للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدين التفتازانى لمطلق أفضليته- صلى الله عليه وسلم- بقوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ «١» قال: لأنه لا شك أن خيرية الأمة بحسب كمالهم فى الدين، وذلك تابع لكمال نبيهم الذى يتبعونه.

واستدل الفخر الرازى- فى المعالم- بأنه تعالى وصف الأنبياء بالأوصاف الحميدة، ثم قال لمحمد- صلى الله عليه وسلم-: أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ «٢» ، فأمره أن يقتدى بأثرهم، فيكون إتيانه به واجبا، وإلا فيكون تاركا للأمر، وإذا أتى بجميع ما أتوا به من الخصال الحميدة فقد اجتمع فيه ما كان متفرقا فيهم، فيكون أفضل منهم، وبأن: دعوته- صلى الله عليه وسلم- فى التوحيد والعبادة وصلت إلى أكثر بلاد العالم بخلاف سائر الأنبياء، فظهر أن انتفاع أهل الدنيا بدعوته- صلى الله عليه وسلم- أكمل من انتفاع سائر الأمم بدعوة سائر الأنبياء فوجب أن يكون أفضل من سائر الأنبياء. انتهى. وقد روى الترمذى عن أبى سعيد الخدرى قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدى لواء الحمد ولا فخر، وما من نبى آدم فمن سواه إلا تحت لوائى» «٣» . وفى حديث أبى هريرة مرفوعا- عند البخارى-: «أنا سيد الناس يوم القيامة» «٤» وهذا يدل على أنه أفضل من آدم- عليه السّلام- ومن كل أولاده بل أفضل من الأنبياء، بل أفضل الخلق كلهم.

وروى البيهقى فى فضائل الصحابة، أنه ظهر على بن أبى طالب من البعد، فقال- صلى الله عليه وسلم-: «هذا سيد العرب» فقالت عائشة: ألست بسيد العرب؟

فقال: «أنا سيد العالمين وهو سيد العرب» «٥» وهذا يدل على أنه أفضل


(١) سورة آل عمران: ١١٠.
(٢) سورة الأنعام: ٩٠.
(٣) صحيح: أخرجه الترمذى (٣١٤٨) فى التفسير، باب: ومن سورة بنى إسرائيل، و (٣٦١٥) فى المناقب، باب: فى فضل النبى- صلى الله عليه وسلم-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .
(٤) صحيح: أخرجه البخارى (٤٧١٢) فى التفسير، باب: ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً.
(٥) أخرجه الحاكم فى «المستدرك» (٣/ ١٣٤) بنحوه.