للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فانتفاء محبتهم لله لازم لانتفاء المتابعة لرسوله، وانتفاء المتابعة ملزوم لانتفاء محبة الله لهم، فيستحيل حينئذ ثبوت محبتهم لله وثبوت محبة الله لهم بدون المتابعة لرسوله- صلى الله عليه وسلم- فدل على أن متابعة الرسول هى حب الله ورسوله وطاعة أمره، ولا يكفى ذلك فى العبودية حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، فلا يكون شىء أحب إليه من الله ورسوله، ومتى كان شىء عنده أحب إليه منهما فهذا هو الشرك الذى لا يغفر لصاحبه ألبتة ولا يهديه الله، قال الله تعالى: قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ «١» ، فكل من قدم طاعة أحد من هؤلاء على طاعة الله ورسوله أو قول أحد منهم على قول الله ورسوله، أو مرضاة أحد منهم على مرضاة الله ورسوله، أو خوف أحد منهم ورجاءه والتوكل عليه على خوف الله ورجائه والتوكل عليه، أو معاملة أحد منهم على معاملة الله ورسوله، فهو ممن ليس الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وإن قال بلسانه فهو كذب منه، وإخبار بما ليس هو عليه. انتهى ملخصا من كتاب «مدارج السالكين» ، وسيأتى مزيد لذلك- إن شاء الله تعالى- فى مقصد محبته- صلى الله عليه وسلم-.

وقال تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ «٢» . أى إلى الصراط المستقيم، فجعل رجاء الاهتداء أثر الأمرين، الإيمان بالرسول واتباعه، تنبيها على أن من صدقه ولم يتابعه بالتزام شرعه فهو فى الضلالة، فكل ما أتى به الرسول- صلى الله عليه وسلم- يجب علينا اتباعه إلا ما خصه الدليل.

وقال تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا «٣» يعنى القرآن،


(١) سورة التوبة: ٢٤.
(٢) سورة الأعراف: ١٥٨.
(٣) سورة التغابن: ٨.