَدِي عَلَيْهَا بِحَقٍّ، وَإِنْ سَأَلَهُ رَفْعَ يَدِهِ عَنْهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ أَيْضًا هَكَذَا نَقَلَهُ م ر عَنْ الْبُلْقِينِيِّ، وَاعْتَمَدَهُ وَقَيَّدَ بِهِ إطْلَاقَ الشَّيْخَيْنِ سم فَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ إلَخْ أَيْ: فَلَيْسَ لَهُ مُخَاصَمَةٌ مِنْ حَيْثُ مِلْكُ الْعَيْنِ، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ يَسْتَحِقُّ بَدَلَهَا وَثِيقَةً عِنْدَهُ فَلَهُ الْمُخَاصَمَةُ. م ر. فَقَوْلُهُ وَلَهُ حُضُورُ خُصُومَةٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُخَاصِمُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ يَسْتَحِقُّ الْبَدَلَ وَثِيقَةً عِنْدَهُ بِأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ التَّوَثُّقَ عَلَى دَيْنِهِ بِالْعَيْنِ الَّتِي أَتْلَفَهَا هَذَا الرَّجُلُ، وَأُسْتَحَقّ بَدَلَهَا لِأَتَوَثَّقَ بِهَا عَلَى دَيْنِي، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْضُرُ مَجْلِسَ الْخُصُومَةِ مِنْ غَيْرِ مُخَاصَمَةٍ، لِأَنَّ غَيْرَهُ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ وَتَقَدَّمَ عَنْ سم، وَقَوْلُهُ وَلَهُ إذَا خَاصَمَ الْمَالِكَ حُضُورُ خُصُومَتِهِ أَيْ: لَيْسَ لِلْقَاضِي مَنْعُهُ إذَا حَضَرَ وَإِلَّا فَلِغَيْرِهِ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ تَعَلُّقٌ الْحُضُورُ وَلَكِنْ لِلْقَاضِي مَنْعُهُ. ح ف.

(قَوْلُهُ وَتَعْبِيرِي فِي الْمَوْضِعَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِمَالِكِهَا وَقَوْلُهُ، وَالْخَصْمُ فِيهِ الْمَالِكُ، وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ تَعْبِيرَهُ يُوهِمُ أَنَّ الْقِيمَةَ فِي الْأُولَى لِلْمُسْتَعِيرِ، وَأَنَّهُ الْخَصْمُ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَيْسَ مُرَادًا فِيهِمَا بَلْ الْقِيمَةُ فِي الْأُولَى لِلْمُعِيرِ، وَهُوَ الْخَصْمُ فِي الثَّانِيَةِ. ع ش.

(قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالرَّاهِنِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالرَّاهِنِ لِيَشْمَلَ الْوَلِيَّ وَالْوَصِيَّ وَنَحْوَهُمَا شَرْحُ. م ر.

(قَوْلُهُ وَاقْتَصَّ إلَخْ) وَلَوْ أَعْرَضَ الرَّاهِنُ عَنْ الْقِصَاصِ وَالْعَفْوِ بِأَنْ سَكَتَ عَنْهُمَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى أَحَدِهِمَا شَرْحُ. م ر. (قَوْلُهُ فَاتَ الرَّهْنُ) أَيْ: إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ فِي النَّفْسِ فَإِنْ كَانَتْ فِي طَرَفٍ وَنَحْوِهِ فَالرَّهْنُ بَاقٍ بِحَالِهِ شَرْحُ م ر وَقَدْ يُقَالُ: قَوْلُهُ فَاتَ الرَّهْنُ أَيْ: كُلًّا أَوْ بَعْضًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِيمَا جَنَى عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ عَبْدَيْنِ، وَقَتَلَ أَحَدَهُمَا وَاقْتَصَّ فَاتَ الرَّهْنُ فِيهِ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا فَاتَ الرَّهْنُ) أَيْ: بَطَلَ الْعَقْدُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالرَّهْنِ الْمَرْهُونُ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ فِي قَوْلِهِ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ لِأَنَّهُ الْمَرْهُونُ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ مَثَلًا) أَيْ: وَكَالْجِرَاحَاتِ الَّتِي لَا تَنْضَبِطُ فَإِنَّهَا تُوجِبُ الْمَالَ ابْتِدَاءً مَعَ وُجُودِ الْمُكَافَأَةِ كَالْجَائِفَةِ. ع ن.

(قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ عَفْوُهُ) وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَصَارَ الْمَالُ مَرْهُونًا وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ كَمَا مَرَّ ح ل.

(قَوْلُهُ وَلَا يَسْقُطُ بِإِبْرَائِهِ حَقُّهُ مِنْ الْوَثِيقَةِ) إلَّا إنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهَا شَرْحُ م ر بِأَنْ قَالَ: أَسْقَطْت حَقِّي مِنْ الْوَثِيقَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ حَقّه مِنْهَا. ح ل.

(قَوْلُهُ وَسَرَّى رَهْنٌ إلَى زِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ) ضَابِطُ الْمُتَّصِلَةِ هِيَ الَّتِي لَا يُمْكِنُ إفْرَادُهَا بِالْعَقْدِ وَالْمُنْفَصِلَةُ هِيَ الَّتِي يُمْكِنُ إفْرَادُهَا بِالْعَقْدِ فَالْحَمْلُ مِنْ الْمُتَّصِلَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَكِبَرُ شَجَرَةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ غِلَظُهَا لَا طُولُهَا بِدَلِيلِ عَطْفِهِ عَلَى السَّمْنِ كَمَا يُصَرَّحُ بِهِ تَعْلِيلِهِ بِقَوْلِهِ إذْ لَا يُمْكِنُ انْفِصَالُهَا وَعَلَى هَذَا فَطَوِّهَا مِنْ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ فَلَا يَسْرِي الرَّهْنُ إلَيْهِ، وَمِثْلُهَا سَنَابِلُ الزَّرْعِ الْحَادِثَةُ بَعْدَ الرَّهْنِ، وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلِيفٌ وَسَعَفٌ وَنَحْوُ صُوفِ غَنَمٍ كَذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. .

(قَوْلُهُ وَوَلَدُ) أَيْ: حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بِخِلَافِ رَهْنِ الْحَائِلِ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَبَيْضٌ) وَلَوْ مَوْجُودًا حَالَةَ الرَّهْنِ وَصُوفٌ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ الْجَزِّ وَلَبَنٌ وَلَوْ فِي الضَّرْعِ وَقْتَ الرَّهْنِ وَلَوْ رَهَنَ بَيْضَةً فَفَرَّخَتْ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ أَوْ بَذْرًا فَزَرَعَهُ كَذَلِكَ فَنَبَتَ فَالْفَرْخُ وَالنَّبَاتُ رَهْنٌ وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ يَسْرِي الرَّهْنُ إلَى الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ كَالْمُتَّصِلَةِ وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ يَسْرِي إلَيْهَا إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْأَصْلِ كَوَلَدِ جَارِيَةٍ بِخِلَافِ ثَمَرَةٍ شَجَرَةٍ. ق ل.

(قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ ذَلِكَ) أَيْ: عَدَمُ إمْكَانِ الِانْفِصَالِ كَمَا فِي ح ل

<<  <  ج: ص:  >  >>