وَيَكْسُوهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَإِنَّمَا اسْتَمَرَّ ذَلِكَ إلَى الْقَسْمِ؛ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ مَا لَمْ يَزَلْ مِلْكُهُ وَقَوْلِي بِلَيْلَتِهِ مِنْ زِيَادَتِي (إلَّا أَنْ يَغْتَنِيَ بِكَسْبٍ) لَائِقٍ بِهِ فَلَا يَمُونُهُ مِنْهُ وَيَصْرِفُ كَسْبَهُ إلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَيُرَدَّ إلَى الْمَالِ وَإِنْ نَقَصَ كَمَّلَ مِنْهُ فَإِنْ قَصَّرَ وَلَمْ يَكْتَسِبْ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُمَوِّنُ مِنْ مَالِهِ وَاخْتَارَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي خِلَافُهُ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ (وَيُتْرَكُ) مِنْ مَالِهِ (لِمُمَوِّنِهِ دُسْتُ ثَوْبٍ لَائِقٍ) بِهِ مِنْ قَمِيصٍ وَسَرَاوِيلَ وَعِمَامَةٍ وَكَذَا مَا يُلْبَسُ تَحْتَهَا فِيمَا يَظْهَرُ وَمَدَاسٍ وَخُفٍّ وَطَيْلَسَانٍ وَدُرَّاعَةٍ فَوْقَ الْقَمِيصِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْقَرِيبِ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ لَا تَجِبُ عَلَى الْمُعْسِرِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْيَسَارَ الْمُعْتَبَرَ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ غَيْرُهُ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ؛ لِأَنَّ الْمُوسِرَ فِي نَفَقَتِهِ مَنْ يَفْضُلُ مَالُهُ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ.
وَعِبَارَةُ الْمَتْنِ هُنَاكَ فَصْلٌ لَزِمَ مُوسِرًا وَلَوْ بِكَسْبٍ يَلِيقُ بِمَا يَفْضُلُ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ كِفَايَةَ أَصْلٍ وَفَرْعٍ لَمْ يَمْلِكَاهَا وَعَجَزَ الْفَرْعُ عَنْ كَسْبٍ يَلِيقُ إلَخْ وَالْمُرَادُ بِالْعِيَالِ فِي كَلَامِهِ مَا عَدَا الْأَصْلَ وَالْفَرْعَ وَفِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ مَنْ يَكُونُ دَخْلُهُ أَكْثَرَ مِنْ خَرْجِهِ (قَوْلُهُ: وَيَكْسُوهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ كِسْوَةَ الْمُعْسِرِينَ ح ل فَلَوْ كَسَا أُمَّ وَلَدِهِ بِمَا لَا يَلِيقُ بِهَا مَنَعْنَاهُ وَكَسَوْنَاهَا مَا يَلِيقُ بِخِلَافِ مَا إذَا فَعَلَ بِالزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ ذَلِكَ انْتَهَى حَوَاشِي رَوْضٍ أَيْ فَإِنَّهُمَا يَمْلِكَانِ مَا دَفَعَ لَهُمَا فَلَا يُبَدَّلُ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَسَا أُمَّ وَلَدِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ وَكَذَا الزَّوْجَةُ وَالْقَرِيبُ وَوُجِّهَ بِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا تَمْلِكُ ذَلِكَ فَتَحَقَّقَ مَنْعُهَا وَلَوْ بَعْدَ الْحَجْرِ.
بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ وَإِلَّا فَالْكَاسِي بَعْدَهُ إنَّمَا هُوَ الْحَاكِمُ بِالْمَعْرُوفِ فِي الْجَمِيعِ فَتَأَمَّلْ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اسْتَمَرَّ ذَلِكَ) أَيْ الْإِنْفَاقُ إلَى الْقَسْمِ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ أَيْ بِنَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ الْيَسَارَ الْمُعْتَبَرَ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ غَيْرُ الْيَسَارِ الْمُعْتَبَرِ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ ح ل (قَوْلُهُ: إلَى الْقَسْمِ) أَيْ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُوسِرٌ مَا لَمْ يَزَلْ مِلْكُهُ) أَيْ وَتَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِالْأَمْوَالِ بِطَرِيقِ الْعُرُوضِ وَإِلَّا فَهُوَ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَغْتَنِيَ) أَيْ الْمُفْلِسُ شَرْحُ م ر وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمُمَوَّنِهِ الشَّامِلِ لِأَقَارِبِهِ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَفْضُلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَائِقٌ بِهِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ مُزْرِيًا بِهِ فَلَوْ رَضِيَ بِمَا لَا يَلِيقُ بِهِ وَهُوَ مُبَاحٌ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ.
وَعِبَارَةُ م ر بِكَسْبٍ حَلَالٍ لَائِقٍ قَالَ ع ش فِي التَّقْيِيدِ بِهِمَا نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مَعَ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الْكَسْبِ لَا يُكَلَّفُهُ وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِمَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ إنْ اكْتَسَبَ غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ مَعَ حُصُولِ مَا اكْتَسَبَهُ فِي يَدِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ.
وَعِبَارَةُ خ ط وَلَوْ رَضِيَ بِمَا لَا يَلِيقُ بِهِ وَهُوَ مُبَاحٌ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَفَانَا مُؤْنَتَهُ اهـ فَيَتَحَصَّلُ مِمَّا هُنَا وَمِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ إنْ اكْتَسَبَ بِالْفِعْلِ لَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ امْتَنَعَ لَا يُكَلَّفُ الْكَسْبَ (قَوْلُهُ: وَيُصْرَفُ كَسْبُهُ إلَى ذَلِكَ) وَإِنْ كَانَ الْكَسْبُ لَا يَلْزَمُهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَّرَ وَلَمْ يَكْتَسِبْ) أَيْ وَإِنْ سَبَقَ لَهُ أَمْرٌ بِالِاكْتِسَابِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ) أَيْ الْقَاضِي يُمَوِّنُ مُمَوَّنَ الْمُفْلِسِ مِنْ مَالِهِ أَيْ الْمُفْلِسِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الِاكْتِسَابِ وَقَوْلُهُ: خِلَافَهُ وَهُوَ أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَى مَمُونِهِ مِنْ مَالِهِ بَلْ يُكَلَّفُ الِاكْتِسَابَ بِالنِّسْبَةِ لِقَرِيبِهِ وَلَا يُكَلَّفُ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ وَزَوْجَتِهِ لِقُدْرَتِهَا عَلَى الْفَسْخِ سم.
(قَوْلُهُ: دُسْتُ ثَوْبٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَيَّ أَفْضَلُ مِنْ الْمَيِّتِ وَالْمَيِّتُ يُقَدَّمُ كَفَنُهُ عَلَى الدَّيْنِ وَالدُّسْتُ لَفْظَةٌ أَعْجَمِيَّةٌ اُشْتُهِرَتْ فِي الشَّرْعِ وَهِيَ اسْمٌ لِلرِّزْمَةِ مِنْ الثِّيَابِ أَيْ الْجُمْلَةِ مِنْ الثِّيَابِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ اهـ اج وَعَلَيْهِ فَإِضَافَتُهُ لِثَوْبٍ بَيَانِيَّةٌ وَالْمُرَادُ بِالثَّوْبِ الْجِنْسُ قَالَ الشَّيْخُ س ل أَيْ كِسْوَةً كَامِلَةً وَلَوْ غَيْرَ جَدِيدَةٍ بِشَرْطِ أَنْ يَبْقَى فِيهَا نَفْعٌ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ وَلَيْسَ كُلُّ مَا ذَكَرَهُ مُتَعَيِّنًا إلَّا لِمَنْ تَخْتَلُّ مُرُوءَتُهُ بِتَرْكِ شَيْءٍ مِنْهُ إذْ الْوَاجِبُ مِنْ ذَلِكَ مَا تَخْتَلُّ الْمُرُوءَةُ بِفَقْدِهِ وَمِنْهَا الْمِنْدِيلُ وَالتِّكَّةُ (قَوْلُهُ: وَسَرَاوِيلُ) أَيْ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَلْبَسُ ذَلِكَ كَمَا فِي ح ل وَهُوَ مُعَرَّبٌ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَبِالنُّونِ بَدَلَ اللَّامِ وَبِالْمُعْجَمَةِ بَدَلَ الْمُهْمَلَةِ أَيْضًا قَالَ الْأَزْهَرِيُّ السَّرَاوِيلُ أَعْجَمِيَّةٌ عُرِّبَتْ وَجَاءَ السَّرَاوِيلُ عَلَى لَفْظِ الْجَمَاعَةِ وَهِيَ وَاحِدَةٌ وَأَوَّلُ مَنْ لَبِسَهُ الْخَلِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاشْتَرَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا صَحَّ وَلَمْ يَصِحَّ أَنَّهُ لَبِسَهُ وَوُجِدَ فِي تَرِكَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ (قَوْلُهُ: وَطَيْلَسَانٍ) وَهُوَ مَا يُجْعَلُ فَوْقَ الْعِمَامَةِ كَالشَّالِ وَالْفُوطَةِ شَيْخُنَا وَفِي الْمِصْبَاحِ الطَّيْلَسَانُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ قَالَ الْفَارَابِيُّ هُوَ فَيْعَلَانُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالْعَيْنِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ كَسْرُ الْعَيْنِ لُغَةٌ (قَوْلُهُ: وَدُرَّاعَةٍ) بِضَمِّ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ اسْمٌ لِلْمَلُوطَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُلْبَسُ فَوْقَ الْقَمِيصِ كَجُوخَةٍ وَجُبَّةٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَتْرُكُ لَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَلْبَسُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute