واختلاف ما يذكر فيها، فبعضهم يذكر شيئا لم يذكره الآخر، وبعضهم يسقط شيئا ذكره الآخر.
وأجيب: بأنه لا يدل على التعدد، لأن بعض الرواة قد يحذف بعض الخبر للعلم به، أو ينساه. وقال الحافظ ابن كثير: من جعل كل رواية خالفت الآخرى مرة على حدة فأثبت إسراآت متعددة فقد أبعد وأغرب، وهرب إلى غير مهرب، ولم يحصل على مطلب. ولم ينقل ذلك عن أحد من السلف.
ولو تعدد هذا التعدد لأخبر- صلى الله عليه وسلم- به أمته، ولنقله الناس على التعدد والتكرار. انتهى.
وقد وقع فى رواية عبثر بن القاسم- بموحدة ثم مثلاثة بوزن جعفر- فى رواية عن حصين بن عبد الرحمن، عند الترمذى والنسائى: لما أسرى برسول الله- صلى الله عليه وسلم- جعل يمر بالنبى ومعه الواحد، الحديث. فإن كان ذلك محفوظا كان فيه قوة لمن ذهب إلى تعدد الإسراء، وأن الذى وقع بالمدينة أيضا غير الذى وقع بمكة.
قال فى فتح البارى: والذى يتحرر فى هذه المسألة أن الإسراء الذى وقع بالمدينة ليس فيه ما وقع بمكة، من استفتاح أبواب السماء بابا بابا، ومن التقاء الأنبياء كل واحد فى سماء، ولا المراجعة معهم، ولا المراجعة مع موسى فيما يتعلق بفرض الصلاة، ولا فى طلب تخفيفها وسائر ما يتعلق بذلك. وإنما تكررت قضايا كثيرة سوى ذلك رآها- صلى الله عليه وسلم- فمنها بمكة البعض، ومنها بالمدينة بعد الهجرة البعض، ومعظمها فى المنام والله أعلم. انتهى.
وقال بعض العارفين: إن له- صلى الله عليه وسلم- أربعة وثلاثين مرة، الذى أسرى به منها إسراء واحد بجسمه، والباقى بروحه رؤيا رآها. انتهى. فالحق: أنه إسراء واحد، بروحه وجسده يقظة، فى القصة كلها. إلى هذا ذهب الجمهور من علماء المحدثين والفقهاء والمتكلمين، وتواردت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة، ولا ينبغى العدول عن ذلك، إذ ليس فى العقل ما يحيله. قال الرازى: قال أهل التحقيق: الذى يدل على أنه تعالى أسرى بروح محمد- صلى الله عليه وسلم- وجسده