للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخطيب أنت» «١» فليس بمن هذا، لأن المراد فى الخطب الإيضاح، وأما هاهنا فالمراد الإيجاز فى اللفظ ليحفظ، ويدل عليه أن النبى- صلى الله عليه وسلم- قال فى موضع آخر: «ومن يعصهما فلا يضر إلا نفسه» «٢» . وقيل: إنه من قوله تعالى:

أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «٣» فأعاد (أطيعوا) الصوم، فى مقصد عباداته- عليه الصلاة والسلام-.

ومن محاسن الأجوبة فى الجمع بين هذا الحديث وقصة الخطيب، أن تثنية الضمير هنا للإيماء إلى أن المعتبر هو المجموع المركب من المحبتين، لا كل واحدة منهما، فإنها وحدها لاغية إذا لم يرتبط بالآخرى، فمن يدعى حب الله مثلا ولا يحب رسوله لا ينفعه ذلك، ويشير إليه قوله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ «٤» فأوقع متابعته مكتنفة بين قطرى محبة العباد لله، ومحبة الله للعباد. وأما أمر الخطيب بالإفراد فلأن كل واحد من العصيانين مستقل باستلزام الغواية، إذ العطف فى تقدير التكوير، والأصل استقلال كل واحد من المعطوفين فى الحكم، ويشير إليه قوله تعالى: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «٥» فأعاد (أطيعوا) فى الرسول ولم يعده فى أولى الأمر، لأنهم لا استقلال لهم فى الطاعة كاستقلال الرسول.

انتهى ملخصا من كلام البيضاوى والطيبى، كما فى فتح البارى.

وفى الصحيح: «ذاق طعم الإيمان من رضى بالله ربّا وبالإسلام دينا،


(١) صحيح: والحديث أخرجه مسلم (٨٧٠) فى الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة، من حديث عدى بن حاتم- رضى الله عنه-.
(٢) ضعيف: أخرجه أبو داود (١٠٩٧) فى الصلاة، باب: الرجل يخطب على قوس، و (٢١١٩) فى النكاح، باب: فى خطبة النكاح، من حديث ابن مسعود- رضى الله عنه-، إلا أن الحديث ضعفه الشيخ الألبانى فى «ضعيف سنن أبى داود» .
(٣) سورة النساء: ٥٩.
(٤) سورة آل عمران: ٣١.
(٥) سورة النساء: ٥٩.