للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما قاله المحققون، من بدع المفسرين، ومثلها قول الواسطى، فيما حكاه القاضى عياض فى «الشفاء» ، أراد: يا طاهر يا هادى.

وأما على قول من قال: إنها كلمة مفيدة، ففيه وجهان: أحدهما، أن معناه: يا رجل، وهو مروى عن ابن عباس والحسن ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وعكرمة. قال سعيد بن جبير: بلسان النبطية، وقال قتادة: بلسان السريانية، وقال عكرمة: بلسان الحبشية. وقال البيضاوى: إن صح إن معناه:

يا رجل فلعل أصله: يا هذا فتصرفوا فيه بالقلب والاختصار، انتهى.

وقال الكلبى «١» : لو قلت فى «عكّ» «٢» يا رجل، لم يجبك حتى تقول: طه. وقال السدى: معنى طه يا فلان. وقال الزمخشرى: لعل «عكا» تصرفوا فى «يا هذا» كأنهم فى لغتهم قالبون «الياء» «طاء» فقالوا: فى «يا طاء» واختصروا هذا فاقتصروا على «ها» ، وأثر الصيغة ظاهر لا يخفى فى البيت المستشهد به:

إن السفاهة طه فى خلائقكم ... لا قدس الله أخلاق الملاعين

قال فى البحر: وقد كان قدم أن «طه» فى لغة «عك» فى معنى يا رجل، ثم تخوض وتجرأ على «عك» بما لا يقوله نحوى، وهو أنهم قلبوا «الياء» «طاء» وهذا لا يوجد فى لسان العرب قلب «الياء» التى للنداء «طاء» وكذلك حذف اسم الإشارة فى النداء وإقرار «ها» التى للتنبيه، انتهى.

وقيل: معناه يا إنسان. وقرئ (طه) بإسكان الهاء، على أنه أمر له- صلى الله عليه وسلم- بأن يطأ الأرض بقدميه. وقد روى أنه- صلى الله عليه وسلم- كان يقوم فى تهجده على إحدى رجليه، فأمر أن يطأ الأرض بقدميه معا، وأن الأصل «طاء» فقلبت همزته هاء، كما قالوا «هياك» فى: «إياك» ، و «هرقت» فى: أرقت.

ويجوز أن يكون الأصل من وطئ على ترك الهمزة، فيكون أصله «طا» يا


(١) الكلبى: ضعيف، وكذلك السدى الذى بعده.
(٢) هو: عك بن عدنان أخو معد، قبائل باليمن إليهما تنسب، والمقصد إذا قلت باليمن.