للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له أمير، وكان تحت راية ذلك الأمير جمع، فإذا أراد أن يأمر الرعية بأمر مخصوص فإنه لا يوجه خطابه إليهم، بل يوجهه إلى ذلك الأمير ليكون ذلك أقوى تأثيرا فى قلوبهم.

الثانى: قال الفراء: علم الله تعالى أن رسوله- صلى الله عليه وسلم- غير شاك، ولكن هذا كما يقول الرجل لولده: إن كنت ابنى فبرنى، ولعبده: إن كنت عبدى فأطعنى.

الثالث: أن يقال لضيق الصدر شاك، يقول: إن ضقت ذرعا بما تعانى من تعنتهم وأذاهم فاصبر واسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك كيف صبر الأنبياء على أذى قومهم، وكيف كان عاقبة أمرهم من النصر، فالمراد تحقيق ذلك والاستشهاد بما فى الكتب المتقدمة، وأن القرآن مصدق لما فيها، أو تهييج الرسول- صلى الله عليه وسلم- وزيادة تثبيته، أو يكون على سبيل الفرض والتقدير، لا إمكان وقوع الشك له، ولذلك قال- صلى الله عليه وسلم-: «لما نزلت هذه الآية: والله لا أشك ولا أسأل» .

وأما الوجه الثانى- وهو أن المخاطب غيره- صلى الله عليه وسلم- فتقريره: أن الناس كانوا فى زمانه- صلى الله عليه وسلم- فرقا ثلاثة: المصدقون به، والمكذبون له، والمتوقفون فى أمره الشاكون فيه فخاطبهم الله تعالى بهذا الخطاب فقال: فإن كنت فى شك أيها الإنسان مما أنزلنا إليك من الهدى على لسان نبينا- صلى الله عليه وسلم- فاسأل أهل الكتاب ليدلوك على صحة نبوته، وهذا مثل قوله تعالى: يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ «١» ويا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ «٢» وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ «٣» فإن المراد «بالإنسان» هنا الجنس، لا إنسان بعينه، فكذا هنا، ولما ذكر الله تعالى لهم ما يزيل ذلك الشك حذرهم من أن يلحقوا


(١) سورة الانفطار: ٦.
(٢) سورة الانشقاق: ٦.
(٣) سورة الزمر: ٨.