للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَحْجُورِ سَفَهٍ وَمَرِيضٍ مَرَضَ مَوْتٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَمُكْرَهٍ وَلَوْ بِإِكْرَاهِ سَيِّدِهِ

(وَصَحَّ ضَمَانُ رَقِيقٍ) مُكَاتَبٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) لَا بِغَيْرِ إذْنِهِ كَنِكَاحِهِ (لَا لَهُ) مِنْ زِيَادَتِي أَيْ: لَا ضَمَانُهُ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ مَا يُؤَدِّي مِنْهُ مِلْكُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ ضَمَانِ الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ وَكَالرَّقِيقِ الْمُبَعَّضِ إنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةٌ أَوْ كَانَتْ وَضَمِنَ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ

(فَإِنْ عَيَّنَ لِلْأَدَاءِ جِهَةً)

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ كَشِرَائِهِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ إنْ ضَمِنَ فِي الذِّمَّةِ صَحَّ أَوْ فِي عَيْنٍ مِنْ الْأَعْيَانِ مَالَهُ لَا يَصِحُّ ع ش.

(قَوْلُهُ: لَا مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) فَلَوْ ادَّعَى الضَّامِنُ الصِّبَا أَوْ الْجُنُونَ وَقْتَ الضَّمَانِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ أَمْكَنَ الصِّبَا وَعُهِدَ الْجُنُونُ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ وَقْتَ الضَّمَانِ عَلَى الْأَوْجَهِ أَيْ: وَقَدْ عُهِدَ لَهُ بِذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الضَّمَانِ مُتَضَمِّنٌ لِدَعْوَاهُ الرُّشْدَ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ كَانَ سَفِيهًا بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَإِنْ قِيلَ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ ادَّعَى مَا ذُكِرَ فِي الْبَيْعِ لَمْ يُصَدَّقْ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْبَيْعَ مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ فَاحْتِيطَ لَهُ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ ذَلِكَ عِنْدَ التَّزْوِيجِ؛ لِأَنَّ الْأَبْضَاعَ يُحْتَاطُ لَهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَقَعُ بِشُرُوطِهَا ح ل.

(قَوْلُهُ: وَمَحْجُورِ سَفَهٍ) ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ ز ي، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا قَبْلَهُ ق ل.

(قَوْلُهُ: وَمَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ) مَحَلُّ عَدَمِ صِحَّةِ ضَمَانِ الْمَرِيضِ إذَا قَضَى الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَدَثَ لَهُ مَالٌ أَوْ أُبْرِئَ فَمَا أَطْلَقَهُ الشَّارِحُ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ كَمَا قَالَهُ حَجّ شَوْبَرِيٌّ أَيْ: فَيَتَبَيَّنُ صِحَّتُهُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَمُكْرَهٍ) أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ بِحَقٍّ أَمَّا مَا كَانَ بِحَقٍّ كَأَنْ نَذَرَ أَنْ يَضْمَنَ فُلَانًا ثُمَّ امْتَنَعَ فَأَكْرَهَهُ الْحَاكِمُ عَلَى الضَّمَانِ فَضَمِنَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ إعَادَةَ حَرْفِ النَّفْيِ بِأَنْ يَقُولَ: وَلَا مِنْ مُكْرَهٍ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: وَاخْتِيَارٌ وَإِسْقَاطُهَا رُبَّمَا يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ مُحْتَرَزِ قَوْلِهِ أَهْلِيَّةُ تَبَرُّعٍ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِكْرَاهِ سَيِّدِهِ) أَيْ: لِأَنَّهُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الِاسْتِخْدَامَاتِ شَرْحُ م ر.

وَعِبَارَةُ ق ل، وَلَوْ بِإِكْرَاهِ سَيِّدِهِ إذْ لَا مِلْكَ لِلسَّادَةِ عَلَى ذِمَمِ الْعَبِيدِ وَفَارَقَ صِحَّةَ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ بِإِكْرَاهِهِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَيَعُودَ ضَرَرُهُ عَلَيْهِ

. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ ضَمَانُ رَقِيقٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) نَعَمْ إنْ ضَمِنَ سَيِّدُهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِإِذْنِهِ قَالَهُ خ ط وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا م ر وز ي وَاعْتُبِرَا إذْنَ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يَضْمَنَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ لِأَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا وَلَوْ مُكَاتَبًا، وَلَوْ فِي دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ ق ل قَالَ الْحَلَبِيُّ: وَلَمْ يُفَرِّعْهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لَا يُقَالُ لَهُ أَهْلُ تَبَرُّعٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ أَهْلِيَّةِ التَّبَرُّعِ كَأَنَّهُ قَالَ: وَلَكِنْ صَحَّ ضَمَانُ رَقِيقٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) فَإِنَّهُ إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ، وَإِنَّمَا صَحَّ خُلْعُ أَمَةٍ بِمَالٍ فِي ذِمَّتِهَا بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَضْطَرُّ إلَيْهِ لِنَحْوِ سُوءِ عِشْرَةٍ وَإِذَا أَدَّى بَعْدَ عِتْقِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ لَا قَبْلَهُ أَيْ: وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ السَّيِّدِ بِقَدْرِ الْمَالِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي ضَمَانِهِ ح ل وَيُتَّجَهُ اشْتِرَاطُ عِلْمِهِمَا مَعًا لِلْمَضْمُونِ لَهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُطَالَبٌ كَمَا فِي س ل. (قَوْلُهُ: أَيْ: لَا ضَمَانَهُ شَخْصًا لِسَيِّدِهِ) بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِسَيِّدِهِ نَعَمْ إنْ ضَمِنَ سَيِّدُهُ لِلْغَيْرِ صَحَّ كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُ أَوَّلًا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ، وَهُوَ لِسَيِّدِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى سَيِّدِهِ، وَإِنْ أَدَّاهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَدَّى مَا ضَمِنَهُ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ بِالْإِذْنِ مِنْهُ وَمِنْ سَيِّدِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ فَإِنَّ حَقَّ الرُّجُوعِ لَهُ لَا لِسَيِّدِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ مَنْفَعَةَ الرَّقِيقِ فِي ضَمَانِ سَيِّدِهِ وَقَعَتْ لِلسَّيِّدِ فَكَأَنَّهُ اسْتَوْفَاهَا حَالَ رِقِّهِ بِخِلَافِهَا فِي تِلْكَ فَإِنَّهَا وَقَعَتْ لِلْأَجْنَبِيِّ فَكَانَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ، وَلَوْ ضَمِنَ السَّيِّدُ دَيْنًا وَجَبَ عَلَى عَبْدِهِ بِمُعَامَلَةٍ صَحَّ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ فِيمَا أَدَّاهُ عَنْهُ، وَلَوْ بَعْدَ عِتْقِهِ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الضَّمَانِ س ل.

(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ التَّعْلِيل، وَهُوَ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَا يُؤَدَّى مِنْهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِسَيِّدِهِ) أَيْ: حَيْثُ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ ح ل.

(قَوْلُهُ: الْمُبَعَّضُ) ثُمَّ إنْ أَذِنَ السَّيِّدُ فِي نَوْبَتِهِ فَهَلْ يَكُونُ مَا يُؤَدِّيهِ مِنْ الْكَسْبِ الْوَاقِعِ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ دُونَ الْعَبْدِ أَوْ مِنْ كَسْبِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِي نَوْبَتِهِ أَوْ نَوْبَةِ السَّيِّدِ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ ادَّعَى الْمُبَعَّضُ أَنَّ ضَمَانَهُ بِغَيْرِ الْإِذْنِ كَانَ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُهُ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ كَمَا لَوْ ادَّعَى الضَّامِنُ الصِّبَا عِنْدَ الضَّمَانِ وَأَمْكَنَ سم عَلَى حَجّ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ إلَخْ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صِحَّةِ شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ حِينَئِذٍ بِأَنَّ الضَّمَانَ فِيهِ الْتِزَامُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ، وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ حِينَئِذٍ. فَإِنْ قُلْتَ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ صِحَّةُ هِبَتِهِ حِينَئِذٍ. قُلْتُ: يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْتِزَامَ الذِّمَّةِ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ يُحْتَاطُ لَهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا فَاشْتُرِطَ لَهُ عَدَمُ حَجْرٍ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا وَالنَّوْبَةُ لَهُ لَا غَيْرَ س ل

. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَيَّنَ) أَيْ: وَقَّتَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>