للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدميرى والزركشى، أنه لا أصل له. نعم روى أبو نعيم فى فضل العالم العفيف بسند ضعيف عن ابن عباس رفعه: أقرب الناس من درجة النبوة أهل العلم والجهاد. وقيل: الكوثر كثرة الأتباع والأشياع.

وعن بعضهم: المراد بالكوثر العلم، وحمله عليه أولى لوجوه: أحدها أن العلم هو الخير الكثير، والثانى: إما أن يحمل الكوثر على نعم الآخرة أو على نعم الدنيا، قال: والأول غير جائز لأنه قال: إن أعطيناك الكوثر، والجنة سيعطيها لا أنه أعطاها، فوجب حمل الكوثر على ما وصل إليه فى الدنيا، وأشرف الأمور الواصلة إليه فى الدنيا هو العلم والنبوة، فوجب حمل اللفظ على العلم، والثالث: أنه لما قال إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ «١» قال عقبه: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ «٢» والشىء الذى يتقدم على العبادة هو المعرفة، ولأن «الفاء» فى قوله (فصل) للتعقيب، ومعلوم أن الموجب للعبادة ليس إلا العلم.

وقيل الكوثر الخلق الحسن كما فى حديث: ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة «٣» . رواه الطبرانى. وعن ابن عباس: جميع نعم الله على نبيه- صلى الله عليه وسلم-.

وبالجملة: فليس حمل الآية على بعض هذه النعم أولى من حملها على الباقى، فوجب حملها على الكل، ولذا روى أن سعيد بن جبير لما روى هذا القول عن ابن عباس قال له بعضهم: إن ناسا يزعمون أنه نهر فى الجنة، فقال سعيد: النهر الذى فى الجنة من الخير الذى أعطاه الله إياه.

قال الإمام فخر الدين بن الخطيب: قال بعض العلماء: ظاهر قوله تعالى: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ «٤» يقتضى أنه تعالى قد أعطاه ذلك الكوثر فيجب أن يكون الأقرب حمله على ما آتاه الله من النبوة والقرآن والذكر


(١) سورة الكوثر: ١.
(٢) سورة الكوثر: ٢.
(٣) ذكره الهيثمى فى «المجمع» (٨/ ٢٤) و (١٠/ ٤١٨) وعن أم سلمة وقال: رواه الطبرانى فى الأوسط والكبير بنحوه، وفى إسنادهما سليمان بن أبى كريمة، وهو ضعيف.
(٤) سورة الكوثر: ١.