للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ) أَيْ: الرَّاهِنُ لِإِقْرَارِهِ (تَأْوِيلًا) كَقَوْلِهِ ظَنَنْت حُصُولَ الْقَبْضِ بِالْقَوْلِ أَوْ أَشْهَدْت عَلَى رَسْمِ الْقَبَالَةِ؛ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْوَثَائِقَ فِي الْغَالِبِ يُشْهَدُ عَلَيْهَا قَبْلَ تَحَقُّقِ مَا فِيهَا

. (وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنَايَةِ) عَبْدٍ (مَرْهُونٍ أَوْ قَالَ الرَّاهِنُ: جَنَى قَبْلَ قَبْضٍ حَلَفَ مُنْكِرٌ) عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ إلَّا أَنْ يُنْكِرَهَا الرَّاهِنُ فِي الْأُولَى فَعَلَى الْبَتِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَبَقَاءُ الرَّهْنِ فِي الْأُولَى وَصِيَانَةً لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِي الثَّانِيَةِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْإِقْرَارُ فِي مَجْلِس الْحُكْمِ أَوْ لَا بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ أَوْ لَا حَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ أَوْ لَا، وَلَيْسَ هَذَا أَعَنَى قَوْلَهُ فَلَهُ تَحْلِيقَةُ جَوَابَ الشَّرْطِ بَلْ هُوَ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ، وَإِذَا لَمْ يُقْبَلْ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ، وَفَائِدَةُ التَّحْلِيفِ مَعَ ثُبُوتِ الْقَبْضِ بِإِقْرَارٍ رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ الْمُرْتَهِنُ عِنْدَ عَرْض الْيَمِينِ عَلَيْهِ بِعَدَمِ الْقَبْضِ أَوْ يَنْكُلَ عَنْهَا فَيَحْلِفُ الرَّاهِنُ وَيَثْبُتُ عَدَمُ الْقَبْضِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ) الْغَايَةَ لِلرَّدِّ وَقَوْلُهُ كَقَوْلِهِ لَظَنَنْت إلَخْ مِثَالٌ لِلتَّأْوِيلِ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَقِيلَ: لَا يَحْلِفُ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ لِإِقْرَارِهِ تَأْوِيلًا، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّا نَعْلَمُ فِي الْغَالِبِ أَنَّ الْوَثَائِقَ يَشْهَدُ عَلَيْهَا قَبْلَ تَحَقُّقِ مَا فِيهَا، فَأَيُّ حَاجَةٍ إلَى تَلَفُّظِهِ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ بِالْقَوْلِ) أَيْ: بِقَوْلِي أَقَبَضْتُك (قَوْلُهُ أَوْ أَشْهَدْت عَلَى رَسْمِ الْقُبَالَةِ) الْمَعْنَى أَوْ أَقْرَرْت بِالْقَبْضِ قَبْلَ حُصُولِهِ لِأَجْلِ أَنْ أُشْهِدَ عَلَى رَسْمِ الْقُبَالَةِ أَيْ: عَلَى مَا رُسِمَ، وَكُتِبَ فِيهَا مِنْ الْإِقْرَارِ بِالْقَبْضِ فَالْإِشْهَادُ لَيْسَ عَلَى رَسْمِهَا بَلْ عَلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ وَكُتِبَ فِيهَا، وَيَرْجِعُ الْمَعْنَى عَلَى أَنَّ عَلَى تَعْلِيلِيَّةٌ أَيْ: أَشْهَدْت عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْقَبْضِ قَبْلَ حُصُولِهِ لِأَجْلِ رَسْمِ الْقُبَالَةِ أَيْ: لِأَجْلِ أَنْ يَرْسُمَ فِيهَا،

وَقَوْلُهُ لِأَنَّا نَعْلَمُ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَوْ أَشْهَدْت إلَخْ أَيْ: لِكَوْنِهِ تَأْوِيلًا وَعُذْرًا

وَقَوْلُهُ قَبْلَ تَحَقُّقِ مَا فِيهَا أَيْ: قَبْلَ حُصُولِهِ فِي الْخَارِجِ فَعَادَةُ كَتَبَةِ الْوَثَائِقِ أَنَّهُمْ يَكْتُبُونَ أَقَرَّ فُلَانٌ بِكَذَا أَوْ بَاعَ أَوْ أَقْرَضَ لِفُلَانٍ كَذَا، وَيُشْهِدُونَ قَبْلَ وُجُودِهَا فِي الْخَارِجِ،

وَقَوْلُهُ عَلَى رَسْمِ أَيْ: كِتَابَةٍ وَالْقَبَالَةُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ اسْمٌ لِلْوَرَقَةِ الَّتِي يُكْتَبُ فِيهَا الْحَقُّ الْمَقَرُّ بِهِ مَثَلًا أَيْ: أَشْهَدْت عَلَى الْكِتَابَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْوَثِيقَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا تَقَدَّمَ. .

(قَوْلُهُ لِأَنَّا نَعْلَمُ إلَخْ) قَالَ ق ل: مِنْ هَذَا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يَخْتَصُّ بِمَا هُنَا بَلْ يَجْرِي فِي سَائِرِ الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا كَالْقَرْضِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ. اهـ، وَمِثْلُهُ فِي ح ل.

(قَوْلُهُ قَبْلَ تَحَقُّقِ مَا فِيهَا) أَيْ: قَبْلَ تَحَقُّقِ مَا كُتِبَ فِيهَا وَهُوَ هُنَا قَبْضُ الْمُرْتَهِنِ الْمَرْهُونَ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنَايَةِ عَبْدٍ مَرْهُونٍ) أَيْ: بَعْدَ قَبْضِهِ سَوَاءٌ ادَّعَى الْجِنَايَةَ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ ح ل فَفِي الْأُولَى صُورَتَانِ وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ قَبْلَ قَبْضِ شَامِلٌ لِمَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَلِمَا بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا فِي م ر، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْأُولَى بِمَا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ الْقَبْضِ كَالثَّانِيَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنَّ الْمُدَّعَى فِي الْأُولَى جِنَايَتُهُ الْآنَ وَفِي الثَّانِيَةِ جِنَايَتُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ. سم ع ش.

(قَوْلُهُ أَوْ قَالَ الرَّاهِنُ) أَيْ: صَدَرَ مِنْهُ هَذَا الْقَوْلُ بَعْدَ الْقَبْضِ كَمَا قَيَّدَهُ م ر وَإِلَّا صُدِّقَ أَيْ: الرَّاهِنُ وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ إقْبَاضُهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَتَعَلَّقَتْ الْجِنَايَةُ بِرَقَبَتِهِ. ع ش قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهَذَا أَيْ: قَوْلُهُ أَوْ قَالَ: الرَّاهِنُ إلَخْ مُسْتَأْنَفٌ لِأَنَّ عَطْفَهُ عَلَى اخْتَلَفَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى، أَوْ لَمْ يَخْتَلِفَا إلَخْ مَعَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ حَاصِلٌ فِيهِ أَيْضًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ جَنَى قَبْلَ قَبْضٍ) أَيْ: قَبْلَ الْعَقْدِ حَتَّى يَكُونَ رَهْنُهُ بَاطِلًا أَيْ: فَمَا أَقَبَضْته لَك إلَّا وَهُوَ جَانٍ أَيْ: وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ أَصْلَ الْجِنَايَةِ

وَقَوْلُهُ قَبْلَ قَبْضٍ مُتَعَلَّقُ يَجْنِي لَا يُقَالُ.

وَعِبَارَةُ م ر وَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ بَعْدَ الْقَبْضِ: جَنَى قَبْلَ الْقَبْضِ سَوَاءٌ أَقَالَ: جَنَى بَعْدَ الرَّهْنِ أَمْ قَبْلَهُ؟ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَيْ: عِبَارَةُ الْمَتْنِ تَصْدُقُ بِمَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ وَهِيَ لَا تُبْطِلُ الْعَقْدَ وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ أَوْ قَالَ الرَّاهِنُ إلَخْ ثُمَّ رَأَيْت عَنْ شَيْخِنَا وَحَجّ تَصْوِيرَهَا بِصُورَتَيْنِ أَيْ: كَوْنَ الْجِنَايَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ الْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ حَلَفَ مُنْكِرٌ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعَةٌ وَالْمُرْتَهِنُ يُنْكِرُ الْجِنَايَةَ فِي ثَلَاثَةٍ وَيُنْكِرُهَا الرَّاهِنُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ صُورَتَيْ الْأُولَى، فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُنْكِرَهَا الرَّاهِنُ فِي الْأُولَى لَيْسَ احْتِرَازًا عَنْ إنْكَارِهِ لَهَا فِي الثَّانِيَةِ بَلْ بَيَانٌ لِحَالَةِ إنْكَارِهِ لِأَنَّهُ لَا يُنْكِرُ إلَّا فِي الْأُولَى. (قَوْلُهُ فَعَلَى الْبَتِّ) أَيْ: لِأَنَّ فِعْلَ الْمَمْلُوكِ كَفِعْلِ الْمَالِكِ وَكَذَا يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ الْمُنْكِرُ عَنْ الْبَتِّ فِيمَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَهِيَ الصُّورَةُ الْأُخْرَى مِنْ صُورَتَيْ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمَالِكِ شَوْبَرِيٌّ وَح ل، وَاعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَالشَّارِحِ. .

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ حَلَفَ مُنْكِرٌ وَقَوْلُهُ وَبَقَاءُ الرَّهْنِ فِي الْأُولَى أَيْ: بَقَاءُ التَّوَثُّقِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يُرْفَعُ بِمُجَرَّدِ الْجِنَايَةِ، وَالْمُرَادُ بَقَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ وَإِلَّا فَيَبْقَى أَيْضًا لَوْ صَدَقَ الْمُقِرُّ بِالْجِنَايَةِ وَلَا يَفُوتُ الرَّهْنُ إلَّا إذَا بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ أَوْ قُتِلَ قَوَدًا لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ لِتَعَرُّضِهِ لِلزَّوَالِ بِالْبَيْعِ أَوْ الْقِصَاصِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>