للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجل ثم أثبتت الهاء فيها للوقف. وعلى هذا يحتمل أن يكون أصل «طه» :

طاها، والألف مبدلة من الهمزة والهاء كناية عن الأرض. لكن يرد ذلك:

كتبهما على صورة الحرف.

وأما قوله تعالى: ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى «١» فذكروا فى سبب نزولها أقوالا:

أحدها: أن أبا جهل والوليد بن المغيرة ومطعم بن عدى قالوا لرسول الله- صلى الله عليه وسلم-: إنك لتشقى حيث تركت دين آبائك، فقال- صلى الله عليه وسلم-: «بل بعثت رحمة للعالمين» فأنزل الله تعالى هذه الآية ردّا عليهم، وتعريفا له- صلى الله عليه وسلم- بأن دين الإسلام والقرآن هو السلّم إلى نيل كل فوز، والسبب فى إدراك كل سعادة، وما فيه الكفرة هو الشقاوة بعينها.

وثانيها: أنه- صلى الله عليه وسلم- صلى بالليل حتى تورمت قدماه، فقال له جبريل:

أبق على نفسك، فإن لها عليك حقّا. أى ما أنزلناه عليك لتنتهك نفسك بالعبادة وتذيقها المشقة العظيمة، وما بعثت إلا بالحنيفية السمحاء. وروى أنه كان إذا قام من الليل ربط صدره بحبل حتى لا ينام. وقال بعضهم: كان يسهر طول الليل. وتعقب: بأنه بعيد، لأنه- صلى الله عليه وسلم- إن فعل شيئا من ذلك فلابد أن يكون قد فعله بأمر الله تعالى، وإذا فعله عن أمره فهو من باب السعادة لا من باب الشقاوة.

وثالثها: قال بعضهم: يحتمل أن يكون المراد، لا تشق على نفسك وتعذبها بالأسف على كفر هؤلاء، فإنما أنزلنا عليك القرآن لتذكر به من آمن، فمن آمن وأصلح فلنفسه، ومن كفر فلا يحزنك كفره، فما عليك إلا البلاغ، وهذا كقوله: لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ «٢» فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ «٣» .


(١) سورة طه: ٢.
(٢) سورة الشعراء: ٣.
(٣) سورة لقمان: ٢٣.