للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَاسْتِيفَاءِ عُقُوبَةٍ) لِآدَمِيٍّ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ أَوْ لِلَّهِ كَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَحَدِّ زِنًا وَشُرْبٍ وَلَوْ فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ

(لَا) فِي (إقْرَارٍ) أَيْ: لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ بِأَنْ يَقُولَ: لِغَيْرِهِ وَكَّلْتُكَ لِتُقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِكَذَا فَيَقُولُ الْوَكِيلُ أَقْرَرْتُ عَنْهُ بِكَذَا أَوْ جَعَلْتُهُ مُقِرًّا بِكَذَا؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ فَلَا يَقْبَلُ التَّوْكِيلَ كَالشَّهَادَةِ لَكِنَّ الْمُوَكِّلَ يَكُونُ مُقِرًّا بِالتَّوْكِيلِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ لِإِشْعَارِهِ بِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ

(وَ) لَا فِي (الْتِقَاطٍ) كَمَا فِي الِاغْتِنَامِ تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الْوَلَايَةِ عَلَى شَائِبَةِ الِاكْتِسَابِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَ) لَا فِي (عِبَادَةٍ) كَصَلَاةٍ وَطَهَارَةِ حَدَثٍ؛ لِأَنَّ مُبَاشِرَهَا مَقْصُودٌ بِعَيْنِهِ ابْتِلَاءً (إلَّا فِي نُسُكٍ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَيَنْدَرِجُ فِيهِ تَوَابِعُهُ كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَتَطَهُّرِهِ (وَدَفْعِ نَحْوِ زَكَاةٍ) كَكَفَّارَةٍ (وَذَبْحِ نَحْوِ أُضْحِيَّةٍ) كَعَقِيقَةٍ لِمَا ذُكِرَ فِي أَبْوَابِهَا، وَتَعْبِيرِي بِالنُّسُكِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْحَجِّ، وَنَحْوِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ زِيَادَتِي

(وَلَا) فِي (شَهَادَةٍ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

لَا بِعَيْنِهِ فَلَوْ قَصَدَ نَفْسَهُ وَالْمُوَكِّلُ كَانَ مُشْتَرِكًا بَيْنَهُمَا وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ بِأُجْرَةٍ وَعَيَّنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ أَمْرًا خَاصًّا كَأَنْ قَالَ لَهُ: احْتَطِبْ لِي هَذِهِ الْحُزْمَةَ الْحَطَبَ مَثَلًا بِكَذَا فَإِنَّهُ يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ أَمْرًا خَاصًّا كَأَنْ قَالَ لَهُ: احْتَطِبْ لِي حُزْمَةَ حَطَبٍ بِكَذَا فَاحْتَطَبَهَا وَقَصَدَ نَفْسَهُ وَقَعَتْ لَهُ وَكَانَ عَمَلُ الْإِجَارَةِ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ، فَيَحْتَطِبُ غَيْرَهَا ع ش اط ف، وَالْمُرَادُ قَصْدُهُ الْوَكِيلَ وَاسْتَمَرَّ قَصْدُهُ فَلَوْ عَنَّ لَهُ قَصْدُ نَفْسِهِ بَعْدَ قَصْدِ مُوَكِّلِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَيَمْلِكُهُ مِنْ حِينَئِذٍ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَاسْتِيفَاءَ عُقُوبَةٍ) ، وَلَوْ قَبْلَ ثُبُوتِهَا شَوْبَرِيٌّ وم ر. (قَوْلُهُ: لِآدَمِيٍّ) بَلْ يَتَعَيَّنُ فِي قَوَدِ طَرَفٍ وَحَدِّ قَذْفٍ أَمَّا التَّوْكِيلُ فِي إثْبَاتِ عُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَصِحُّ لِبِنَائِهَا عَلَى الدَّرْءِ مَا أَمْكَنَ حَجّ قَالَ سم: قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي خَبَرِ «اُغْدُ يَا أُنَيْسٌ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» فَإِنَّ قَوْلَهُ: فَإِنْ اعْتَرَفَتْ تَوْكِيلٌ مِنْ الْإِمَامِ بِإِثْبَاتِ الرَّجْمِ وَفِي اسْتِيفَائِهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ فَإِذَا دَامَتْ عَلَى الِاعْتِرَافِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ اعْتَرَفَتْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بَلَغَهُ اعْتِرَافُهَا بِطَرِيقٍ مُعْتَبَرٍ انْتَهَى وَمَحَلُّ عَدَمِ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِي إثْبَاتِ عُقُوبَةِ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُنْ تَبَعًا بِأَنْ يَقْذِفَ آخَرَ وَيُطَالِبَهُ بِحَدِّ الْقَذْفِ فَلَهُ أَنْ يَدْرَأَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِإِثْبَاتِ زِنَاهُ، وَلَوْ بِالْوَكَالَةِ فَإِذَا ثَبَتَ حَدٌّ فَإِثْبَاتُهُ تَبَعٌ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِالذَّاتِ دَرْءُ حَدِّ الْقَذْفِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فِي إثْبَاتِ عُقُوبَةِ آدَمِيٍّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ز ي ح ل وس ل. (قَوْلُهُ: أَوْ لِلَّهِ) بِأَنْ يُوَكِّلَ فِيهَا الْإِمَامَ أَوْ السَّيِّدَ شَرْحُ م ر. (وَقَوْلُهُ: وَلَوْ فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ) بِأَنْ أَذِنَ نَحْوُ السُّلْطَانِ لِصَاحِبِ الْحَقِّ بِالِاسْتِيفَاءِ فَلَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُوَكِّلَ وَهَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ بِالنَّظَرِ لِاسْتِيفَاءِ عُقُوبَةِ الْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِيهِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقِيلَ لَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي اسْتِيفَائِهَا أَيْ: عُقُوبَةِ الْآدَمِيِّ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ لِاحْتِمَالِ عَفْوِهِ وَرُدَّ بِأَنَّ احْتِمَالَهُ كَاحْتِمَالِ رُجُوعِ الشُّهُودِ إذَا ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَمْتَنِعُ الِاسْتِيفَاءُ فِي غَيْبَتِهِمْ اتِّفَاقًا

. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ: وَبِعَلَيَّ فَيَكُونُ مُقِرًّا جَزْمًا كَمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُقِرًّا جَزْمًا إذَا أَتَى بِعَلَيَّ فَقَطْ شَيْخُنَا،.

وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ لِتُقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ فَإِنْ زَادَ عَلَيَّ، فَهُوَ إقْرَارٌ قَطْعًا، وَإِنْ قَالَ: أَقِرَّ عَلَيَّ لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا قَطْعًا، وَكَذَلِكَ إنْ حَذَفَ عَنِّي وَعَلَيَّ لَا يَكُونُ إقْرَارًا قَطْعًا بِأَنْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ لِتُقِرَّ لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ وَخَالَفَ ح ل فِي عَلَيَّ فَقَالَ: إنَّهُ يَكُونُ مُقِرًّا؛ لِأَنَّهَا أَوْلَى مِنْ عَنِّي. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِعَلَيَّ وَعَنِّي يَكُونُ إقْرَارًا قَطْعًا، وَإِنْ حَذَفَهُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا قَطْعًا، وَإِنْ أَتَى بِأَحَدِهِمَا يَكُونُ إقْرَارًا عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ح ل وَعَلَى كَلَامِ ق ل وع ش وز ي لَا يَكُونُ مُقِرًّا قَطْعًا إذَا أَتَى بِعَلَيَّ.

(قَوْلُهُ: وَالْتِقَاطٌ) مَحَلُّهُ إذَا كَانَ فِي عَامٍّ أَمَّا إذَا كَانَ فِي خَاصٍّ كَأَنْ رَأَى لُقَطَةً فَقَالَ لِصَاحِبِهِ: هَاتِهَا فَأَخَذَهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامَيْ الشَّيْخَيْنِ فَكَلَامُهُمَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى الْعَامِّ كَمَا تَقَرَّرَ وَمَا فِي اللُّقَطَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْخَاصِّ ز ي وع ش (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الِاغْتِنَامِ) أَيْ: بِأَنْ وَكَّلَهُ فِي أَخْذِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ مِقْدَارَ مَا يَخُصُّهُ مِنْهَا كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: وَأَنْ يَكُونَ الْمُوَكَّلُ فِيهِ مَعْلُومًا، وَلَوْ بِوَجْهٍ اط ف.

(قَوْلُهُ: تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الْوَلَايَةِ) إنْ قُلْتَ: مَا الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْكِيلِ فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحِ. قُلْتُ الْفَرْقُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ تَغْلِيبًا لِشَائِبَةٍ إلَخْ أَيْ: بِخِلَافِ تَمَلُّكِ الْمُبَاحِ فَإِنَّهُ لَا وَلَايَةَ فِيهِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَا فِي عِبَادَةٍ) أَيْ: سَوَاءٌ تَوَقَّفَتْ عَلَى نِيَّةٍ كَمَا مَثَّلَ أَوْ لَا كَالْأَذَانِ إطْفِيحِيٌّ وَخَرَجَ بِالْعِبَادَةِ التَّوْكِيلُ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التُّرُوكِ س ل وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا صَبُّ الْمَاءِ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: ابْتِلَاءً) أَيْ: اخْتِبَارًا مِنْ اللَّهِ لَهُ أَيْ: الْمَقْصُودُ مِنْهَا امْتِحَانُ الْمُكَلَّفِ. (قَوْلُهُ: وَيَنْدَرِجُ فِيهِ تَوَابِعُهُ) أَيْ: الْمُتَقَدِّمَةُ وَالْمُتَأَخِّرَةُ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ) هَلْ مِثْلُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ الصَّوْمُ الْوَاجِبُ بَدَلَ نَحْوِ دَمِ الْقِرَانِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ إتْيَانُهُ بِالْكَافِ أَوْ لَا؟ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ وُجُوبَهُ بِطَرِيقِ الْعُرُوضِ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الدَّمِ بِخِلَافِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ هُوَ الْأَوْجَهُ شَوْبَرِيٌّ

. (قَوْلُهُ: وَلَا فِي شَهَادَةٍ إلَخْ) فَإِنْ قُلْتَ هَلَّا جَعَلَ هَذِهِ الصُّوَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>