للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها حديث الصحابيين اللذين جعلهما- صلى الله عليه وسلم- فى بعض مغازيه من قبل العدو، وقد أقبل فرآهما، فكبل الجاسوس القوس ورمى الصحابى فأصابه، فبقى على صلاته ولم يقطعها، ثم رماه ثانية فأصابه فلم يقطع لذلك صلاته، ثم رماه ثالثة فأصابه، فعند ذلك أيقظ صاحبه وقال: لولا أنى خفت على المسلمين ما قطعت صلاتى «١» . وليس ذاك إلا لشدة ما وجد فيها من الحلاوة التى أذهبت عنه ما يجد من ألم السلاح. قال: ومثل هذا حكى عن كثير من أهل المعاملات. انتهى.

وحديث هذين الصحابيين ذكره البخارى فى صحيحه فى باب «من لم ير الوضوء إلا من المخرجين» بلفظ: ويذكر عن جابر أن النبى- صلى الله عليه وسلم- كان فى غزوة «ذات الرقاع» فرمى رجل بسهم فنزفه الدم فركع وسجد ومضى فى صلاته. وقد وصله ابن إسحاق فى المغازى فقال: حدثنى صدقة بن يسار عن عقيل عن جابر عن أبيه مطولا، وأخرجه أحمد وأبو داود والدار قطنى وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، كلهم من طريق ابن إسحاق. قال فى فتح البارى، وشيخه «صدقة» ثقة، وعقيل- بفتح العين- لا أعرف راويا عنه غير صدقة. ولهذا لم يجزم به البخارى، أو لكونه اختصره، أو للخلاف فى ابن إسحاق. وأخرجه البيهقى فى الدلائل من وجه آخر، وسمى أحدهما: عباد بن بشر الأنصارى، وعمار بن ياسر من المهاجرين، والسورة الكهف.

وإنما قال: (مما سواهما) ولم يقل «ممن» ليعم من يعقل ومن لا يعقل وفى قوله: (وأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما) دليل على أنه لا بأس بهذه التثنية، وأما قوله للذى خطب فقال: «ومن يعصهما» «بئس


(١) حسن: أخرجه البخارى تعليقا فى الوضوء، باب: من لم ير الوضوء إلا من المخرجين، ووصله أبو داود (١٩٨) فى الطهارة، باب: الوضوء من الدم، وأحمد فى «المسند» (٣/ ٣٤٣ و ٣٥٩) من حديث جابر- رضى الله عنه-، والحديث حسنه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» .