للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى الترمذى عن أنس مرفوعا: (ومن أحيا سنتى فقد أحبنى، ومن أحبنى كان معى فى الجنة) «١» . وعن ابن عطاء: من ألزم نفسه آداب السنة نور الله قلبه بنور المعرفة، ولا مقام أشرف من مقام متابعة الحبيب فى أوامره ونواهيه، وأفعاله وأخلاقه. وقال أبو إسحاق الرقى- من أقران الجنيد-:

علامة محبة الله إيثار طاعته ومتابعة نبيه- صلى الله عليه وسلم-. وعن غيره: ولا يظهر على أحد شىء من نور الإيمان إلا باتباع السنة ومجانبة البدعة. فأما من أعرض عن الكتاب والسنة، ولم يتلق العلم من مشكاة الرسول- صلى الله عليه وسلم- بدعواه علما لدنيّا أوتيه فهو من لدن النفس والشيطان، وإنما يعرف كون العلم لدنيّا روحانيّا بموافقته لما جاء به الرسول عن ربه تعالى، فالعلم اللدنى نوعان:

لدنى رحمانى ولدنى شيطانى، والمحك هو الوحى، ولا وحى بعد الرسول- صلى الله عليه وسلم-.

وأما قصة موسى مع الخضر فالتعلق بها فى تجويز الاستغناء عن الوحي بالعلم اللدنى إلحاد وكفر، يخرج عن الإسلام، موجب لإراقة الدم، والفرق:

أن موسى- عليه السّلام- لم يكن معبوثا إلى الخضر، ولم يكن الخضر مأمورا بمتابعته، ولو كان مأمورا بها لوجب عليه أن يهاجر إلى موسى ويكون معه.

ولهذا قال له: أنت موسى نبى بنى إسرائيل؟ قال: نعم «٢» ، ومحمد- صلى الله عليه وسلم- مبعوث إلى جميع الثقلين، فرسالته عامة للجن والإنس فى كل زمان، ولو كان موسى وعيسى حيين لكانا من أتباعه.

فمن ادعى أنه مع محمد كالخضر مع موسى، أو جوز ذلك لأحد من الأمة، فليجدد إسلامه، وليتشهد بشهادة الحق، فإنه مفارق لدين الإسلام بالكلية، فضلا عن أن يكون من خاصة أولياء الله تعالى. وإنما هو من أولياء الشيطان وحلفائه ونوابه.


(١) ضعيف: والحديث أخرجه الترمذى (٢٦٧٨) فى العلم، باب: ما جاء فى الأخذ بالسنة واجتناب البدع، والحديث ضعفه الشيخ الألبانى فى «ضعيف سنن الترمذى» .
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (٢٣٨٠) فى الفضائل، باب: من فضائل الخضر- عليه السّلام-، من حديث أبى بن كعب- رضى الله عنه-، بنحوه.