وَبِذَلِكَ عُلِمَ شَرْطُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَهُوَ كَوْنُهُ مَدِينًا
(وَصَحَّ ضَمَانُ دَرَكٍ) وَيُسَمَّى ضَمَانَ عُهْدَةٍ (بَعْدَ قَبْضِ مَا يَضْمَنُ) كَأَنْ يَضْمَنَ لِمُشْتَرٍ الثَّمَنَ أَوْ لِبَائِعٍ الْمَبِيعَ (إنْ خَرَجَ مُقَابِلُهُ مُسْتَحِقًّا أَوْ مَعِيبًا) وَرَدَ (أَوْ نَاقِصًا لِنَقْصِ صِفَةٍ) شُرِطَتْ (أَوْ صَنْجَةٍ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَرَدَ وَذَلِكَ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَمَا وَجَّهَ بِهِ الْقَوْلَ بِبُطْلَانِهِ مِنْ أَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ أُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنْ خَرَجَ الْمُقَابِلُ كَمَا ذَكَرَ تَبَيَّنَ وُجُوبُ رَدِّ الْمَضْمُونِ وَلَا يَصِحُّ قَبْلَ قَبْضِ الْمَضْمُونِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ وَلِسُقُوطِهَا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي ز ي
. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ ضَمَانُ دَرْكٍ) ، وَهُوَ التَّبِعَةُ أَيْ الْمُطَالَبَةُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِالْتِزَامِهِ الْغَرَامَةَ عِنْدَ إدْرَاكِ الْمُسْتَحِقِّ عَيْنَ مَالِهِ وَمُطَالَبَتِهِ بِهِ فَيَقُولُ فِي صِيغَتِهِ ضَمِنْتُ عُهْدَةَ الثَّمَنِ أَوْ دَرَكَهُ أَوْ خَلَاصَكَ مِنْهُ ح ل، وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَثُبُوتُهُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الدَّيْنِ وَضَمَانُ الدَّرَكِ ضَمَانُ عَيْنٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى ضَمَانِ الدَّيْنِ بِتَلَفِ الْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ؛ لِأَنَّهُ يُطَالَبُ بِبَدَلِهَا وَقَالَ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ: أَصْلُ الدَّرَكِ التَّبِعَةُ أَيْ الْمُطَالَبَةُ وَالْمُؤَاخَذَةُ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَضْمُونَ هُوَ الثَّمَنُ أَوْ الْمَبِيعُ لَا نَفْسُ التَّبِعَةِ فَالدَّرَكُ هُنَا إمَّا بِمَعْنَى الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ أَوْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: ذَا دَرَكٍ، وَهُوَ الْحَقُّ الْوَاجِبُ لِلْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ عِنْدَ إدْرَاكِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ مُسْتَحَقًّا، وَهُوَ الثَّمَنُ أَوْ الْمَبِيعُ وَوَجْهُ تَسْمِيَتِهِ بِالدَّرَكِ كَوْنُهُ مَضْمُونًا بِتَقْدِيرِ الدَّرَكِ أَيْ: إدْرَاكِ الْمُسْتَحِقِّ عَيْنَ مَالِهِ وَمُطَالَبَتِهِ وَمُؤَاخَذَتِهِ بِهِ انْتَهَى قَالَ م ر: وَالْمَضْمُونُ هُنَا حَاصِلُهُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ فَالْمَضْمُونُ ضَمَانُ عَيْنٍ لَا تَجِبُ قِيمَتُهُ عِنْدَ التَّلَفِ كَضَمَانِ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ عَيَّنَ فَالْمَضْمُونُ ضَمَانُ ذِمَّةٍ فَيُطَالَبُ بِعَيْنِهِ إنْ بَقِيَ وَسَهُلَ رَدُّهُ وَقِيمَتُهُ لِلْحَيْلُولَةِ إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ وَالْبَدَلُ الشَّرْعِيُّ إنْ تَلِفَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَبِيعِ، وَلَوْ أَطْلَقَ ضَمَانَ الدَّرَكِ أَوْ الْعُهْدَةِ اخْتَصَّ بِمَا خَرَجَ مُسْتَحَقًّا إذْ هُوَ الْمُتَبَادَرُ لَا مَا خَرَجَ فَاسِدًا بِغَيْرِ الِاسْتِحْقَاقِ. اهـ. س ل.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ قَبْضِ مَا يُضْمَنُ) خَرَجَ مَا لَوْ بَاعَ الْحَاكِمُ مَالٍ غَائِبٍ لِلْمُدَّعِي بِدَيْنِهِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ دَرَكَهُ لِعَدَمِ الْقَبْضِ فِي الثَّمَنِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الدَّرَكِ لَا يَكُونُ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ ح ل وَالْمُرَادُ بِالْقَبْضِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ فَلَا تَكْفِي الْحَوَالَةُ بِهِ كَمَا فِي س ل.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ يَضْمَنَ لِمُشْتَرٍ) أَوْ مُسْتَأْجِرٍ. (قَوْلُهُ: الثَّمَنَ) أَيْ: الْمُعَيَّنَ ابْتِدَاءً أَوْ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ عَيَّنَهُ أَيْ: وَقَدْ عَلِمَ قَدْرَهُ ح ل.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِبَائِعٍ) أَوْ لِمُؤَجِّرٍ فَيَرُدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَسَهُلَ رَدُّهُ وَقِيمَتُهُ لِلْحَيْلُولَةِ إنْ عَسُرَ رَدُّهُ هَذَا إنْ كَانَ مُعَيَّنًا ابْتِدَاءً فَإِنْ عَيَّنَ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ رَدَّهُ فَإِنْ تَلِفَ رَدَّ بَدَلَهُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ، وَهُوَ فِي الْأَوَّلِ مِنْ ضَمَانِ الْأَعْيَانِ وَفِي الثَّانِي مِنْ ضَمَانِ الْأَمْوَالِ أَيْ الدُّيُونِ ح ل، وَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَانِعَةُ خُلُوٍّ. (قَوْلُهُ: إنْ خَرَجَ مُقَابِلُهُ مُسْتَحَقًّا) أَيْ: أَوْ مَأْخُوذًا بِشُفْعَةٍ وَصُورَتُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ حِصَّةً مِنْ عَقَارٍ ثُمَّ يَبِيعُهَا لِآخَرَ وَيَقْبِضُ مِنْهُ الثَّمَنَ فَيَضْمَنُ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي رَدَّ الثَّمَنِ إنْ أَخَذَهَا الشَّرِيكُ الْقَدِيمُ بِالشُّفْعَةِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ نَاقِصًا) لَوْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالضَّامِنُ فِي نَقْصِ الصَّنْجَةِ صُدِّقَ الضَّامِنُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ أَوْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي صَدَقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْمُشْتَرِي كَانَتْ مَشْغُولَةً بِخِلَافِ الضَّامِنِ إلَّا إنْ اعْتَرَفَ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ وَيَصِحُّ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَكَذَا عُهْدَةُ الْمُسْلِمِ فِيهِ بَعْدَ أَدَائِهِ لِلْمُسْلِمِ إنْ اسْتَحَقَّ رَأْسَ الْمَالِ الْمُعَيَّنِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ بِهِ أَنَّهُ هُنَاكَ يُطَالَبُ بِبَدَلِهِ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ وَهُنَا يُطَالَبُ بِنَفْسِهِ س ل. (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الصَّادِ) وَالسِّينُ أَفْصَحُ مِنْ الصَّادِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ حَجّ وَفِي الْمُخْتَارِ صَنْجَةُ الْمِيزَانِ مُعَرَّبَةٌ وَلَا تَقُلْ سَنْجَةٌ انْتَهَى ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أُجِيبَ عَنْهُ إلَخْ) مُحَصِّلُ هَذَا الْجَوَابِ مَنْعُ الْإِيرَادِ أَيْ، بَلْ هُوَ ضَمَانُ مَا وَجَبَ لَكِنْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَهُوَ جَوَابٌ آخَرُ غَيْرُ الْجَوَابِ بِأَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى فَمُرَادُ الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ وَصَحَّ إلَخْ تَحْقِيقُ قَوْلِهِ ثُبُوتُهُ أَيْ: وَلَوْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ الِاسْتِثْنَاءَ كَمَا قِيلَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ كَلَامَهُ فِي الشَّرْحِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: تَبَيَّنَ وُجُوبُ رَدِّ الْمَضْمُونِ) أَيْ: فَاكْتَفَى بِذَلِكَ وَحَيْثُ عُلِمَ أَنَّ الضَّمَانَ الْمُعَيَّنَ ابْتِدَاءً مِنْ ضَمَانِ الْأَعْيَانِ وَالْمُعَيَّنَ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ مِنْ ضَمَانِ الدُّيُونِ وَسْطَ ضَمَانِ الدَّرَكِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ ح ل، وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي غَيْرِ الْمُسْتَحَقِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ وُجُوبُ الرَّدِّ فِيهِ أَيْ: رَدِّ الْمَضْمُونِ اهـ شَوْبَرِيٌّ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ رَدُّ الْمَضْمُونِ أَوْ الْأَرْشِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ قَبْلَ قَبْضِ الْمَضْمُونِ) أَيْ: وَلَا مَعَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ ضَمَانَهُ لَهُ بِحَسَبِ صِيغَتِهِ صُوَرٌ فَإِنْ قَالَ: ضَمِنْتُهُ إنْ خَرَجَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute