للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنْهَا إلَّا بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّهْنَ الْوَضْعِيَّ أَقْوَى مِنْ الشَّرْعِيِّ (وَلَا يَمْنَعُ) تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِهَا (إرْثًا) إذْ لَيْسَ فِي الْإِرْثِ الْمُفِيدِ لِلْمِلْكِ أَكْثَرُ مِنْ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَوْرُوثِ تَعَلُّقَ رَهْنٍ أَوْ أَرْشٍ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ فِي الْمَرْهُونِ، وَالْعَبْدِ الْجَانِي وَتَقْدِيمِ الدَّيْنِ عَلَى الْإِرْثِ لِإِخْرَاجِهِ مِنْ أَصْلِ التَّرِكَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١١] لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ (فَلَا يَتَعَلَّقُ) أَيْ الدَّيْنُ (بِزَوَائِدِهَا) أَيْ التَّرِكَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لَوْ كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا وَأَدَّى الْبَعْضَ لَا يَنْفَكُّ وَتَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ خِلَافُهُ فَلْيُحَرَّرْ وَكَتَبَ أَيْضًا اُنْظُرْ لَوْ أَدَّى لِجَمِيعِ أَرْبَابِ الدَّيْنِ بَعْضَ مَالِ كُلٍّ شَوْبَرِيٌّ الظَّاهِرُ لَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنْهَا حَتَّى يُوَفِّيَ الْجَمِيعَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنْهَا إلَّا بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ) أَيْ كَمَا فِي الْمُوَرِّثِ؛ وَلِأَنَّ الرَّهْنَ صَدَرَ ابْتِدَاءً مِنْ وَاحِدٍ وَقَضِيَّتُهُ حَبْسُ كُلِّ الْمَرْهُونِ إلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ الدَّيْنِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ اثْنَيْنِ فَوَفَّى الرَّاهِنُ لِأَحَدِهِمَا نِصْفَ الدَّيْنِ لَمْ يَنْفَكَّ نَصِيبُهُ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَأَطَالَ فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ الرِّفْعَةِ حَيْثُ بَحَثَ أَنَّهُ يَنْفَكُّ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ سم (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ فِي الْإِرْثِ) أَيْ مَعَ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ: الْمُفِيدِ لِلْمُلْكِ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: وَقَضِيَّةُ كَوْنِهَا مِلْكُهُ إجْبَارُهُ عَلَى وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تَفِ بِالدَّيْنِ لِيُوَفِّيَ مَا ثَبَتَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ مُوَرِّثِهِ؛ وَلِأَنَّ الرَّاهِنَ يُجْبَرُ عَلَى الْوَفَاءِ مِنْ رَهْنٍ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ فَإِنْ امْتَنَعَ نَابَ الْحَاكِمُ عَنْهُ وَكَلَامُهُمْ فِي وَارِثِ عَامِلِ الْمُسَاقَاةِ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ انْتَهَى. أَقُولُ وَقَضِيَّةُ مَا قَرَّرَهُ أَنَّ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ مُطَالَبَةَ هَذَا الْوَارِثِ وَإِنْ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَى التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَكْثَرُ) أَيْ تَعَلُّقٌ أَكْثَرُ (قَوْلُهُ: بِالْمَوْرُوثِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: تَعَلُّقِ) أَيْ كَتَعَلُّقِ رَهْنٍ أَوْ أَرْشٍ وَقَوْلُهُ: وَذَلِكَ أَيْ تَعَلُّقُ الرَّهْنِ أَوْ الْأَرْشِ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ فِي الْمَرْهُونِ وَالْجَانِي أَيْ فَكَذَلِكَ تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا أَيْ لَيْسَ تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ أَكْثَرَ مِنْ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَرْهُونِ وَمِنْ تَعَلُّقِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ بِالْعَبْدِ الْجَانِي بَلْ مُسَاوٍ أَوْ أَقَلَّ وَالتَّعَلُّقُ بِهَذَيْنِ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ بِدَلِيلِ نُفُوذِ الْإِعْتَاقِ وَالْإِيلَادِ مِنْ الرَّاهِنِ الْمُوسِرِ وَالْأَظْهَرُ وَالْأَخْصَرُ فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يَقُولَ: إذْ لَيْسَ تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ أَكْثَرَ مِنْ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَرْهُونِ وَالْأَرْشِ بِالْجَانِي تَأَمَّلْ. .

وَعِبَارَةُ الرَّمْلِيِّ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَهُ بِهَا لَا يَزِيدُ عَلَى تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِالْمَرْهُونِ وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ فَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَحَذْفٌ وَزِيَادَةٌ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُ الدَّيْنِ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ: لَا يَمْنَعُ خَبَرُهُ وَهَذَا وَارِدٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يَمْنَعُ إرْثًا. وَحَاصِلُ الْإِيرَادِ أَنَّ مُقْتَضَى الْآيَةِ أَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ حَيْثُ قَيَّدَ فِيهَا بِقَوْلِهِ {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١١] فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَرَثَةَ لَا يَمْلِكُونَ التَّرِكَةَ إلَّا بَعْدَ إخْرَاجِ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ وَهَذَا يُنَافِي الْمُدَّعَى هُنَا. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ أَنَّ التَّقْدِيمَ فِي الْآيَةِ مِنْ حَيْثُ الْقِسْمَةُ وَالْإِخْرَاجُ لَا مِنْ حَيْثُ الِاسْتِحْقَاقُ أَيْ: إنَّهُ عَقْدُ الْقِسْمَةِ وَالتَّصَرُّفِ فِي التَّرِكَةِ يَجِبُ تَقْدِيمُ إخْرَاجِ الدَّيْنِ عَلَى أَخْذِ الْوَارِثِ حِصَّتَهُ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ اسْتَحَقَّ التَّرِكَةَ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ فَقَوْلُهُ: لِإِخْرَاجِهِ مِنْ أَصْلِ التَّرِكَةِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَيْهِ وَأَصْلُ الْكَلَامِ وَتَقْدِيمُ الدَّيْنِ عَلَى التَّرِكَةِ فِي قَوْله تَعَالَى إلَخْ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ أَيْ مِلْكَ الْوَارِثِ لَهَا لِإِخْرَاجِهِ مِنْ أَصْلِ التَّرِكَةِ أَيْ: لِكَوْنِ التَّقْدِيمِ مِنْ حَيْثُ الْإِخْرَاجُ وَالْقِسْمَةُ لَا مِنْ حَيْثُ الِاسْتِحْقَاقُ تَأَمَّلْ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ لِإِخْرَاجِ مُتَعَلِّقٌ بِتَقْدِيمٍ وَلَيْسَ عِلَّةً لِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَلَّقُ بِزَوَائِدِهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُتَّصِلَةً كَالسِّمَنِ فَتُقَوَّمُ مَهْزُولَةً ثُمَّ سَمِينَةً فَمَا زَادَ عَنْ قِيمَتِهَا مَهْزُولَةً اخْتَصَّ بِهِ الْوَرَثَةُ لَكِنْ عِبَارَةُ حَجّ بِزَوَائِدِ التَّرِكَةِ الْمُنْفَصِلَةِ.

وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُتَّصِلَةَ يَتَعَلَّقُ بِهَا الدَّيْنُ لَكِنَّهُ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْحَبِّ إذَا انْعَقَدَ بَعْدَ مَوْتِ الْمَدِينِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ لَا تَكُونُ رَهْنًا فَتُقَوَّمُ التَّرِكَةُ بِالزِّيَادَةِ وَبِدُونِهَا كَمَا سَبَقَ فَلْيُرَاجَعْ، وَلَوْ بَذَرَ أَرْضًا وَمَاتَ وَالْبَذْرُ مُسْتَتِرًا بِالْأَرْضِ لَمْ يَبْرُزْ مِنْهُ شَيْءٌ ثُمَّ ثَبَتَ وَبَرَزَ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ م ر يَكُونُ جَمِيعُ مَا بَرَزَ بِتَمَامِهِ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ هِيَ الْبَذْرُ وَهُوَ بِاسْتِتَارِهِ فِي الْأَرْضِ كَالتَّالِفِ وَمَا بَرَزَ مِنْهُ لَيْسَ عَيْنُهُ بَلْ غَيْرُهُ لَكِنَّهُ مُتَوَلِّدٌ وَنَاشِئٌ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ م ر وَأَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ بَحْثٌ مِنْهُ لَا نَقْلٌ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سم أَيْ فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْبَذْرَ حَالَ اسْتِتَارِهِ كَالْحَمْلِ وَهُوَ لِلْمُوَرِّثِ مُطْلَقًا انْتَهَى ع ش عَلَى م ر وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ عَنْ ق ل قَرِيبًا.

وَعِبَارَةُ الرَّمْلِيِّ: فَرْعٌ لَوْ مَاتَ وَتَرَكَ زَرْعًا لَمْ تَبْرُزْ سَنَابِلُهُ ثُمَّ سَنْبَلَ فَهَلْ تَكُونُ السَّنَابِلُ لِلْوَارِثِ أَمْ تَرِكَةً؟ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَيْ فَيَأْخُذُ الْوَارِثُ السَّنَابِلَ وَمَا زَادَ عَلَى مَا كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْمَوْتِ فَلَوْ بَرَزَتْ السَّنَابِلُ ثُمَّ مَاتَ وَصَارَتْ حَبًّا فَهَذَا مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ وَالْأَوْجَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>