الْمَبِيعَةَ لَهُ (أَوْ بَنَى) فِيهَا (فَإِنْ اتَّفَقَ هُوَ وَغُرَمَاؤُهُ عَلَى قَلْعِهِ) أَيْ الْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ (قَلَعُوا) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ لَا يَعْدُوهُمْ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَهُمْ أَخْذَ قِيمَةِ الْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ لِيَتَمَلَّكَهُ مَعَ الْأَرْضِ، وَإِذَا قَلَعَ وَجَبَ تَسْوِيَةُ الْحُفَرِ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ وَإِذَا حَدَثَ فِي الْأَرْضِ نَقْصٌ بِالْقَلْعِ وَجَبَ أَرْشُهُ مِنْ مَالِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: يُضَارِبُ الْبَائِعُ بِهِ وَفِي الْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ وَالْكِفَايَةِ أَنَّهُ يُقَدَّمُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لِتَخْلِيصِ مَالِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ (أَوْ) اتَّفَقُوا عَلَى (عَدَمِهِ) أَيْ الْقَلْعِ (تَمَلَّكَهُ) أَيْ تَمَلَّكَ الْبَائِعُ الْغِرَاسَ أَوْ الْبِنَاءَ (بِقِيمَتِهِ أَوْ قَلْعِهِ وَغَرِمَ أَرْشَ نَقْصِهِ) ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمُفْلِسِ مَبِيعٌ كُلُّهُ وَالضَّرَرُ يَنْدَفِعُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَأُجِيبَ الْبَائِعُ لِمَا طَلَبَهُ مِنْهُمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ زَرَعَهَا الْمُشْتَرِي وَأَخَذَهَا الْبَائِعُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِلزَّرْعِ أَمَدًا يُنْتَظَرُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَأَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ؛ لِأَنَّهَا إمَّا مُتَمَيِّزَةٌ كَالْوَلَدِ وَكَالْغِرَاسِ أَوْ غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ كَخَلْطِ الْحِنْطَةِ بِأَجْوَدَ مِنْهَا أَوْ السَّمْنِ أَوْ صِفَةً كَالطَّحْنِ وَالْقِصَارَةِ (قَوْلُهُ: الْمَبِيعَةَ لَهُ) أَيْ أَوْ الْمُؤَجَّرَةَ لَهُ كَأَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا ثُمَّ غَرَسَهَا أَوْ بَنَى فِيهَا ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ لَهُ فَسْخُ مُعَاوَضَةٍ إلَخْ أَيْ ثُمَّ إنْ فَسَخَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ ضَارَبَ بِهَا وَإِلَّا فَسَخَ وَلَا مُضَارَبَةَ لِسُقُوطِ الْأُجْرَةِ بِالْفَسْخِ ع ش (قَوْلُهُ: فَإِنْ اتَّفَقَ هُوَ) أَيْ الْمُفْلِسُ وَغُرَمَاؤُهُ أَيْ غَيْرُ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: قَلَعُوا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَصْلَحَةٌ شَوْبَرِيٌّ أَيْ وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ غَرِيمٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ ثُمَّ.
لَوْ اتَّفَقَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ ظُهُورُ غَرِيمٍ آخَرَ فَهَلْ يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ أَمْ لَا وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ) هَذَا يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا مِنْ إلْزَامِ الْمُفْلِسِ بِأَخْذِ قِيمَةِ الْوَلَدِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِحُرْمَةِ التَّفْرِيقِ هُنَاكَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَظَرٌ كَمَا مَرَّ ق ل (قَوْلُهُ: لِيَتَمَلَّكَهُ مَعَ الْأَرْضِ إلَخْ) أَيْ مَعَ رُجُوعِهِ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَعَ تَمَلُّكِهِ الْأَرْضَ اهـ أَيْ لِيَتَمَلَّكَهُ بِعَقْدٍ مِنْ الْقَاضِي أَوْ الْمَالِكِ بِإِذْنِهِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَجَبَ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ) أَيْ بِإِعَادَةِ تُرَابِهَا فَقَطْ ثُمَّ إنْ حَصَلَ نَقْصٌ بِأَنْ لَمْ تَحْصُلْ التَّسْوِيَةُ بِالتُّرَابِ الْمُعَادِ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا لَزِمَ الْمُفْلِسُ الْأَرْشَ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ حَدَثَ فِي الْأَرْضِ نَقْصٌ) أَيْ بَعْدَ الرُّجُوعِ أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا أَرْشَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَيْبِ بِآفَةٍ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ س ل فَإِنْ قِيلَ لِمَ رَجَعَ بِأَرْشِ النَّقْصِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ فِيمَا إذَا وَجَدَ الْمَبِيعَ نَاقِصًا بَلْ يَرْجِعُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ. أُجِيبَ بِأَنَّ النَّقْصَ هُنَا حَصَلَ بَعْدَ رُجُوعِهِ (قَوْلُهُ: يُضَارِبُ الْبَائِعُ بِهِ) أَيْ بِالْأَرْشِ وَأُجْرَةِ مَا تُسَوَّى بِهِ الْحَفْرُ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمَذْكُورِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ زي بِالْمَعْنَى وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لِتَخْلِيصِ مَالِهِ) أَيْ وَجَبَ لِأَجْلِ تَخْلِيصِ مَالِهِ أَيْ مَالِ الْمُفْلِسِ وَهُوَ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ أَيْ وَجَبَ بِسَبَبِ تَخْلِيصِهِمَا مِنْ الْأَرْضِ فَهُوَ مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ، وَيَصِحُّ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْبَائِعِ وَيُرَادُ بِمَالِهِ الْأَرْضُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي ق ل (قَوْلُهُ: تَمَلَّكَهُ) أَيْ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى التَّمَلُّكِ فَلَوْ رَجَعَ وَلَمْ يَتَمَلَّكْ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الرُّجُوعِ س ل، وَالْعَقْدُ إمَّا مِنْ الْقَاضِي أَوْ مِنْ الْمَالِكِ بِإِذْنٍ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَيْعِ مَالِ الْمُفْلِسِ وَظَاهِرُهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْبَيْعِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِصِحَّتِهِ مِنْ الْعِلْمِ بِالثَّمَنِ أَنْ يَبْحَثُ عَنْ الْقِيمَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ حَتَّى يَعْرِفَ قَدْرَهَا ثُمَّ يَذْكُرَهَا فِي الْعَقْدِ وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ هُنَا بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك هَذَا بِقِيمَتِهِ وَيَعْرِضُ عَلَى أَرْبَابِ الْخِبْرَةِ لِيَعْرِفَ قَدْرَهَا، وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ هُنَا لِلْمُبَادَرَةِ فِي فَصْلِ الْأَمْرِ فِي مَالِ الْمُفْلِسِ انْتَهَى ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِقِيمَتِهِ) أَيْ مُسْتَحِقِّ الْقَلْعِ مَجَّانًا وَالْمُرَادُ قِيمَتُهُ وَقْتَ التَّمَلُّكِ س ل (قَوْلُهُ: أَوْ قَلَعَهُ) وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ لَا يَقْلَعَ إلَّا بَعْدَ رُجُوعِهِ فِي الْأَرْضِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْعِمْرَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَإِلَّا فَقَدْ يُوَافِقُهُمْ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ فَيَتَضَرَّرُونَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَصْلَحَةُ لَهُمْ فَلَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ رُجُوعِهِ.
وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ مُكِّنَ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَغَرِمَ أَرْشَ نَقْصِهِ) وَهُوَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا أَيْ مُسْتَحِقِّ الْقَلْعِ وَقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا ح ل (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَالَ الْمُفْلِسِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ تَمَلَّكَهُ
وَقَوْلُهُ وَالضَّرَرُ يَنْدَفِعُ إلَخْ عِلَّةٌ لِلْأَمْرَيْنِ وَقَوْلُهُ: بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَيْ التَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ وَالْقَلْعِ وَغَرِمَ أَرْشَ النَّقْصِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ زَرَعَهَا) هُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَلَوْ غَرَسَ أَوْ بَنَى وَقَوْلُهُ: الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْمُفْلِسُ وَانْظُرْ لِمَ أَظْهَرَ وَلَمْ يُضْمِرْ زي.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ لِلزَّرْعِ أَمَدًا يُنْتَظَرُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يُرَادُ لِلدَّوَامِ وَيُجَزُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ ع ش عَلَى م ر أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الزَّرْعِ بَيْنَ الَّذِي يُجَزُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَغَيْرِهِ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ أَيْ فَيُنْتَظَرُ زَمَنُ الْجَزِّ فَيَجُزُّهُ ثُمَّ يَأْخُذُ الْبَائِعُ أَرْضَهُ اهـ وَكَالزَّرْعِ فِي بَقَائِهِ مِنْ غَيْرِ أُجْرَةِ الثَّمَرَةُ عَلَى أَصْلِهَا كَمَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ ذَكَرَهُ الشَّوْبَرِيُّ أَيْ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ ع ش: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ مِثْلَ الزَّرْعِ فِي ذَلِكَ الشَّتْلُ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ لَا يَنْمُو إلَّا إذَا نُقِلَ إلَى غَيْرِ مَوْضِعِهِ اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute