ومعنى حلاوة الإيمان: استلذاذ الطاعات وتحمل المشقات فى الدين، ويؤثر ذلك على أغراض الدنيا، ومحبة العبد لله تعالى تحصل بفعل طاعته وترك مخالفته، وكذلك الرسول، قال النووى: وقال غيره: معناه أن من استكمل الإيمان علم أن حق الله ورسوله أكد عليه من حق والده وولده وجميع الناس، لأن الهدى من الضلال، والخلاص من النار، إنما كان على لسان رسوله.
وفى قوله- صلى الله عليه وسلم-: «حلاوة الإيمان» استعارة تخييلية، فإنه شبه رغبة المؤمن فى الإيمان بشىء حلو، وأثبت له لازم ذلك الشىء وأضافه إليه، وفيه تلميح إلى قصة المريض والصحيح، لأن المريض الصفراوى يجد طعم العسل مرّا، والصحيح يذوق حلاوته على ما هى، وكلما نقصت القوة شيئا ما، نقص ذوقه بقدر ذلك.
وقال العارف ابن أبى حمزة: واختلف فى الحلاوة المذكورة هل هى محسوسة أو معنوية، فحملها قوم على المعنى وهم الفقهاء، وحملها قوم على المحسوس وأبقوا اللفظ على ظاهره من غير أن يتأولوه وهم أهل الصفة، أو قال الصوفة. قال: والصواب معهم فى ذلك والله أعلم، لأن ما ذهبوا إليه أبقوا لفظ الحديث على ظاهره من غير تأويل. قال: ويشهد إلى ما ذهبوا إليه أحوال الصحابة والسلف الصالح وأهل المعاملات، فإنه حكى عنهم أنهم وجدوا الحلاوة محسوسة.
فمن ذلك: حديث بلال حين صنع به ما صنع فى الرمضاء إكراها على الكفر، وهو يقول أحد أحد، فمزج مرارة العذاب بحلاوة الإيمان. وكذلك أيضا عند موته، أهله يقولون: واكرباه، وهو يقول: واطرباه، غدا ألقى الأحبة محمدا وصحبه، فمزج مرارة الموت بحلاوة اللقاء وهى حلاوة الإيمان.
ومنها حديث الصحابى الذى سرق فرسه بليل وهو فى الصلاة، فرأى السارق حين أخذه فلم يقطع لذلك صلاته، فقيل له فى ذلك فقال: ما كنت فيه ألذ من ذلك، وليس ذاك إلا لحلاوة الإيمان التى وجدها محسوسة فى وقته ذلك.