للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالقسم الثانى وهم المكذبون فقال: وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ «١» .

وأما قوله تعالى: وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ «٢» . أى فى أنهم لا يعلمون ذلك، أو يكون المراد:

قل لمن امترى يا محمد، لا تكونن من الممترين فليس الخطاب له وأنه- صلى الله عليه وسلم- يخاطب به غيره. وقيل غير ذلك.

وأما قوله تعالى: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ «٣» . فقال القاضى عياض: لا يلتفت إلى قول من قال: لا تكونن ممن يجهل أن الله لو شاء لجمعهم على الهدى، إذ فيه إثبات الجهل بصفة من صفاته تعالى، وذلك لا يجوز على الأنبياء، والمقصود وعظهم أن لا يتشبهوا فى أمورهم بسمات الجاهلين، وليس فى الآية دليل على كونه على تلك الصفة التى نهاه الله عن الكون عليها، فأمره الله تعالى- صلى الله عليه وسلم- بالتزام الصبر على إعراض قومه، ولا يخرج عند ذلك فيقارب حال الجاهل بشدة التحسر حكاه أبو بكر بن فورك.

وقيل: معنى الخطاب لأمته- صلى الله عليه وسلم-، أى فلا تكونوا من الجاهلين.

حكاه أبو محمد مكى، قال: ومثله فى القرآن كثير، وكذلك قوله تعالى:

وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ «٤» فالمراد غيره، كما قال تعالى: إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا «٥» وقوله تعالى: فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ «٦» ولَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ «٧» وما أشبه ذلك فالمراد غيره، وأن هذه حال من


(١) سورة يونس: ٩٥.
(٢) سورة الأنعام: ١١٤.
(٣) سورة الأنعام: ٣٥.
(٤) سورة الأنعام: ١١٦.
(٥) سورة آل عمران: ١٤٩.
(٦) سورة الشورى: ٢٤.
(٧) سورة الزمر: ٦٥.