وَتَعْبِيرِي بِالتِّجَارَةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالتَّصَرُّفِ
(وَ) شَرْطٌ (فِي الْعَاقِدَيْنِ أَهْلِيَّةُ تَوْكِيلٍ وَتَوَكُّلٍ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَكِيلٌ عَنْ الْآخَرِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا هُوَ الْمُتَصَرِّفُ اُشْتُرِطَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ التَّوَكُّلِ وَفِي الْآخَرِ أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ فَقَطْ حَتَّى يَجُوزَ كَوْنُهُ أَعْمَى كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ
(وَفِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَوْنُهُ مِثْلِيًّا) نَقْدًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ دَرَاهِمَ مَغْشُوشَةً اسْتَمَرَّ فِي الْبَلَدِ رَوَاجُهَا فَلَا تَصِحُّ فِي مُتَقَوِّمٍ غَيْرِ مَا يَأْتِي إذْ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ مَا ذُكِرَ بِقَوْلِي (خُلِطَ) بَعْضُهُ بِبَعْضٍ (قَبْلَ عَقْدٍ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ) لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى الشَّرِكَةِ فَلَا يَكْفِي الْخَلْطُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَوْ بِمَجْلِسِهِ فَيُعَادُ الْعَقْدُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَوْضُوعَةٌ لِلْإِخْبَارِ وَاسْتِعْمَالُهَا فِي غَيْرِهِ بِحَيْثُ تَكُونُ حَقِيقَةً فِيهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ عَنْ الْخَبَرِ، وَقَدْ ثَبَتَ النَّقْلُ فِي صِيَغِ الْعُقُودِ فَصَارَ الْإِنْشَاءُ مِنْهَا مُرَادًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَمْ يَثْبُتْ النَّقْلُ عَنْ الْخَبَرِ فِي اشْتَرَكْنَا فَبَقِيَ عَلَى أَصْلِهِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالتَّصَرُّفِ) لِأَنَّ التَّصَرُّفَ يَشْمَلُ غَيْرَ التِّجَارَةِ مِنْ الْهِبَةِ وَنَحْوِهَا كَالْقَرْضِ أَوْ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ لَا يَشْمَلُ مُقَابَلَةً فَالتَّصَرُّفُ بِالْبَيْعِ لَا يَشْمَلُ الشِّرَاءَ وَعَكْسُهُ فَتَأَمَّلْ اط ف وَفِي الْإِسْنَوِيِّ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ التِّجَارَةَ أَعَمُّ مِنْ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّهَا تَشْمَلُ التَّصَرُّفَ فِي أَمْوَالِ التِّجَارَةِ وَأَعْوَاضِهَا أَيْ: أَثْمَانِهَا، وَأَمَّا التَّصَرُّفُ فَلَا يَشْمَلُ التَّصَرُّفَ فِي الْأَعْوَاضِ إلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهِ س ل وحج
. (قَوْلُهُ: أَهْلِيَّةُ تَوْكِيلٍ وَتَوَكُّلٍ) أَيْ: إنْ كَانَا يَتَصَرَّفَانِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا هُوَ الْمُتَصَرِّفُ إلَخْ، وَفِيهِ إحَالَةٌ عَلَى مَجْهُولٍ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ شُرُوطَ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ مَشْهُورَةٌ. (قَوْلُهُ: عَنْ الْآخَرِ) أَيْ: وَمُوَكِّلٌ لَهُ، وَلَعَلَّ حِكْمَةَ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْأَوَّلِ تَلَازُمُهُمَا اط ف. (قَوْلُهُ: كَوْنُهُ أَعْمَى) اُنْظُرْ كَيْفَ يَصِحُّ عَقْدُ الْأَعْمَى عَلَى الْعَيْنِ، وَهُوَ الْمَالُ الْمَخْلُوطُ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ عَقْدُ تَوْكِيلٍ وَتَوْكِيلُهُ جَائِزٌ كَمَا سَيَأْتِي وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ صِحَّةُ قِرَاضِهِ سم عَلَى حَجّ ع ش عَلَى م ر، وَأَمَّا خَلْطُ الْمَالِ وَتَسْلِيمُهُ لِلشَّرِيكِ فَيُوَكِّلُ فِيهِ
. (قَوْلُهُ: كَوْنُهُ مِثْلِيًّا) ، وَلَوْ تَبَرَّأَ فَلَا تَخْتَصُّ الشَّرِكَةُ بِالنَّقْدِ الْمَضْرُوبِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ كَمَا يَأْتِي شَرْحُ م ر.
(وَقَوْلُهُ: وَلَوْ دَرَاهِمَ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ النَّقْدُ دَرَاهِمَ ع ش. (قَوْلُهُ: اسْتَمَرَّ فِي الْبَلَدِ) أَيْ: بَلَدِ التَّصَرُّفِ فِيمَا يَظْهَرُ أَيْ: حَيْثُ كَانَتْ بَلَدُ التَّصَرُّفِ غَيْرَ بَلَدِ الْعَقْدِ بِأَنَّ نَصَّ عَلَيْهَا، وَلَوْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ اُحْتُمِلَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِبَلَدِ الْعَقْدِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: فِي مُتَقَوِّمٍ) بِكَسْرِ الْوَاوِ أَيْ: لِأَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ وَلَا يَصِحُّ الْفَتْحُ عَلَى أَنْ يَكُونَ اسْمَ مَفْعُولٍ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ تَقَوَّمَ، وَهُوَ قَاصِرٌ وَاسْمُ الْمَفْعُولِ لَا يُبْنَى إلَّا مِنْ مُتَعَدٍّ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: غَيْرُ مَا يَأْتِي) ، وَهُوَ قَوْلُهُ: أَوْ مُشَاعًا ح ل وَقَالَ ع ش: أَيْ: فِي قَوْلِهِ أَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا بَعْضَ عَرَضِهِ بِبَعْضِ عَرَضِ الْآخَرِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: خَلْطُ بَعْضِهِ إلَخْ) لَوْ عَبَّرَ بِاخْتِلَاطٍ لَكَانَ أَوْلَى ق ل وَانْظُرْ وَجْهَهُ وَفِي ع ش هَلَّا قَالَ: اخْتَلَطَ لِيَشْمَلَ مَا خَلَطَهُ غَيْرُهُ أَوْ نَحْوُهُ رِيحٌ وَحِينَئِذٍ فَخَلْطُ الْأَعْمَى لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَكْفِي اهـ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ هَذَا الْإِيرَادُ لِجَوَازِ حَمْلِ خُلِطَ عَلَى مَعْنَى قَامَ بِهِ الْخَلْطُ كَمَا فِي حُمَّ وَزُكِمَ وَنَحْوِهِمَا. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ إلَخْ) أَيْ: عِنْدَ الْعَاقِدَيْنِ، وَإِنْ تَمَيَّزَ عِنْدَ غَيْرِهِمَا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ ع ش عَلَى م ر قَالَ حَجّ فِي الْإِيعَابِ مَا حَاصِلُهُ لَوْ كَانَ مُتَمَيِّزًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَغَيْرَ مُتَمَيِّزٍ بَعْدَهُ فَهَلْ يَصِحُّ نَظَرًا لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ لَا يَصِحُّ نَظَرًا لِحَالَةِ الْعَقْدِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.
أَقُولُ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِجَوَازِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْحَالَةِ الَّتِي لَا يَتَغَيَّرُ فِيهَا وَبَقِيَ عَكْسُهُ وَيُحْتَمَلُ الصِّحَّةُ أَيْضًا وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الصِّحَّةِ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُ مَا قَالَهُ حَجّ بِأَنْ يَكُونَ بِكُلٍّ مِنْ النَّقْدَيْنِ عَلَامَةٌ تُمَيِّزُهُ عَنْ الْآخَرِ لَكِنْ عَرَضَ قُبَيْلَ الْعَقْدِ مَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كَطِلَاءٍ أَوْ صَدَإٍ أَوْ نَحْوِهِ يَمْنَعُ مِنْ التَّمْيِيزِ وَقْتَ الْعَقْدِ لَكِنَّهُ يُعْلَمُ زَوَالُهُ بَعْدُ وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ بُطْلَانُ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ مَنْ يُرِيدُ الِاشْتِرَاكَ فِي زِرَاعَةِ الْقَمْحِ مَثَلًا مِنْ أَنَّ أَحَدَهُمَا يَبْذُرُ يَوْمًا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَالْآخَرُ يَوْمًا وَهَكَذَا إلَى تَمَامِ الزِّرَاعَةِ لِعَدَمِ الِاخْتِلَاطِ فَيَخْتَصُّ كُلٌّ بِمَا يَبْذُرُهُ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ فِيمَا يُقَابِلُهُ وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ أَنْ يَخْلِطَ مَا يُرَادُ بَذْرُهُ ثُمَّ يَبْذُرَ بَعْدَ ذَلِكَ. اهـ. ع ش عَلَى م ر فَلَوْ جَمَعَ الزَّرْعَ بَعْدَ الْحَصَادِ عِنْدَ الدِّيَاسَةِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فَإِنَّهُ يَقْسِمُ مَا حَصَلَ مِنْهُ مِنْ قَمْحٍ وَتِبْنٍ وَغَيْرِهِمَا عَلَى حَسَبِ الْبَذْرِ. (قَوْلُهُ: لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى الشَّرِكَةِ) تَعْلِيلٌ لِلْحَيْثِيَّةِ أَيْ: مَعْنَاهَا الشَّرْعِيِّ، وَهُوَ ثُبُوتُ الْحَقِّ فِي شَيْءٍ عَلَى جِهَةِ الشُّيُوعِ أَوْ الْعَقْدِ الَّذِي يَقْتَضِي الثُّبُوتَ الْمَذْكُورَ وَالْمَعْنَى الْمَذْكُورُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا إذَا وُجِدَتْ الْحَيْثِيَّةُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي الْخَلْطُ بَعْدَ الْعَقْدِ) أَيْ: وَلَا مَعَهُ كَمَا هُوَ الْوَجْهُ، وَإِنْ تَنَافَى فِيهِ الْمَفْهُومَانِ انْتَهَى ش ب وَنُقِلَ هَذَا عَنْ ز ي وَتَوَقَّفَ ع ش وَاسْتَقْرَبَ الِاكْتِفَاءَ بِالْمَعِيَّةِ إلْحَاقًا لَهَا بِالْقَبْلِيَّةِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا يَتِمُّ حَالَةَ عَدَمِ التَّمْيِيزِ، وَهُوَ كَافٍ. اهـ. اط ف.
(قَوْلُهُ: فَيُعَادُ الْعَقْدُ) أَيْ: الْإِذْنُ فِي التَّصَرُّفِ بِرْمَاوِيٌّ